شنّت إسرائيل هجومًا غير مبرر على إيران في وقت كانت الأخيرة منخرطة في مفاوضات نووية مع الولايات المتحدة، دون أي ذريعة مقنعة أو دليل على نية إيران تطوير سلاح نووي. الادعاء بأن إسرائيل "تدافع عن نفسها" روّج له قادة الغرب وإعلامه، رغم افتقاده لأي أساس قانوني.

وقال الصحفي جوناثان كوك في مقال نشره موقع ميدل إيست آي: "لطالما زعم بنيامين نتنياهو أن إيران تقترب من إنتاج قنبلة نووية، منذ تسعينيات القرن الماضي، دون أن يتحقق أيٌّ من تحذيراته. ورغم تأكيد تقارير المخابرات الأميركية، ومنها تصريح رئيسة الاستخبارات الوطنية تولسي جابارد، أن إيران لا تطوّر سلاحًا نوويًا، تجاهل الرئيس ترامب هذا التقييم، وأرسل طائرات حربية إلى الشرق الأوسط، وطالب باستسلام إيران، وأطلق تهديدات مبطنة باغتيال مرشدها الأعلى".

الهجوم الإسرائيلي، الذي سبق اجتماعًا دبلوماسيًا مهمًا بين واشنطن وطهران، يُعدّ جريمة عدوان بموجب القانون الدولي. وبرغم مزاعم الدفاع عن النفس، لم تكن هناك أي تهديدات إيرانية وشيكة تبرر ما وُصف بـ"الضربة الاستباقية". بل إن القانون الدولي يميز بين الهجوم الاستباقي والهجوم الوقائي، وهذا الأخير يُعد غير قانوني تمامًا.

في تناقض صارخ، أبدى الغرب موقفًا مختلفًا تمامًا عند غزو روسيا لأوكرانيا، رغم تشابه الحجج. لكن الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، يسير بخطى حثيثة نحو دعم إسرائيل بلا شروط، في مسعى لإعادة تشكيل الشرق الأوسط على مقاس مصالحه.

يظهر أن إسرائيل تسعى لإطاحة النظام الإيراني، مستخدمة ذرائع متغيرة؛ من النووي، إلى الصواريخ الباليستية، إلى "دعم الإرهاب". وحتى عندما ردّت إيران على الهجوم الإسرائيلي بصواريخ، جرى تقديم هذا الرد كدليل إضافي على التهديد الإيراني.

في خضم ذلك، اتهمت إسرائيل إيران بتعريض المدنيين الإسرائيليين للخطر، متجاهلة حقيقة وضعها منشآتها العسكرية وسط تل أبيب، وهو ما يجعل من السكان دروعًا بشرية. كما أن استهدافها لمناطق سكنية في طهران ينسف ادعاءاتها بشأن "منع تطوير قنبلة نووية".

لا تطالب إسرائيل فقط بحرمان إيران من السلاح النووي، بل تسعى أيضًا إلى حرمانها من أي قدرة ردع – سواء نووية أو تقليدية. وبهذا، تحاول تحويل إيران إلى نسخة مكبّلة من السلطة الفلسطينية، لا تهدد مصالح إسرائيل ولا تعارض نفوذها في الإقليم.

الإعلام الغربي، بدلًا من كشف هذه الحقائق، يروّج لرؤية إسرائيلية خالصة، عبر استضافة رموز النظام الملكي السابق مثل رضا بهلوي، الذي دعا الإيرانيين للتمرد على قيادتهم. تجاهل هذا الخطاب أن الأسرة البهلوية وصلت للحكم عبر تدخلات أميركية وبريطانية، وأنها حكمت بالحديد والنار بمساعدة مباشرة من إسرائيل، التي درّبت جهاز الشاباك على أساليب التعذيب المستوردة من فلسطين.

هذه الخلفية تُفسّر لماذا اختارت إيران منذ 2003 الامتناع عن تطوير قنبلة نووية، التزامًا بفتوى أصدرها المرشد الأعلى آية الله خامنئي، اعتبر فيها السلاح النووي محرمًا شرعًا. لكن في المقابل، بنت إيران ما عُرف بـ"هلال المقاومة"، عبر تحالفات مع قوى شيعية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، كنوع من الردع البديل ضد الهيمنة الإسرائيلية-الأميركية.

من هنا، جاء الدعم الإيراني لحزب الله وحماس – في وقت طبّعت فيه دول عربية علاقاتها مع إسرائيل. وشهدنا منذ 7 أكتوبر 2023، حين خرجت حماس من الحصار في غزة ليوم واحد، ردًّا إسرائيليًا استُغل لتصفية الوجود الفلسطيني، وضرب معاقل المقاومة الشيعية، تمهيدًا للوصول إلى إيران.

تسير إسرائيل والولايات المتحدة على خطة طويلة الأمد: سحق "محور المقاومة"، إنهاك روسيا في أوكرانيا، ثم الانتقال لمواجهة الصين. ويبدو أن إيران، بما تمثله من استقلال وسيادة، تقف عائقًا أمام مشروع الهيمنة الأميركية.

المستشار الألماني فريدريش ميرتس صرّح صراحة: "إسرائيل تقوم بالأعمال القذرة نيابة عنّا جميعًا". هذه الجملة تكشف الهدف الحقيقي من هذه الحرب: فرض نظام عالمي أحادي القطب، تهيمن فيه النخب الغنية بلا محاسبة، ولا رادع قانوني.

ما نشهده ليس فقط ولادة شرق أوسط جديد، بل تدمير النظام العالمي القائم على القانون الدولي. وإذا كنت تؤمن بحقوق الإنسان، بسلطة القانون، وبالدبلوماسية قبل الحرب، فإن العالم القادم سيصدمك بلا شك.

https://www.middleeasteye.net/opinion/israels-attack-iran-violent-new-world-being-born-going-horrify-you