في 14 يونيو 2025، أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس حكومة الانقلاب المصري، تأجيل افتتاح المتحف المصري الكبير إلى الربع الأخير من العام الجاري، بدلاً من الموعد المقرر سابقاً في 3 يوليو 2025.

 جاء هذا القرار الرسمي في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، خصوصاً بين إسرائيل وإيران، وتأثيراتها المباشرة على الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة.

 

تفاصيل التأجيل والأسباب الرسمية

وزارة السياحة والآثار المصرية بحكومة الانقلاب أصدرت بياناً أكدت فيه أن تأجيل الافتتاح جاء انطلاقاً من المسؤولية الوطنية للدولة، وحرصها على تقديم حدث عالمي استثنائي يليق بتاريخ مصر وتراثها الثقافي الفريد، في أجواء مستقرة تضمن مشاركة دولية رفيعة المستوى، وأوضحت الوزارة أن المتحف سيستمر في استقبال الزوار ضمن التشغيل التجريبي حتى موعد الافتتاح الرسمي الجديد، الذي سيتم الإعلان عنه لاحقاً بعد التنسيق مع الجهات المعنية كافة.

رئيس حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي أشار إلى أن التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران يمثل تطوراً خطيراً في المنطقة، وأن الصراع قد يستمر لفترة طويلة، مما يجعل الأجواء الحالية غير مناسبة لإقامة فعالية بهذا الحجم والأهمية، كما أكد مدبولي أن الحكومة تضع سيناريوهات متعددة لمواجهة تداعيات الصراع، مع المحافظة على التزاماتها تجاه المواطنين، خصوصاً في مجالات الطاقة والكهرباء، حيث ذكر أن الاحتياطات من الغاز في مصر تضاعفت مقارنة بالعام الماضي، مع وجود ثلاث سفن تغييز حالياً على أرض مصر لتحسين قدرات محطات الكهرباء.

 

المتحف المصري الكبير.. مشروع ثقافي ضخم

يقع المتحف المصري الكبير بالقرب من أهرامات الجيزة على مساحة تتجاوز 500 ألف متر مربع، أي ضعف مساحة متحف اللوفر في باريس، وأكثر من ضعف مساحة المتحف البريطاني في لندن.

بدأ المشروع في مايو 2005 بدعم من اليونسكو وهيئة التعاون الدولي اليابانية (جايكا)، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية توثق مختلف عصور الحضارة المصرية، من أبرزها كنوز الملك توت عنخ آمون، بما في ذلك قناعه الذهبي الشهير، وكرسي الملكة حتب حرس، والدة الملك خوفو.

كان من المتوقع أن يشهد الافتتاح الرسمي حضور شخصيات دولية بارزة، مثل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وملك إسبانيا فيليب السادس، مما يعكس الأهمية العالمية لهذا الحدث الثقافي.

كما كان من المقرر أن يتضمن الافتتاح احتفالية ضخمة بحضور قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي ورؤساء وملوك وأمراء من مختلف دول العالم.

 

تأجيل يعكس إخفاقات النظام

يعكس تأجيل افتتاح المتحف المصري الكبير عدة أبعاد سلبية تتعلق بإدارة الدولة والأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة، فالقرار ليس فقط بسبب التطورات الإقليمية، بل هو مؤشر على ضعف التخطيط والتنظيم في ظل حكم السيسي، الذي فشل في توفير بيئة مستقرة وآمنة لإطلاق مشروع بهذا الحجم منذ سنوات طويلة.

كما أن تأجيل الافتتاح هو نتيجة مباشرة لتداعيات الصراعات الإقليمية التي لم تستطع الحكومة التعامل معها بفعالية، مما يؤثر على صورة مصر الدولية ويضعف من مكانتها الثقافية والسياحية، كما أن الأزمة في قطاع الطاقة والكهرباء، رغم تصريحات الحكومة بتضاعف الاحتياطات، ما زالت تشكل عبئاً على الاقتصاد الوطني، ويخشى أن تؤدي إلى مزيد من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في ظل غياب حلول جذرية.

بالإضافة إلى ذلك، فاستغلال النظام للمشاريع الثقافية الكبرى كأدوات دعائية سياسية، حيث يرى البعض أن المتحف المصري الكبير أصبح رمزاً لسياسات التجميل الإعلامي التي تحاول إخفاء المشاكل الحقيقية التي يعاني منها الشعب المصري، مثل الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار. كما أن تأجيل الافتتاح يعكس هشاشة هذه السياسات وغياب الرؤية الواضحة لإدارة الدولة في ظل الأزمات المتعددة.

 

التداعيات المحتملة للتأجيل

تأجيل افتتاح المتحف المصري الكبير قد يؤدي إلى عدة تداعيات سلبية على المستوى المحلي والدولي:

  • اقتصادياً وسياحياً: كان من المتوقع أن يعزز المتحف قطاع السياحة ويجذب ملايين الزوار سنوياً، مما ينعش الاقتصاد المصري ويخلق فرص عمل.

التأجيل قد يؤخر هذه الفوائد ويزيد من خسائر القطاع السياحي المتأثر أصلاً بالأوضاع الإقليمية والسياسية.

  • سياسياً ودبلوماسياً: التأجيل في ظل التوترات الإقليمية يعكس ضعف قدرة مصر على لعب دور فاعل في استقرار المنطقة، ويضعف من مكانتها كقوة ثقافية وسياحية في الشرق الأوسط.
  • اجتماعياً: قد يزيد التأجيل من إحباط المواطنين الذين ينتظرون مشاريع تنموية حقيقية، ويزيد من النقد الموجه للحكومة بسبب ما يعتبرونه تأخيرات متكررة في مشروعات كبرى.

تأجيل افتتاح المتحف المصري الكبير إلى الربع الأخير من عام 2025 جاء نتيجة لتطورات إقليمية معقدة وتصعيد عسكري بين إسرائيل وإيران، ما جعل الأجواء غير مناسبة لإقامة حدث عالمي بهذا الحجم، فحكومة الانقلاب ترى أن القرار يعكس حرص الدولة على تقديم حدث يليق بتاريخ مصر وتراثها، مع ضمان مشاركة دولية واسعة، بينما الواقع أنه يعكس إخفاقات النظام في إدارة الأزمات وتوفير بيئة مستقرة للمشاريع الوطنية الكبرى، كما أنه يؤثر سلباً على الاقتصاد والسياحة ومكانة مصر الدولية.

يبقى المتحف المصري الكبير مشروعاً ثقافياً ضخماً يحمل في طياته آمالاً كبيرة لمصر، لكن تأجيل افتتاحه يفتح باب التساؤلات حول قدرة النظام الحالي على تحقيق هذه الطموحات في ظل الأزمات المتشابكة التي تواجهها البلاد والمنطقة.