أعلنت قائمة "الاستقلال" النقابية، إحدى أبرز الكيانات الفاعلة في العمل النقابي الطبي، مقاطعتها للانتخابات المقبلة المقررة في أكتوبر 2025، سواء على مستوى النقابة العامة أو النقابات الفرعية، في خطوة وُصفت بأنها احتجاج صارخ على "تآكل استقلالية النقابة وتدهور البيئة المهنية للأطباء".

وقالت القائمة في بيان رسمي إن قرار الانسحاب يأتي على خلفية "أسباب جوهرية تتعلق بسير العمل النقابي وتطوراته الأخيرة"، وعلى رأسها تمرير مشروع قانون المسؤولية الطبية دون التعديلات المطلوبة، وإلغاء الجمعية العمومية التي دُعي لها لمناقشة القانون، في تجاهل لرأي القواعد النقابية.

 

قانون "مثير للجدل" وتهميش للأصوات المهنية
   من جانبه، أوضح د. إيهاب الطاهر، الأمين الأسبق لنقابة الأطباء وأحد مؤسسي قائمة الاستقلال، أن تمرير قانون المسؤولية الطبية بصيغته الحالية رغم الاعتراضات الواسعة شكل القشة التي قصمت ظهر العمل النقابي، معتبرًا أن "البيئة لم تعد مهيأة للعمل النقابي الجاد في ظل سياسات التهميش والإقصاء".

وأضاف الطاهر أن المجلس الحالي "فشل في حماية الأطباء"، مشيرًا إلى استمرار ظاهرة الاعتداءات عليهم في مقار عملهم دون ردع، وتردي الأوضاع المالية والمهنية للكوادر، وغياب رؤية واضحة لمواجهة نزيف هجرة الأطباء الذي بات يهدد مستقبل القطاع الصحي في مصر.

 

تحضيرات لانتخابات 2027 وتلويح بالمنافسة المقبلة
   رغم المقاطعة الحالية، لم تغلق القائمة الباب أمام العمل النقابي مستقبلاً، إذ كشف الطاهر أن "الاستقلال" بدأت منذ الآن الإعداد لانتخابات 2027 من خلال تأهيل كوادر جديدة قادرة على استعادة النقابة لصالح الأطباء والدفاع عن حقوقهم، مؤكدًا أن القائمة ستواصل دعم القضايا المهنية من خارج المجلس الحالي، داعيًا المرشحين "الجادين" لخوض الانتخابات وعدم ترك الساحة لـ"غير المستحقين"، حسب تعبيره.

 

استقالات احتجاجية من داخل المجلس
   الشرخ داخل مجلس النقابة لم يتوقف عند حدود المعارضة الخارجية، بل امتد إلى الداخل، حيث أعلن خمسة أعضاء من المجلس استقالتهم، في مقدمتهم د. إبراهيم الزيات، الذي أكد عزمه الترشح لمنصب النقيب في انتخابات 2027، قائلًا: "لا يجوز لنا الترشح في انتخابات التجديد النصفي لأن دورتنا القانونية تمتد حتى 2027، لكننا نرفض السياسات الحالية ونعترض على إجهاض النقاش المجتمعي حول قانون المسؤولية الطبية".

وأشار الزيات إلى أن القانون بشكله الحالي يتضمن تغليظًا لعقوبة الخطأ الطبي، دون أن يتضمن حماية متكافئة للمنشآت الطبية أو توفير بيئة آمنة للممارسة المهنية، وهو ما اعتبره "تشويهًا متعمدًا لمفهوم العدالة الطبية".

 

الجدول الزمني للانتخابات
   في سياق متصل، أعلنت اللجنة المشرفة على الانتخابات، برئاسة د. شادي صفوت، فتح باب الترشح في الفترة من 20 إلى 30 يونيو الجاري، على أن تُعلن القوائم الأولية في 7 يوليو، وتُفتح الطعون من 10 حتى 15 يوليو، لتصدر القوائم النهائية في 10 أغسطس، بينما تُجرى الانتخابات في 10 أكتوبر 2025.

 

مشهد نقابي مرتبك ومستقبل غامض
   انسحاب قائمة "الاستقلال"، التي تمثل تيارًا نقابيًا وطنيًا تأسس بعد ثورة يناير 2011، وضم رموزًا بارزة مثل د. منى مينا ود. رشوان شعبان، يفتح الباب واسعًا أمام هيمنة قائمة "المستقبل" المدعومة من النظام، والتي يمثلها حاليًا النقيب أسامة عبد الحي، ما ينذر بغياب التعددية داخل النقابة.