شهد سوق مواد البناء موجة جديدة من ارتفاع أسعار الأسمنت، وسط حالة من الجدل حول دوافع الزيادات المتواصلة، رغم وفرة الإنتاج وتراجع الطلب من قبل المواطنين.
وبينما يحمّل مسؤولون في القطاع المصانع مسؤولية تجاوز قرارات حكومية تهدف لكبح جماح الأسعار، يستمر السعر في الصعود ليتجاوز حاجز 5000 جنيه للطن في بعض المناطق، مما يفاقم من أزمة قطاع البناء ويُثقل كاهل المستهلكين.
زيادات متكررة تضرب السوق
قال أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء بالغرفة التجارية، إن أسعار الأسمنت ارتفعت منذ بداية يونيو الجاري بمقدار يتراوح بين 300 و400 جنيه للطن، مشيرًا إلى أن الأسعار الحالية تتراوح بين 4500 و5000 جنيه للطن للمستهلك النهائي، شاملة تكاليف النقل.
وأوضح الزيني أن السوق تشهد طلبًا قويًا من القطاعات الصناعية والحكومية والخاصة، لكن الطلب الشعبي يشهد ركودًا حادًا بسبب القيود المفروضة على تراخيص البناء، ما خلق حالة من التباين بين العرض والطلب.
مصانع تتجاهل قرارات الحكومة
ورغم قرار جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بتعليق العمل بآلية خفض الطاقة الإنتاجية التي كانت مفروضة على مصانع الأسمنت منذ يوليو 2021، إلا أن الزيني يؤكد أن المصانع لا تلتزم بالقرار، بل تمضي قدمًا في رفع الأسعار تدريجيًا دون وجود رقابة فعالة، ما يثير الشكوك حول وجود ممارسات احتكارية أو تنسيقية بين الشركات.
مفارقة الإنتاج والطلب
من جانبه، أشار أحمد شيرين، رئيس شعبة الأسمنت باتحاد الصناعات المصرية، في تصريحات سابقة، إلى أن الطاقة الإنتاجية لقطاع الأسمنت في مصر تصل إلى نحو 90 مليون طن سنويًا، في حين أن الاستهلاك الفعلي لا يتجاوز 50 مليون طن، ما يكشف عن فائض إنتاج ضخم.
كما أوضح شيرين أن القدرة الإنتاجية الفعلية للمصانع حاليًا تبلغ 60 مليون طن، في حين بلغ حجم صادرات الأسمنت من مصر نحو 12 مليون طن خلال العام الماضي، وهو ما يعكس قدرة البلاد على تغطية الطلب المحلي والتصدير في آنٍ واحد، دون وجود مبرر موضوعي لرفع الأسعار بهذا الشكل.
ضغوط متزايدة على المواطنين وقطاع البناء
تعكس هذه الزيادات الأخيرة في أسعار الأسمنت أزمة أوسع في قطاع مواد البناء، الذي يعاني من حالة تضخم في التكاليف وضعف القدرة الشرائية للمواطنين، فضلًا عن تشديدات الحكومة على تراخيص البناء في المناطق السكنية، ما تسبب في انخفاض الأعمال الإنشائية الخاصة، وركود السوق العقارية لدى الأفراد.