توصل مفاوضو البرلمان والمجلس الأوروبي، مساء أمس الاثنين، إلى اتفاق نهائي بشأن صرف حزمة مساعدات مالية جديدة لمصر بقيمة 4 مليارات يورو في شكل قروض ميسرة طويلة الأجل، ضمن شراكة أوسع مع الاتحاد الأوروبي تستهدف استقرار الجارة الجنوبية ودعم أولويات أوروبا الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
وبحسب بيان البرلمان الأوروبي، تأتي هذه القروض ضمن برنامج مساعدات كلية تصل قيمته إلى 5 مليارات يورو، صُرف منها بالفعل مليار يورو نهاية العام الماضي كدفعة أولى قصيرة الأجل، فيما تم التوافق الآن على صرف الدفعة الثانية التي تمثل الشريحة الأكبر بقيمة 4 مليارات يورو، على أن تمتد آجال السداد حتى 35 عامًا.
قروض مشروطة.. إصلاحات اقتصادية واحترام حقوق الإنسان
وربط البيان الأوروبي صرف هذه القروض بالتزام حكومة عبدالفتاح السيسي بـ"تنفيذ مُرضٍ" لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الموقع مع صندوق النقد الدولي، إلى جانب سلسلة من التدابير السياسية سيتم الاتفاق عليها في مذكرة تفاهم منفصلة مع الاتحاد الأوروبي.
وبموجب الاتفاق، ستلتزم مصر بتقديم تقرير سنوي مفصل إلى البرلمان الأوروبي، يتضمن عرضًا للتقدم الاقتصادي، وأثر التمويلات الأوروبية على الوضع المالي المحلي، إلى جانب تقييم لمدى الالتزام بدعم الآليات الديمقراطية، وسيادة القانون، وحماية حقوق الإنسان، في خطوة تعكس حرص أوروبا على ربط دعمها المالي بتحقيق إصلاحات سياسية ومؤسسية شاملة.
دعم أوروبي مشروط في سياق شراكة استراتيجية
تأتي هذه الخطوة في إطار حزمة شراكة أوسع تم الإعلان عنها في مارس الماضي بين مصر والاتحاد الأوروبي بقيمة 7.4 مليار يورو، تضم:
- 5 مليارات يورو في شكل قروض ميسرة لدعم الموازنة والاستقرار المالي.
- 1.8 مليار يورو في صورة استثمارات أوروبية مباشرة.
- 600 مليون يورو في صورة منح غير مستردة، بينها 200 مليون يورو لمكافحة الهجرة غير النظامية.
وتعكس هذه المساعدات المتعددة الأوجه تنامي الشراكة بين الجانبين في ظل سعي بروكسل لتأمين مصالحها في ملفات تتعلق بالهجرة والطاقة والاستقرار الإقليمي، في وقت تواجه فيه مصر تحديات اقتصادية خانقة وسط تراجع قيمة العملة المحلية، وارتفاع معدلات التضخم، وتضاؤل الاحتياطيات النقدية.
تحركات مصرية سريعة لحصد الدعم
وبحسب مصادر حكومية تحدثت في وقت سابق، فإن الحكومة كانت قد طلبت من الاتحاد الأوروبي الإسراع في صرف الشريحة الثانية من التمويلات الأوروبية، بهدف تخفيف الضغوط التمويلية المتزايدة.
وأوضحت المصادر أن القاهرة حصلت في أبريل الماضي على تأكيدات رسمية من كل من البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية، بشأن صرف الشريحة الثانية خلال شهر يونيو المقبل، بعد استيفاء الشروط الفنية والسياسية المتفق عليها.
موافقة أوروبية أولية.. والخطوة التالية سياسية
رغم الإعلان عن الاتفاق بين مفاوضي المجلس والبرلمان الأوروبي، إلا أن المساعدات لا تزال بحاجة إلى موافقة رسمية من لجنة التجارة الدولية داخل البرلمان، ثم تمريرها عبر الجلسة العامة، وأخيرًا مصادقة المجلس الأوروبي، قبل أن تدخل حيز التنفيذ بشكل نهائي.