يطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مصر بإعفاء السفن التجارية والعسكرية الأمريكية من رسوم عبور قناة السويس، في خطوة تعكس أسلوبه المعروف القائم على "المعاملة بالمثل".
يربط ترامب بين تدخل بلاده العسكري في البحر الأحمر لمواجهة الحوثيين المدعومين من إيران وبين حصول الولايات المتحدة على مقابل مادي أو امتيازات ملموسة من الدول المعنية، وفي هذه الحالة: مصر.
هذه المطالبة تذكر بما فعله ترامب سابقاً مع أوكرانيا، حيث ربط الدعم الأمريكي بالحصول على عقود للموارد النادرة. ومع أن الحوثيين يستهدفون مصالح العديد من الدول في البحر الأحمر، فقد اختار ترامب أن يبدأ بمصر، باعتبارها "الحلقة الأضعف" – كما يراها – وبدأ بمطالبتها بتقديم قناة السويس كممر مجاني للسفن الأمريكية.
في حال رضخت القاهرة لهذا الطلب، ولو جزئياً، فقد يشجع ذلك على الدفع نحو تدويل القناة، وتحويلها من ممر وطني إلى ممر دولي، الأمر الذي من شأنه أن يفتح الباب أمام مطالبات مشابهة من دول أخرى، مما يُعرض السيادة المصرية على القناة للخطر. فالمقارنة بين قناة السويس ومضائق مثل هرمز أو جبل طارق أو باب المندب تعيد رسم مفاهيم القانون الدولي المتعلقة بالممرات المائية.
ولم تصدر القاهرة حتى الآن أي رد رسمي. ربما ما زالت تحت وقع الصدمة، خاصة وأنها تجاهلت خطر الحوثيين لشهور طويلة، معتقدة أن القانون الدولي وحده قادر على ردعهم. لكن هذه المقاربة سمحت للولايات المتحدة بالتدخل العسكري، وفرض أمر واقع، ثم تقديم فاتورة بقيمة مليار دولار عن أول شهر من العمليات، مع توقع استمرار هذه الفواتير لاحقاً.
يشير المقال إلى أن مصر دفعت ثمناً باهظاً تاريخياً من أجل شق قناة السويس، سواء من حيث الأموال أو الأرواح أو السيادة، وقد خاضت صراعات كبرى لاستعادة القناة وتأكيد سيادتها عليها. لذلك فإن استجابة مصر الضعيفة اليوم، مقارنة بمواقف حازمة اتخذتها دول أخرى مثل إسرائيل في الماضي، تبدو محيرة.
القاهرة لم تتحرك عسكرياً ضد الحوثيين رغم تهديداتهم وخسائر مصر الاقتصادية جراء تراجع حركة الملاحة في البحر الأحمر. كما أنها لم تستخدم قنواتها الدبلوماسية لمواجهة الضغط الأمريكي، رغم امتلاكها لعلاقات قوية مع واشنطن وحلفاء عرب وغربيين مثل الإمارات وفرنسا.
الكاتب يرى أن مصر لا تزال تمتلك أوراق قوة كثيرة يمكن استخدامها لمنع تحول قناة السويس إلى ما يشبه قناة بنما، التي يحاول ترامب الآن أيضاً الضغط لإعفاء السفن الأمريكية من رسومها. ويشير إلى أن ترامب لا يتورع عن الضغط والابتزاز متى رأى ثغرات، كما فعل مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي، متجاوزاً جميع الخطوط الحمراء.
يبدو أن ترامب يسعى لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية بأي وسيلة، من خلال فرض وقائع جديدة على الأرض. في عالم ترامب، لا خطوط فاصلة بين القوة والدبلوماسية، ولا اعتبار لتاريخ الدول أو سيادتها. كل شيء قابل للمساومة، والكل يجب أن يدفع.
في نهاية المقال، يحذر الكاتب من التباطؤ المصري، ويؤكد أن الصمت أو التراخي ليسا خيارين، بل دعوة مفتوحة لمزيد من التعديات، سواء من الحوثيين أو من ترامب نفسه.
https://www.thearabweekly.com/trumps-startling-demand-egypt