كشف تقرير لصحيفة نيويورك تايمز في 2019 عن دور محمود السيسي في الإطاحة برئيس جهاز المخابرات الأسبق اللواء خالد فوزي، بعد أن قدم لوالده تقريرًا زعم فيه وجود خطة محكمة يعمل عليها فوزي للانقلاب عليه، والوصول إلى حكم مصر.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأميركية إن نجل السيسي زار واشنطن مرة واحدة على الأقل إبان إدارة باراك أوباما، برفقة مدير المخابرات العامة وقتها خالد فوزي، للتباحث مع الإدارة في الشأن المصري والعلاقات بين البلدين، ثم عاد بعدها وقرر إزاحة اللواء فوزي عن رئاسة المخابرات العامة والسيطرة على الجهاز، وإدارة الملف الفلسطيني وسد النهضة بناء على نصائح جهات نافذة في واشنطن تحدثت معه أثناء الزيارة.

وتذكر الصحيفة أن نجل السيسي قفز بعدها من رتبة رائد إلى رتبة عميد، لتتم ترقيته إلى منصب رئيس المكتب الفني لرئيس جهاز المخابرات، ثم إلى وكيل الجهاز، ليصبح -بحسب اعتقاد الكثيرين- الرجل الثاني بعد اللواء عباس كامل الذي عينه السيسي واجهة للجهاز فقط، بينما يدير نجله محمود الجهاز فعليًا ويتحكم في جميع المؤسسات المصرية في الداخل والخارج.
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=pfbid0sZpM3NsNCuEiz9Sw8yoRS3pov5V7SiXFRSmhFhdatfXLqAtgaWSonSfdUgRp6eMxl&id=61559057671157

ومن جديد كتبت مذيعة (BBC) رشا قنديل (زوجة المرشح "الرئاسي" المحتمل أمام السيسي والمحبوس حاليا أحمد طنطاوي)  مقالاً بعنوان "مَحْظُورُ الذِكْر.. محمود السيسي".

بدأت مقالها باستعراض “السيرةُ الحرام”، وأوضحت أنهم 3 أفراد يطلب من الفرد في مصر تغيير "السيرة" عندهم وهم من مسؤولي المخابرات، عباس كامل والعقيد أحمد شعبان، والعميد محمود السيسي وكيل الجهاز.

وقالت: "كي أميط اللثامَ عن محمود السيسي وأكسِرَ القشرةَ السميكة المفتعلة، حاولت ببحث دقيق أن أفتش عن دورِه -بل قولوا- أدوارِه في الجمهورية الجديدة، كان لابد أن أدرُسَ َالمتاحَ عن شخصْين اثنين دارا في فلك عبد الفتاح السيسي ونجِله الأكبر. أحدُ الشخصين كان لمحمود السيسي منافسًا والآخرُ مُنفٍّذًا."
 

الذكر المحظور
   وبعد استعراض ملفات عباس كامل وأحمد شعبان ومحمود السيسي توجهت إلى ما أسمته (الهمس المحظور) وأنه يحاول وضع نفسه في صورة مرعبة.

وأشارت إلى أن "الجهد المبذول في إخفاء سيرة محمود السيسي إلا من بعض المواقع ومنصات التواصل المغرضة – وهنا أنا أقصد الكلمة بالمعنى الحرفي –  أعني غير المنصفة أو غير الموضوعية فلا يمكن الاعتداد بها كمصدر- وجدت قرائن واستدلالات تبدو بعيدة وغير مترابطة للغاية. ركبت القطع الناقصة بصعوبة بالغة. وأزعجتني المبالغة في الإخفاء لموظف في جهة أتفهم خصوصيتها؛ لكنه موظف في الدولة نهاية المطاف.".

أول الخيط المعلوماتي بدأته من التناول عبر المواقع ومنها "ويكيبيديا" ثم متابعات لـ"روسيا اليوم" أوردت فيها حجمه وصفحة محظورة من المصري اليوم في 2020.. وأضافت أن "ما يهمنا فيها فقط أن رئيس المخابرات العامة وهيئة الرقابة الإدارية السابق هو نسيب أو حمو السيد محمود السيسي".

وعن هذا التدقيق في إظهار هويته من الصحف المحلية أشارا إلى أن "صحيفة القاهرة 24" وضعت غلاف من السوليفان على كل كلمة ليمرر المقال وكأنه مقال محمل بالأسئلة والشائعات والنقد وهي تدافع باستماتة عن السيد محمود السيسي، ليضع موقع ”القاهرة“ النقاط على الحروف ”وانتهينا“!  الواقع أنها كانت أسوأ دعاية لنمط شخصية رجل مثل محمود السيسي. خلطة سيئة جدًا وضعته تحت دائرة ضوء مريع وعززت كل الموضوعات التي لا يريدها أن تثار وأطرت لكل منها رواية مفتعلة ولا أسوأ من ذلك!"، وفق ما قالت.
 

محمود وإبراهيم العرجاني
   وعما تناولته روسيا اليوم أن محمود السيسي في الفترة بين عامي 2019 و2020 حين رُقّي من رتبة مقدم لعميد وشغل منصب وكيل جهاز المخابرات المصرية؛ (تخرج من الدفعة 97 حربية في عام 2003) و خدم في سلاح المقذوفات في سيناء – أسمي خدمته هذه (سيناء1) في عهد مبارك. وكون علاقات جيدة بشيوخ القبائل..

وأن موقع "روسيا اليوم" تناول اشتباك لمحمود السيسي مع ملف المخابرات الخارجية ، ثم نقل مجددًا بداية عام الإخوان المسلمين 2012 من ملف النشاط الخارجي إلى ملف المخابرات العامة؛ تحديدًا مقاومة الإرهاب في سيناء (سيناء 2) وقتما كان عبد الفتاح السيسي مديرًا للاستخبارات الحربية، فمن المحتمل جدًا أن يكون السيسي الابن أو الأب أو كلاهما بين الضباط الثلاثة الذين حضروا اجتماع أبو سالم – البريكي – العرجاني، خصوصًا أن المخابرات الحربية حينئذ كانت على وفاق مع المخابرات العامة برئاسة اللواء مراد موافي ككتلة من ضمن ما عصي على محمد مرسي وجماعته. أقول لربما وهو شك قد يرقى قرينة قد أدلل عليها مستقبلاً.

وعن التحقق من هوية ضباط 3 حضروا اجتماعًا بين الضابط الإسرائيلي ”أبو سالم“ وإبراهيم عويضة البريكي وأحد أفراد عائلة إبراهيم العرجاني وقد يكون هو نفسه.

وأضافت أن الضباط الثلاثة الحضور من المخابرات العسكرية في سبتمبر 20123 تضاربت هوياتهم ولم يستقر في ضميري الاعتماد على ما وجدته من مصادر مستقلة بسبب هذا التضارب. مازلت غير قادرة على الجزم. لكني سأعمل بفرضية أن رجلاً من الثلاثة كان محمود السيسي ولنرى إلى أين تأخذني هذه الفرضية بالاستدلال.

في 18 يناير 2018 اهتمت نيويورك تايمز بحركة تغييرات في بطانة عبد الفتاح السيسي اللصيقة. كتب الصحفي ديكلان  وولش: ”قبل ثلاثة أسابيع من اليوم كان لعبد الفتاح السيسي ثلاثةُ مستشارين قريبين منه جدًا: رئيس الأركان، رئيس المخابرات ومدير مكتبه. بقى منهم اليوم الخميس 18 يناير رجلٌ واحدُ فقط. اليوم أطاح السيسي برئيس المخابرات العميد خالد فوزي ورئيس الأركان“.

وتستكمل رشا قنديل مقالها: لم تُذكر أسبابٌ؛ لكنه وضع عباس كامل محل خالد فوزي وهذا ليس مستغربًا لثقته فيه لسنوات في مناصب السيسي المختلفة وترقياته المتتابعة. ساعتها كان عبد الفتاح السيسي مقدمًا على خطوة مهمة؛ أن يشرعن وجوده بعد فترة ما بعد 30 يونيو. سبق إعلانَه الرسمي للترشح زيارةٌ مهمةٌ لنائب الرئيس الأمريكي مايك بنس للمنطقة. عدة مرشحين منافسين للسيسي آنذاك اشتكوا من التضييق والضغط عليهم للانسحاب وملاحقتهم قانونيًا وتهديدهم بقضايا فساد وتزوير إن لم ينسحبوا.

الأهم أن ذِكْرًا واحدا فقط في مقال نيويورك تايمز آنذاك جاء لمحمود السيسي؛ كونَه طرفًا مستقبليًا فاعلاً إذ عمل تحت جناح المخابرات خصوصًا بعدما ”نسب إلى عناصر نظامية ” فيما عرف بـ ”مجزرة رفح“ وهو ما أشرت له في مقال سابق بعنوان: اصطلاحًا فيديو ”التصفية“ أو ما يسمى ”تسريب سيناء“ في مقالات سابقة، كما سبب عددٌ من التسريبات  لمحادثات ”منسوبة“ لأهم المقربين من عبد الفتاح السيسي في ذلك الوقت حرجًا له إن ثبت المنسوب، فكان محمود السيسي أقرب الأولياء بحكم بنوته لأبيه.

وعن سؤال هل يحاول السيسي كأسبقه حسني مبارك إعداد ابنه الأكبر لتوريثه الحكم؟

قالت: في التقرير الإفريقي وهو من أهم المنشورات الدورية ذات المصداقية التي أطلع عليها باستمرار، تقرير مهم جدًا صدر في 16ديسمبر من عام 2020 طرح سؤال مباشر ليس في نعومة تقارير الأوروبيين ولا فجاجة الأمريكان.. العنوان: هل يحاول السيسي (...) المصري كسابقه حسني مبارك إعداد ابنه الأكبر  لتوريثه الحكم؟ التقرير ممتاز وأسلوب تحريره مباشر جدًا في بدايته ويرد على عدد من أسئلة مقالي. لكن التقرير الإفريقي بدأ بالتعجب من حجم الخوف لمجرد سؤال محرريه أي طرف أو مصادري مصر لتقاريرهم البحثية عن محمود السيسي، حتى مع وعدهم أن أسماءهم ستجهل في التقرير. مجرد ذكر الاسم كان كفيلاً بصفق الباب في وجوههم. حتى هذا التطمين مع هذا الاسم بالذات لم يكن كافيًا!

التقرير الإفريقي يرى أن اعتماد عبد الفتاح السيسي على ابنٍ من دمه (حرفيًا) لتأمينه وتأكيد سطوته. استشهدت بمصادر أخرى من خارج مصر حاولت إماطة اللثام كما أفعل عن محمود السيسي.
 

محمود في انتخابات 2014
   أ
شارت إلى تنقل محمود السيسي بسرعة بقفزات نوعية، بداية من تأمين التحرير في ذروة 25 يناير  2011 بحسب القليل مما نشر بشأنه، بشخصية غير حقيقته. رآه المصريون مرة واحدة في حفل تنصيب والده بعد التفويض الثاني وإعلانه رئيسا (للانقلاب) . بعدها بدأت رحلة صعود محمود السيسي من رتبة رائد إلى عميد (ثلاث رتب خلال أربع سنوات)، ثم وكيل لجهاز المخابرات العامة، فبدأ التنافس في 2014 في الخفاء بينه وعباس كامل الساعد الأيمن لعبد الفتاح السيسي ولفترة طويلة.

في 2014 أيضا كان لمحمود السيسي دورٌ واضحُ ومهمٌ في الحياة السياسية ضمن ١٤ ضابطا وسياسيين جدد لصياغة قائمة ”في حب مصر“ التي خاضت حروباً مبدئيةً بين عامي 2015 و 2020 مع تكتل 25-30 في البرلمان على ملف قضايا تيران وصنافير والسد الإثيوبي والحبس الاحتياطي والموازنة العامة والاستدانة من الخارج والتعديلات الدستورية وسأعود إليها منفردة وعشرات المعارك التي انتهى كثير منها لصالح الأغلبية التي هُندست بإحكام على يد قائمة ”في حب مصر“ تحت جناح المخابرات العامة.

ما يعرفه قليلون ربما حتى من النواب من غير الصف المعارض أن تكتلات أخرى كانت مسبوكة من موازين قوى السلطة في البرلمان؛ إذ كان ”مستقبل وطن“ يؤمنه ويحميه في المجلس جهازُ الأمن الوطني بتحالفاته، بينما تنسيقيةُ شباب الأحزاب والسياسيين كانت أيضا للمخابرات العامة لكنها بوابةُ لتربيةِ عناصر يُدفع بأوجهٍ متحمسة أقل سنا بهدف تربية كوادر مستقبلية. مجموعة حماة الوطن كانت تستظل بالمخابرات الحربية وسعت بنوابها للسيطرة من حيث العدد وحتى الإدارة، ويمكن القول أنهم نجحوا في مأربهم لحد بعيد.
 

تنازل السيسي عن تيران وصنافير
  
أشارت إلى "الفارق بين التاسع من أبريل 2016و 16يناير 2017 علّق كفاءة عبد الفتاح السيسي فما بالك بابنه محمود في إدارة اختبارات مفصلية كالتي سأوردها.  كانت مرحلة دقيقة كالتي نعيشها الآن، إما العبور أو السقوط بلا أمجاد.

فجر التاسع من أبريل أعلنت الحكومة المصرية -رئيس الوزراء- وليس عبد الفتاح السيسي “إرجاع”جزيرتي تيران وصنافير للسعودية. هكذا! بلا إسهاب.

فتح السيسي أبوابا لا قبل له بها. انتفض الشارع والبرلمان والقضاء. وقبض على عشرات المحامين والمواطنين من كل صوب، قبض على كل حامل لعلم مصر في تظاهرات قادتها النخب وصحفيون وسياسيون بارزون.
سُيّرت تظاهرات مضادة تحمل أعلام السعودية! كانت هذه الفكرة النميسة التي تفتقت عنها العقلية الأمنية.
ناهيك طبعا عن التعامل الوحشي مع حاملي الأعلام المصرية وحبس المحامين والصحفيين وكل من رفض الانصياع لإعلام سامسونج والحبس العشوائي والشتم ليلا نهارا في الخونة محرضي الشعب ذوي الأجندات المتمسكين بجزيرتين ”لا راحُم ولا جُم“  في مدخل خليج العقبة في سيناء! الرد الأمني كان مزيدا من التنكيل ثم قاموا بفعل لا سابقة له حط من شأنهم تماما.

اقتحم الأمن نقابة الصحفيين وقبض على عدد منهم كما اقتُحمت منازل عدد من الصحفيين وحُبسوا على ذمة قضايا مفبركة.

جاء رد نقابة الصحفيين وازنا وحاسما وضمنت أن يراه كل مصري درسا من دروس النقابة القديمة.
ردت ببيان مشفوع بقرار حجب صورة وزير الداخلية من الصحف واستبدلوها بتعتيم صورته (نيجاتيف).
واعتصم الصحفيون بالنقابة. وطلبوا بين عدد من الطلبات إقالة وزير الداخلية  وتقديم رئاسة الجمهورية اعتذارا للصحفيين. كان موقفا جللا مع سلطة كهذه ترى نفسها آلهة والجميع أقزاما.

انبرت كفة الأمن والمخابرات والرئاسة تحت توجيه البروباجندا الدعائية والتضليل الإعلامي في تمييع ما جرى، صوروه بأنها وديعة عادت لأهلها، أن السعودية طلبتها سنة١٩٥٠، طلبوا من جمال عبد الناصر في رقدته النجدة فخرج لهم في خطاب يقطع بانها مصرية، أخرجوا متحدثين وراءهم إعلاميون ومؤرخون وخبراء عسكريون فرطوا في ضمائرهم فخرجت لهم مستندات من مصر ومن الخارج.

رُفعت قضايا وترافع فيها خير خبراء مصر في القانون. ( هرّبتُ أنا شخصيا وزميلٌ لي نسخة فريدة من الأطلس العسكري المصري ليد الأستاذ خالد علي في مرافعاته أمام الإدارية العليا) تقطع بمصرية الجزيرتين.
حتى قالوا إن الجزيرتين تقعان في مدخل خليج العقبة ومينائي إيلات والعقبة في الأراضي المحتلة والأردن.

انبرى تيار 25-30 في البرلمان في حرب ضروس مع تكتلات الأمن الوطني والمخابرات والمخابرات الحربية ضد قرار السيسي وبطانته ولمع نجم وشخوص التيار وانحسرت أضواء السلطة والأمن ومشعوذي التحريض والفضائية في القنوات البائسة، وتحول الأمر لتلاسنات وإقامة الحجج وخرج الأمر من المجلس لقنوات لم يكن لشعبان ومحمود السيسي كلمة فيها ولا سطوة، قنوات الخارج.
نُشر في الجريدة الرسمية رقم 33بتاريخ 17 أغسطس 2017، ويحمل رقم 607 لسنة 2016. ”موافقة“ عبد الفتاح السيسي على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي تقضي بنقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين إلى السعودية.“
اعتقد السيسي أن ما كل ما وقع ”يومين ويعدوا“ ولربما اعتقد محمود السيسي ذلك أيضا. لكنهم جميعا كانوا واهمين.

جاء يومٌ تنفس شرفاء مصر فيه الصعداء.
إذ حكم القاضي المرحوم أحمد الشاذلي، نائب رئيس مجلس الدولة في السادس عشر من يناير 2017 بأن “سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير مقطوعٌ بها“.
خسر السيسي وبطانته المعركة الأصلية للجزيرتين للأبد، حتى حين نفذ الاتفاق لاحقا لم ينفذ علنا. خسر المعركة، وخسرها محمود السيسي بقوة، بقوة مقطوعٌ بها.
 

معركة التعديلات الدستورية 2019
   في تقريرين كليهما بتاريخ الثاني من أغسطس 2019 بعنوانين بارزين، تبارت رويترز والجزيرة في الدفع باسم محمود السيسي كمهندس لمعركة التعديلات الدستورية التي أتاحت لأبيه الاستمرار في الرئاسة بما يناقض الدستور بل وينافي وعوده هو ذاته والتفويضات اللانهائية التي حصل بها على ضمانات من المصريين على بياض.

عنوان رويترز كان:  تقرير خاص- ”هكذا شدد السيسي قبضته على الحكم في مصر“. أما الجزيرة فجاء أكثر حدة ومباشرة: ”محمود السيسي.. نجل السيسي (...) وقائد كتيبة تعديل الدستور“.
سمت الجزيرة  وعددت ثلاثة لا رابع لهم من حلقة الثقة الأقرب من عبد الفتاح السيسي: محمود السيسي ورئيس المخابرات عباس كامل ومحمد أبو شُقّة مستشاره القانوني بدأوا يعدون العدة بالفعل لتخطيط التعديلات الدستورية منذ أشهر قبل إعلانها تقريبا مباشرة بعد توليه الحكم في دورة رئاسية ثانية في أبريل 2018.

ملف شائك جدا أسس لاستقطاب قوي داخل مجلس النواب؛ فصف المعارضين للتعديلات رأس حربتهم تيار 25-30 وقف للتعديلات باعتبارها تأسيسا لبقاء عبد الفتاح السيسي لفترة قد تمدد بلا رقابة وتمدد مساحة سيطرته على السلطات الأخرى في الدولة، بينما التيارات الموالية وفقا بيانات صحف عربية وعالمية بحسب تقارير اطلعت عليها من بينها التايمز البريطانية فإن العميد محمود السيسي أشرف على لجنة ”غير رسمية“ تراقب تعديل الدستور.
عنوان هذا التقرير كان ”السيسي يجند أبناءه لمساعدته على البقاء في الحكم حتى 3030“ وأشار لأدوار أبنائه الثلاثة الذكور محمود ومصطفى وحسن واستبعد فقط آية السيسي من التأثير.

اللافت كان اهتمام الصحف الإسرائيلية بدور محمود السيسي تحديدا في معركة التعديلات الدستورية.
هآرتس كونها متابعة دقيقة لكل شاردة في مصر طرحت السؤال مباشرة؛ لماذا سحب السيسي ابنه خارج دائرة الضوء؟ التاريخ كان الخامس والعشرين من نوفمبر 2019.
هذا التوقيت جاء بعد اتخاذ قرار عبد الفتاح السيسي (في الظاهر أو حقيقة) بإبعاد محمود عن المشهد وإرساله لروسيا في مهمة طويلة.
 

مظاهرات محمد علي 2019
   لفتت إلى أنه في عام 2019 حالة من الفوضى والاستبعاد والتغريبات والتبادل في عام 2019 صدّرت الاسمين محمود السيسي وأحمد شعبان إلى الواجهة، خصوصا بعد تأليب المقاول محمد علي للرأي العام على السيسي وبطانته، وبرغم خصومته الشخصية واعترافه بأنه جزء من هذا النظام إلا أن الإغلاق الكلي للمجال العام آنذاك ولّد إعجابا بالندرة وحشد فعلا لمظاهرات راح ضحيتها كثيرون للأسف وتسببت في إخفاء وسجن كثيرين.
درس قاس لم يتعلمه لا السيسي ولا المشتغلين معه؛ الكبت يولد للانفجار.
 

المقابلة التلفزيونية الحصرية لمحمد علي
   واستكملت، قبل حواري التلفزيوني الحصري مع الممثل والمقاول محمد علي، أتى على ذكر محمود السيسي أكثر من مرة في تغريداته ومقاطعه المصورة محملا إياه كثيرا مما يشتكي منه المواطنون سواء في الأداء الاقتصادي، السياسات المالية أو في الفساد المتأصل في المؤسسة العسكرية.
وعلى الرغم من اختفاء محمد علي لفترة طويلة بعد المقابلة، إلا أنه في مقطوعاته المصورة في 2019 بين الفينة والأخرة كان يتحدث بجرأة عن محمود السيسي باعتباره العقل المدبر والشريك الصامت لمعظم خطوات عبد الفتاح السيسي على الصعيدين المخابراتي والإعلامي.
على الرغم من ذلك تفادى محمد علي ذكر محمود السيسي قطعيا في الحوار، كان حذرا جدا.
 

احتجاز رشا قنديل  2020 واستجوابها.. من هو رقم 2؟
   وأضافت، "احتُجزتُ وخضعتُ للاستجواب عن مكان محمد علي لساعات عند عودتي لمصر في رحلة اعتيادية أكتوبر عام 2020 بعد الحوار تقريبا بعام واحد، لأن حواري مع محمد علي كان غير معروف المكان (وهو بالبداهة ليس محل ما يختبيء)!

كان سؤالٌ واحدٌ فقط ما يوجه لي وحوله تلميحات كثيرة تخص شخوصا لم أسمع بهم البتة يطرحها طوال الساعات ضباطٌ رسميون، ثم يخرجون ويحل محلهم ضباط المخابرات. وإشارات كثيرة لمحل عملي وهكذا.
الكيان الضخم السري الذي أوفد من المخابرات أضاعوا ساعات من وقتهم لسؤالي بلا طائل كان عن مكان المقاول محمد علي وهو طبعا مكان مغاير تماما لمحل المقابلة التي سُجلت.
غادرت مكان الاستجواب وفي دماغي أسئلة كثيرة، قررت في الصباح المؤسسة التي أعمل بها أنها لن تكشف عن الواقعة، وبصراحة لم أجد لها مسوغا إلا في مقالي اليوم.

الطريف في الأمر أنني لم أمض ساعات الاستجواب الطويلة إلا بسبب همهمات بين الضباط الميري ”الأمن العام“ و”المخابرات“ الذين كانوا تقريبا يسألون نفس الأسئلة إلا لأن رقم (2) كما يهمسون وخائفين ” ما ينفعش يصحوا سيادته في الوقت ده!!“.
الرابط بين هذه الواقعة وهذا المقال نقطة منطقية واحدة: من هو هذا الرقم (2) ”اللي خايفين يصحوا سيادته“؟!
 

محمود السيسي و“الإبعاد“ إلى روسيا
   وأكدت رشا قنديل أن عبد الفتاح السيسي تلقى النصائح باستبعاد ابنه بعض الوقت بسبب سقطات متتالية معظمها له علاقة بملف الإعلام الذي كان محمود يعتقد أنه مسكوك ومنتهي وليس به احتمالية للخطأ طالما في مسؤولية أ أحمد شعبان.
فلتان السيطرة على الإعلام منذ محاكمات تيران وصنافير والجلبة الإعلامية والقانونية الضخمة انتهاء بحكم مقطوع بمصرية الجزيرتين وبزوغ فجر 25-30 في البرلمان ونجاح محمد علي في الحشد للشارع 2019، كلها كانت ملفات يفترض أن محمود السيسي يمسك بزمامها جيدا، وكلها فلتت من يديه. كان لا بد من إبعاده، لا بد. صدر قرار بانتدابه ملحقا عسكريا في روسيا.

وأضافت أن العربي الجديد كان الجهة الوحيدة التي اعتمدت على مصادر لم تسمها في أن محمود السيسي لم ينفذ القرار.
لم يمتثل للانتداب كملحق عسكري في روسيا.
لم تذكر أي جهة صحفية أو دبلوماسية أو حتى تقارير استخباراتية أن القرار لم ينفذ، ولذلك تفسير لا علاقة له بالصحافة، بل له علاقة بالحرب الباردة في الشرق الأوسط؛ واليكم التفسير:

حتى في هذه، كان للسيسي مقصدٌ آخرُ من إبعاد ابنه إلى روسيا، لا علاقة له بما تَبارَى في تفسيره كثيرٌ من الزملاء.
كتب البعض تحقيقات أظنها ممتازة عن مصادر لا شك عندي في صدقها. ارتكب محمود السيسي من الأخطاء خصوصا في ملف الإعلام الذي حاطه بآليات تغييب الوعي وترهيب المتواطئين أكثر من المتَلقين خطايا وليس أخطاء.
لكن هذه التحقيقات لم تكن  مكتملة.

فوق الجهد الرائع الذي قدموه زملائي في تحقيقاتهم فاتتهم تفصيلة رفيعة جدا؛ قراءة نمط تفكير عبد الفتاح السيسي ومراقبة قراراته.
المدقق في أنماط السلوك يرى في أي تصرف للرجل مصلحة أو منفعة.
أكاد أجزم أن عبد الفتاح السيسي أراد مد جسور كيدية بموسكو تزن علاقته المطردة بواشنطن، والتلويح بأن أكثر رجاله قربا منه -ابنه- سره الحقيقي والأقرب على الإطلاق في دائرة حكمه سيكون ملحقا عسكريا في موسكو.

إذاعة صوت أمريكا المقربة من الجمهور العربي في الولايات المتحدة أكدت في تقرير بتاريخ الثاني من أكتوبر 2019 أن محمود السيسي كان في طريقه إلى روسيا بالفعل.

وقد تكون العربي الجديد أيضا غير مخطئة! فروسيا لاعب قديم غير موثوق، وناديه عادة لا يقبل لاعبيه مجانا. بالفعل قد تكون روسيا استقبلت محمود السيسي بترحاب ضيق العين.

وكما توقعتُ تماماً وفي وقت تُختبر فيه علاقةُ مصر بواشنطن وتلعب روسيا لعبتها المفضلة؛ وقعت القاهرة في المحظور، واْضطُرّت لمواجهة غضب واشنطن؛ إذ جاء ثمن استقبال محمود السيسي بالتزامن مع ”خلاف“ القاهرة وواشنطن على نية مصر شراء سرب من الطائرات الحربية الروسية.
وهو أيضا خطأ يتكرر لعبد الفتاح السيسي، التذاكي السياسي واللعب على المتناقضات الخطأ في الوقت الخطأ.

أكثر من ذلك حدث في واشنطن، أُعلن عن تحذير (تخيلوا) تحذير سبق وصول محمود السيسي إلى موسكو لو وصل فعلا.
التحذير وُجه في أبريل من نفس العام من مسؤول رفيع بالخارجية الأمريكية بـ“عقوبات“ على مصر إذا أقدمت بالفعل على صفقة بملياري دولار (2 مليار) لشراء أكثر من عشرين طائرة مقاتلة روسية من طراز SU-35 كان على الأرجح سيتمه محمود السيسي كملحق عسكري بين البلدين.
لكن الواقع يقول إن المقامرة كانت بين المنحة العسكرية الأمريكية من جانب وواردات مصر التقليدية من مقاتلات سوخوي 35 أو التعرض للعقوبات الأمريكية.

وبصرف النظر عن المنحة، فالولايات المتحدة قدمت مليارات الدولارات من المعونات الاقتصادية والعسكرية لمصر وباعت لمصر شبكة متكاملة من العتاد العسكري كمقاتلات F16 وغيرها من الصواريخ والأنظمة الدفاعية.
 

قضية جوليو ريجيني
   أوضحت أن جريدة الجارديان البريطانية تناقلت التلاسنات الإيطالية والوعود اللانهائية المصرية الرسمية باستمرار التحقيقات ثم باستنكار مصري لتحديد إيطاليا أسماء خمسة عناصر أمنية قالت إنهم متورطون في قتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني.

بينما نشرت مصر في بيان للداخلية بتاريخ 25 مارس 2016 ”قالت وزارة الداخلية في بيان لها إن قوات الأمن قتلت 5 أشخاص متهمين بتكوين تشكيل عصابي تخصص في سرقة الأجانب بالإكراه، وأنه تم التوصل الى أنهم متورطين في قتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني.

وأضافت أنه بعد مقتل أفراد التشكيل العصابي، تم تفتيش أماكن ترددهم، وتبين أن أحد المتهمين احتفظ بمقتنيات ريجيني لدى شقيقته بالقليوبية، وقدمت وزراة الداخلية الشكر للفريق الأمني الإيطالي على تعاونه الوثيق ودوره الإيجابى وتواصله الدائم مع الفريق الأمني المصري خلال مراحل البحث والتحري وجمع المعلومات التى كان يقوم بها خلال الفترات الماضية حول قضية مقتل الطالب الإيطالي “جوليو ريجيني” ما كان له بالغ الآثر فى التوصل لهذه النتائج، مما يعني الاستعداد لإسدال الستار على القضية.“

بينما ألمح التقرير الأفريقي استنادا إلى رصد المرات التي تحدثت فيها صحافة أو مراكز بحثية عن محمود السيسي، من بينها دورية أسبوعية بعنوان Léspresso عنونت في يوليو 2016:”تسريبات ريجيني: دور محمود نجل السيسي ضابط المخابرات“،  وكتبت في متن الموضوع ”يشغل أبناء الدكتاتور مناصب رئيسية في خدمات وأجهزة الدولة. وربما لعبوا دورًا في قضية ريجيني، كما يبدو من بعض التقارير المرسلة إلى منصتنا المحمية“.

تتابعت المقالات وصولا إلى سلسلة متشابكة من المصالح والعلاقات العائلية لا أريد الخوض فيها على الرغم من كونها محورا لبحث ثان.
لكن فقرة بعينها جعلتني أشك في المحررين وأبحث أكثر تقول: ”ومن الصعب ألا نعتقد أن نجل السيسي لم يكن على علم بتحركات ريجيني حتى قبل اختفائه.
لكن حتى الآن لم يذكر أحد ذلك على الإطلاق.
بعض التقارير المجهولة التي وصلت عبر RegeniLeaks، المنصة المحمية التي أنشأتها “l’Espresso” للبحث عن الحقيقة والعدالة للباحث الإيطالي، أفادت بتفاصيل مثيرة للقلق حول هذا الموضوع.
ونظرًا لحساسية الأمر، لا تزال هذه المقالات قيد الفحص من قبل هيئة التحرير.“ كان هذا 2016.

في يونيو 2020 أعرب رئيس الوزراء الإيطالي عن توجسه من التباطؤ المصري في إظهار التعاون مع إيطاليا بهذا الشأن.
أحد الباحثين المصريين في العلوم السياسية في حديثه مع التقرير الأفريقي قال عن مسافة محمود السيسي من قضية ريجيني تحديدا منطقا مقبولا بحكم منصبه الحساس في المخابرات العامة؛ قال: ”على الأقل كان على دراية باختفاء ريجيني، حتى لو لم يعط الأوامر بذلك“.

عشرات التطورات والاتهامات آخرها كان قبل شهر واحد وبالطبع كانت كلها تطورات مربكة ومركبة، لاتزال إيطاليا تصر على استدعاء عبد الفتاح السيسي شاهدا وتعتبر أن رُتَباً عُليا تورطت أو كانت على دراية بما حدث للباحث ريجيني، بينما تصر القاهرة على أنها لم تكن طرفا.
جامعات وجهات حقوقية لا تزال تتذكر الباحث جوليو وتتمنى لروحه السلام. ولم يثبت أي طرف تورط محمود السيسي قطعيا ارتباطه بقتل ريجيني.
 

حادث طائرة زامبيا
   وقالت إن طريقة عمل اللجان الإعلامية أو كما يحلو للصحفيين تسميتها ”الميليشيات الإلكترونية“ بنشاط محموم على قلة المعلومات في البداية في حادث تلك الطائرة في أغسطس من عام 2023 هو ما جعل البحث والاستقصاء الصحفي يترك ما بيده وتفرغنا جميعا حرفيا نقلب في هذه القصة بحثا عن أي علاقة للسلطة في مصر أرعبت هذه اللجان بهذه الطريقة لتخرج كلها بكثافة ”من على رأسه بطحة“ وهي بالمناسبة أحد أفضل مزايا غباء اللجان الإلكترونية، تفتن على المصيبة فتلتف نظر الصحفيين إليها! بارعون هم في ذلك!

قصر النظر والحداثة في الجهاز الجديد أفضى بهم لكارثة أكبر من كارثة ريجيني، هذه المرة التزموا الصمت التام.
هكذا هم إما عشوائية مدمرة، أو صمت مدمر، لا حرفة ولا خبرة.
جاء إعلان زامبيا عن احتجاز 6 مصريين كانوا على متن الطائرة ليهتك حاجز الصمت تماما.
جرأ الصحفيين على الاستدلال بل على الاتهام من الصحفيين الأكثر شبابا وحديثي العهد بصياغة خبر بهذا الحجم.
ما أكد حدسي كان الاستمرار في الصمت المطبق من الجهاز (المخابرات العامة) و من الخارجية حتى بعد الإعلان الرسمي الزامبي باحتجاز 6 مصريين وإشارة إلى عمل غير قانوني.
الصمت هذه المرة أخطأ ميعاده، فثبّت الرواية الزامبية أكثر. صور مصرية قديمة نشرت على صفحة وزارة الخارجية تظهر فيها نفس الطائرة، كان أضعف رد وعلى استحياء وإن لم يشي بصراع الأجهزة فقد كشف تخبطا غير هين وغياب كامل لقرار يُرد به على هذه المصيبة.

بقليل من الأدوات، ثبت أن الطائرة كانت تُستخدم فقط لنقل رتب (الداخلية) الرفيعة لحضور اجتماعات دولية، وعادة يكون هذا غطاء جيد لسفر عنصر مخابرات أو اثنين لتغطية الرحلة لكتابة تقرير للجهاز أو لتأدية مهمة استخباراتية أصلا فتكون الطائرة غطاءً آمنا.
عدة مصادر أمنية رصدت أن إبراهيم العرجاني سبق وتحرك على متن نفس الطائرة في رحلة لليبيا للقاء سياسيين وعشائر ليبية.

مسارعة اتحاد قبائل سيناء ونفيهم القاطع لحادث الطائرة أصلا وشى بصحة وجود العرجاني على متن تلك الطائرة بالذات.
الغريب أن مالك الطائرة رفض تتبعها وإدراج أرقامها في أبراج المراقبة وتعليمات أخرى من شركة المتحدة للإعلام بالأمر نفسه وهو ما صعب الطرق أمامنا في الصحافة  في تتبع الطائرة ومعرفة وجهتها  لكننا تتبعناها بالفعل.
حتى وقع أمر ما؛ بيان لوكالة الأنباء المصرية الشرق الأوسط لمصدر ”مجهول“، وهذه سابقة فريدة جدا من نوعها للوكالة الرصينة حتى بعد وضعها رهينة للإعلام المهيمن تخالف الرواية في زامبيا.
كان البيان يوم 29 أغسطس 2023 ونصه كالتالي ”أكد مصدر مطلع لوكالة أنباء الشرق الأوسط أن السلطات المصرية تنسق مع نظيرتها الزامبية بشأن التحقيقات مع المصريين المحتجزين بدولة زامبيا، وتتابع بشكل مستمر تطورات الإجراءات القانونية تجاههم.
كما أكد المصدر أن الجهات المعنية تتابع عن كثب سلامة سير إجراءات التحقيق معهم وفقاً لقواعد القانون الدولي“.

صدور النبأ الضعيف من وكالة أنباء الشرق الأوسط هو حيلة قديمة كي لا يذاع لا في قنوات المخابرات ولا الأمن (قنوات المتحدة) ولا يصدر من الرئاسة ولا الخارجية ولا حتى مجلس الوزراء وهذا حتى بروتوكوليا مهين للدولة المقابلة زامبيا ويعد صبيانيا ناهيك عن صلفه الخالي من الحنكة الدبلوماسية.

ناسون باندا من مكتب مكافحة المخدرات قال على التفزيون الزامبي صوتا وصورة ”إن الطائرة جاءت من مصر إلى زامبيا وإن بيانات الطائرة تظهر أنها كانت عائدة إلى مصر مرة ثانية“، زامبيا أعلنت عن ضبط 127 كيلوجرام من ”الذهب غير الخام“ ”مشكوك في أصوله“ وأسلحة نارية و126 ذخيرة نارية و5.7 مليارات دولار لدى هبوط الطائرة في لوساكا، وقد مثل خمسة مصريين وستة زامبيين متواطئين أمام محكمة في زامبيا.

بسبب التعتيم الإعلامي المطلق وتفاهة الإعلام المصري الموالي حتى دون حرفية مستهزئا بمشاهديه، اضطر الجمهور المصري الاعتماد على نفس المصادر التي يستميت إعلام السامسونج أن يقتل رغبة الناس فيه.
بالصمت والتضييق وحجب المعلومات وغياب تام للشفافية والكذب المنهجي كانت النتيجة أن جرأ مصادر الإعلام التي صرف ملايين الجنيهات ليغطي عليها وخرج من كل معاركه أمامها بلا أي مكاسب.

نسبت قنوات ومواقع محسوبة على تيارات الإسلام السياسي لمحمود السيسي واللواء عباس كامل أنهما زارا شركة متورطة في غسل الأموال في فرانكفورت في ألمانيا وأن شركة swift holding قابلا الشريك الأساسي Michael finite بالتزامن مع الكشف عن تهريب عملة صعبة وسبائك من الذهب بكميات كبيرة من مصر إلى زامبيا وعلى متنها ”مجموعة من المصريين المقربين من دوائر صنع القرار“ تعمل الشركة في الظاهر كشركة لسمسرة العقارات وعلى طريق عمليات البيع والشراء للعقارات يتم غسل الأموال ويصعب تتبعه.
 

القضية الأبرز عالميا كانت منينديز وإدانة وائل حنا
   وأوضحت أنها قصة الذهب والرشوة تتكرر ثانية لتترك الأولى في طائرة زامبيا بخيوط كثيرة قد تتشابه في بعض القرائن فترقى لاستدلالات.

حلقات قصة السيناتور روبرت منينديز لم تنته إلا في التاسع والعشرين من يناير هذا العام بعد أن ثُبّت الحكم على السيناتور الديمقراطي السابق عن ولاية نيو جيرسي روبرت منينديز بالسجن 11عاما بعد إدانته بتهم تلقي الرِّشى والفساد وعمالته لدولة أجنبية هي مصر.

تلقى منينديز أموالا وسيارة مرسيدس وسبائك ذهبية في مقابل مساعدة 3 من رجال الأعمال ودوائر سيادية من المسؤولين المصريين في تغيير قرارات في جهات رسمية أمريكية توافق مصالح جهات سيادية مصرية.
قد يراها البعض ”شطارة دبلوماسية“ لكن هؤلاء البعض بحاجة لقراءة قصة الفساد كاملة، فضلا عن أنهم يقبلون مبدأ الرشوة والارتشاء لتلبية مصالح يفترض أنها حقوقٌ لمصر لا تؤخذ بالرٍّشوة.

المدعي العام دفع في لائحة الاتهام التي أُخذ بها في الحكم ضد منينديز بأن السيناتور السابق ضغط على وزارة الزراعة الأمريكية بشأن احتكار أحد المتهمين المدانين وهو مصري واسمه وائل حنا توريد اللحوم المختومة بوشم ”الحلال“ من كل أنحاء العالم إلى مصر كما حكم على وائل حنا بثمان سنوات سجنا، ورجل الأعمال المصري الذي قدم المسؤولين السياديين المصريين إلى منينديز قبل وأثناء تولي الأخير عضوية لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس الأمريكي حيث أثر بالرشى على المجلس في قرارات تتعلق بمصر.

كتبْتُ عن وائل حنا صاحب الثروة المريبة التي بدأت بتأسيس شركته بقرار سيادي في الولايات المتحدة وكيفية صعوده ومدته في 2017، والسلطات السيادية المسؤولة عن هذا الفساد في تحقيقي مفتوح المصادر مشفوعا بالأدلة عن أحد المدانين فيه وهو وائل حنا محتكر لتصدير اللحوم الحلال في مصر وجهات ”ما