يعد معرض القاهرة الدولي للكتاب واحدًا من أهم الفعاليات الثقافية في العالم العربي، حيث يجمع بين الأدباء والناشرين من مختلف الدول العربية، ليكون منصة للتفاعل الفكري والتبادل الثقافي، إلا أن دورة 2024 من المعرض جاءت محملة بتحديات غير مسبوقة للناشرين العرب، وسط قيود سياسية أدت إلى منع عدد من دور النشر العربية من المشاركة.
حرمان الناشرين السوريين من التأشيرات
كشف الكاتب والناشر السعودي نواف القديمي، مدير الشبكة العربية للأبحاث والنشر، عبر منشور على "فيسبوك" في 23 يناير 2024، عن منع سلطات السيسي للناشرين السوريين من الحصول على تأشيرات دخول، ما حال دون مشاركتهم في معرض القاهرة للكتاب، رغم مشاركتهم في الأعوام السابقة. كما أشار القديمي إلى أن الشبكة العربية ما تزال ممنوعة من المشاركة للعام الثالث على التوالي، وهو ما يعكس استمرار الضغوط على بعض دور النشر ذات التوجهات الفكرية المستقلة.
القيود لم تقتصر على سوريا وحدها، إذ اضطر العديد من الناشرين العرب إلى إيجاد حلول بديلة، مثل إرسال كتبهم عبر وكلاء مصريين أو مشاركتهم من خلال ناشرين محليين، بحسب ما أفادت به صحيفة المصري اليوم.
قيود سابقة.. منع دور نشر قطرية وليبية
لم يكن منع الناشرين السوريين الأول من نوعه، فقد شهد المعرض في السنوات الماضية قيودًا مشابهة. فمنذ فرض الحصار الدبلوماسي على قطر عام 2017، مُنعت دور النشر القطرية مثل دار جامعة حمد بن خليفة للنشر ودار كتارا للنشر من المشاركة. ولم يُسمح بعودتهم إلا بعد المصالحة الخليجية ورفع الحصار عن قطر في 2022.
أما بالنسبة للناشرين الليبيين، فكان الوضع أكثر تعقيدًا خلال دورة 2023، إذ مُنعت وزارة الثقافة الليبية ودور النشر الرسمية من المشاركة بقرار من الخارجية المصرية.
وعزى البعض المنع إلى الخلاف السياسي بين حكومة طرابلس المعترف بها دوليًا وحكومة الشرق المدعومة من المشير خليفة حفتر، الحليف الوثيق للسيسي، مما يعكس تداخل السياسة مع الفعاليات الثقافية.
التضييق على الناشرين الأجانب في المعرض
تجددت مظاهر التضييق هذا العام، حيث شهدت صالة رقم 3، المخصصة لدور النشر الأجنبية، إجراءات أمنية مشددة وغير اعتيادية، تمثلت في تفتيش الكتب الواردة إلى المعرض بشكل صارم من قبل رجال الجيش والأمن، وتم إغلاق الصالة لمدة ثلاث ساعات في الأيام الأولى للمعرض، بحجة التأكد من خلو الكتب من أي محتوى يتعارض مع الموقف السياسي المصري.
كما اشتكى ناشرون من تأخير الإفراج عن شحنات الكتب في الجمارك، حيث استغرق الأمر وقتًا أطول من المعتاد بسبب الفحص الأمني المشدد، هذا الأمر أثر بشكل كبير على حركة البيع والشراء وأربك خطط الناشرين.