مع انقضاء عام 2024، كان هناك تصريح لافت للرئيس التنفيذي للبنك الأهلي المصرى ورئيس إتحاد البنوك؛ محمد الإتربي، قال فيه: إن هناك 2360 شركة خرجت من مصر إلى الإمارات خلال النصف الأول من عام 2024 بسبب التسهيلات في بيئة الأعمال، مقابل صعوبات إدارية وبيروقراطية تواجه المستثمر في مصر.

د.يحيى غنيم @YahyaGhoniem علق كمراقب أن تصريح الأتربي أظهر (الحتة التانية) التي تحدث عنها السيسي في 2024، وانه سينقل مصر إليها.

وأضاف أن التصريح كان فى حضور رئيس وزراء السيسي مدبولى بالمؤتمر الإقتصادى، مضيفا تصريح آحر لرجل الأعمال حسن هيكل يقول: "الحل لمشكلة ديون مصر يجب بيع كل الشركات والأراضي التابعة للدولة المصرية!.. دى مشكلة الديون (فقط) وليس بناء الجمهورية الجديدة التى بشر بها الزعيم!"، بحسب ما كتب على إكس.

وقال مراقبون إن العديد من الشهادات العالمية والقرائن الدامغة، التي لا تخفى على المراقب لاقتصاد مصر وحركتها الاجتماعية والاقتصادية، بأن مصر لم تعد واجهة استثمارية سواء لمستثمرين أجانب أو حتى محليين، بل أصبحت طاردة للجميع حتى رجال الأعمال المقربين من نظام عبد من أبرز الأسباب التي دفعت هذه الشركات لاتخاذ قرار التوسع نحو الأسواق الخارجية هو التسهيلات الاستثمارية الواسعة التي تقدمها تلك الدول، وتشمل الإعفاءات الضريبية وتبسيط الإجراءات وتوفير بنية تحتية متطورة.
 

الأسواق المجاورة
   
وعن توسع الشركات المصرية في الأسواق الخليجية، كشفت تقارير قفز عدد الشركات المصرية في السعودية من 500 إلى 4 آلاف شركة، وتضاعف رأس مال الشركات من 5 مليارات ريال إلى 50 مليار ريال.

ورصدت التقارير أن  30% من تصاريح الاستثمار السعودية خلال الربع الأول عام 2024 حصلت عليها شركات مصرية. كما أن المصريون يحتلون المرتبة الثالثة بين الجنسيات الأكثر تأسيسًا للشركات في دبي خلال النصف الأول من 2024، حيث بلغ عدد الشركات المصرية الجديدة المسجلة بدبي 2355 شركة.
 

أسباب هروب الاستثمار
   
وبحث المراقبون عن أبرز أسباب هروب الشركات المصرية إلى الخارج وكان التسهيلات استثمارية الجاذبة، وتشمل الإعفاءات الضريبية وتبسيط الإجراءات وتوفير بنية تحتية متطورة.

وفي المقابل، تواجه الشركات المصرية تحديات كثيرة داخل السوق المحلي، مثل التعقيدات البيروقراطية والبيئة الاستثمارية غير الميسرة والأعباء الضريبية المرتفعة، مما يضعف قدرتها على المنافسة والاستمرارية.

وكان محمد الإتربي حذر من الآثار السلبية لهذا النزوح الاستثماري على الاقتصاد المصري، والتي وصفها بالتهديد الخطير، خاصة أن مصر تمتلك كافة الإمكانيات للتطور، داعيًا إلى اتخاذ خطوات عاجلة لمعالجة المشكلات التي تواجه الشركات محليا.

وجاء ذلك وسط تساؤلات ملحّة بشأن قدرة الحكومة على خلق مناخ تنافسي جاذب للاستثمار يحافظ على استمرارية الشركات ويوقف نزيف خروجها إلى أسواق أخرى، ويعالج مخاوفها المتعلقة ببيئة الأعمال.
 

نزيف الاقتصاد
   واتفق الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب السفير جمال بيومي مع تصريحات رئيس البنك الأهلي، ووصف هذا التطور بأنه يشكل "نزيفًا للاقتصاد المصري ويتطلب تدخلاً عاجلاً من الحكومة لوضع حلول جذرية لتحسين بيئة الاستثمار المحلية".

وقال "بيومي": إن التسهيلات الاستثمارية المقدمة في العديد من الدول، مثل الإعفاءات الضريبية وتبسيط الإجراءات، تجذب الشركات المصرية التي تواجه تحديات كبيرة محليًا، مما يهدد تنافسية بيئة الأعمال المصرية، وفقً تصريحات صحفية.

وحدد أشكال التعقيدات التي تواجه المستثمرين مثل؛ التعقيدات الإدارية، وبطء سير الإجراءات، والتعقيدات المالية المتعلقة بصعوبة التعامل مع البنوك المحلية، وارتفاع تكلفة التمويل، داعيا إلى تحديد هوية الاقتصاد المصري: هل هو اقتصاد تقوده الدولة أم اقتصاد يقوده السوق؟

وشاركه رجل الأعمال المصري الأمريكي محمد رزق الأسباب ذاتها لهجرة الشركات المصرية.
أولا باعتبار الأسواق الخارجية امتداد طبيعي لعمل هذه الشركات فى الشرق الأوسط وخاصة الشركات الكبرى الناجحة بحثًا عن فرص جديدة.
وثانيا، تخارج بعض الشركات من السوق المصرية بسبب الصعوبات التي تجابهها وعدم ملائمة البيئة الاستثمارية، ناهيك عن المزايا التي تقدمها بلدان الإقليم.

وأضاف أنه تبقى المشكلة الأساسية هي توفير العملة الأجنبية وارتفاع فائدة الاقتراض وبالتالي الضغط على كل قطاعات الاقتصاد، وعدم وجود رؤية شاملة واضحة لإنهاء هذا العوار بسبب الفجوة الدولارية.

ورأى في تصريحات صحفية أن التفاؤل بحل حكومة السيسي مشكلات بيئة الاستثمار محدودًا، وذلك لمشكلتين؛ "تمسك الدولة بسيطرتها على إدارة الاقتصاد"، ثم "افتقار الوزارات والهيئات الحكومية إلى الكفاءات والبنية التحتية اللازمة للتحول الرقمي، إلى جانب الموروثات البيروقراطية التي تعرقل جهود الإصلاح".

وأشار إلى أن مصر تواجه أزمة تمويل حادة منذ هروب نحو 22 مليار دولار من الأموال الساخنة من البلاد منذ مارس 2022، بجانب تراجع الدعم الخليجي لعبد الفتاح السيسي، الذي وضعت سياساته البلاد في أزمة ديون خارجية وصلت نحو 165 مليار دولار، فيما تضغط آجال الديون وفوائدها على الموازنة العامة للبلاد.

وكشفت مؤسسة “فيتش” عن ارتفاع كبير في استحقاقات الديون الخارجية المصرية، من 4.3 مليار دولار في السنة المالية 2023، إلى 8.8 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في  يونيو 2024، و9.2 مليار دولار في العام المالي 2025.