في خطوة أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الثقافية والاجتماعية، حيث بدأت جرافات القوات عمليات هدم مقابر أسرة محمد علي باشا في منطقة مصر القديمة، المعروفة أيضًا باسم"مدينة الموتى".
تُعتبر "مدينة الموتى" واحدة من أهم المناطق التاريخية في مصر، حيث تضم آلاف المقابر التي تعكس العمارة الإسلامية، التي تُعد شاهدة على التاريخ العريق الغني للبلاد، وتحتوي "مدينة الموتى" والتي تقع في القاهرة على آلاف المقابر التاريخية،ويُقدر عددها بحوالي 20,000 مقبرة، تتعرض حالياً لتهديدات الإزالة.
قبل ثلاثة أعوام، أعلنت محافظة القاهرة نيتها إزالة نحو 2700 مقبرة في المنطقة، مما أثار استياءًكبيرًا بين المؤرخين والناشطين في مجال الحفاظ على التراث، وكان هذا القرار جزءًا من خطة واسعةلتحسين وتطوير المنطقة، إلا أنه أثار العديد من الأسئلة حول مستقبل المواقع التاريخية والدفن في مصر.
تاريخ المقابر
تشمل هذه المقابر مجموعة متنوعة من الفترات التاريخية وثقافة العصور المختلفة، بدءًا من العصورالإسلامية حتى الحقبة العثمانية.
وتُعتبر هذه المقابر معلمًا هامًا يعكس العمارة الإسلامية التقليدية، وتحتوي على الكثير من الرموز الفنية والثقافية.
بالإضافة إلى ذلك، تتواجد في "مدينة الموتى" العديد من الأضرحة التي تعود لأسر تاريخية أخرى، مما يزيد من أهمية الحفاظ على هذا المعلم.
مقابر أسرة محمد علي باشا
توجد ضمن هذه المنطقة مقابر أسرة محمد علي باشا التي حكمت مصر في القرن التاسع عشر،والتي تعتبر من أبرز وأهم المعالم التاريخية في البلاد، كما أن تاريخ هذه المقابر يعكس تراثًا ثقافيًا غنيًا، حيث تضم معالم فريدة من العمارة الإسلامية.
ومع ذلك، تعرضت هذه المقابر لتهديدات من خطط حكومة السيسي، التي تسعى إلى إزالة الآلاف منها تحت مبررات التطوير، حيث تعتبر تنفيذ مثل هذه الخطط انتهاكًا للتراث الثقافي، بعد استخدام أساليب الدولة البوليسية في فرض قراراتها دون إشراك المجتمع المدني أو مراعاة تاريخ البلاد.
قائمة التراث العالمي لليونسكو
تم إدراج "مدينة الموتى" على قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 1979 مما يعكس أهميتها المعمارية والتاريخية، ويعزز مكانتها كموقع يستحق الحماية والاهتمام من الدولة، فهي جزءًا شاهداً من التاريخ المصري يعود لقرون، وتحتوي على آلاف المقابر التي تعود لعصور مختلفة، بما في ذلكالحقبة العثمانية.
مستقبل مدينة الموتى
يبدو أن مستقبل "مدينة الموتى" في مهب الريح، حيث تتزايد المخاوف من أن عمليات الهدم ستؤدي إلى فقدان المزيد من المعالم التاريخية، إذا استمرت سياسة حكومة السيسي في تنفيذ خططها كما هو مخطط له، فإن هذا قد يعني ضياع جزء كبير من التاريخ المصري في منطقة تعكس تراثًا عريقًا يمتد لقرون.
صراع بين "مدينة الموتى" والدولة
تواجه هذه المنطقة تحديات كبيرة في السنوات الأخيرة، حيث أعلنت محافظة القاهرة خطة لإزالة حوالي 2,700 مقبرة كجزء من مشروع تطويري شامل في قلب العاصمة المصرية القاهرة.
وتدعي حكومة العسكر أن هدف المشروع تحسين البنية التحتية وتقديم خدمات أفضل للسكان المحليين،ومع ذلك، يعتبر الكثيرون أن هذه الخطط تُهدد التراث الثقافي، إذ قد تؤدي عمليات الهدم إلى فقدان أجزاء هامة من تاريخ البلاد.
تأتي هذه الخطوات في إطار سياسات تتبعها حكومة السيسي، والتي تُتهم بالتعمد في هدم الآثار الإسلاميةوالمواقع التاريخية، تحت مبررات التنمية والتطوير.
حاولت محافظة القاهرة توضيح موقفها، مشيرة إلى أن الخطة تشمل إجراءات للحفاظ على التراث،مثل ترميم بعض الأضرحة وإعادة تأهيل المنطقة بشكل عام.
ومع ذلك، يبقى السؤال المطروح: هل تستطيع المحافظة تحقيق التوازن بين التطوير والحفاظ علىالتراث؟
ردود أفعال
يسعى الكثيرون إلى الضغط على حكومة الانقلاب للتراجع عن قراراتها، حيث كانت ردود أفعال المصريين والنشطاء صريحة وقوية، حيث أعربوا عن استيائهم من القرارات الحكومية وعبّروا عن الحاجة الملحة للحفاظ على التراث الثقافي.
كما انطلقت حملات على وسائل التواصل الاجتماعي للتنديد بخطط الهدم، داعين إلى ضرورة إشراك المجتمع في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمواقع التاريخية، حيث تعتبر هذه الأصوات دليلًا على الوعي المتزايد بأهمية التراث.
وهنا يُثار التساؤل حول الدوافع الحقيقية وراء هذه السياسات، التي باتت تعتبر وكأنها تأتي في سياق محاولة محو الهوية الثقافية لمصر، كما أن التخوفات تتزايد من أن تؤدي عمليات الهدم إلى فقدان المزيد من المعالم التاريخية، مما سيؤثر سلبًا على الهوية الثقافية للبلاد.
ووفق تقديرات المراقبين، فإنه لا يزال هناك حاجة ملحة للتوازن بين الحفظ والتنمية، يضمن الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي، مع تحسين ظروف الحياة للسكان في الوقت نفسه ويجب أن تكون مصلحة الوطن وتاريخه في المقدمة.
كما يجب أن تعمل حكومة السيسي على التوازن بين الحاجة إلى التنمية والحفاظ على التراث الثقافي، فالحفاظ على "مدينة الموتى" والمقابر التاريخية الأخرى ليس مجرد مسؤولية تاريخية، بل هو واجب لحماية الهوية الثقافية المصرية، كما أن الحفاظ على هذه المواقع التاريخية يُعد أمرًا ضروريًا ليس فقط للأجيال الحالية، ولكن أيضًا للأجيال المستقبلية التي يجب أن تتعرف على تراثها وتاريخها وماضيها.

