في خطوة مثيرة للجدل، جاء تقرير قناة "أم بي سي" السعودية الذي وصف قياديين من حركة حماس بـ"الإرهابيين" كجزء من استراتيجية جديدة للتطبيع الإعلامي مع الكيان الصهيوني. في وقت يتعرض فيه الفلسطينيون لواحدة من أكثر الحروب وحشية، حيث فقدوا أكثر من 42 ألف شخص في قطاع غزة، تظهر هذه التصريحات كجزء من حملة تشويه تهدف إلى تبرير الرواية الإسرائيلية. التقرير الذي أعده الصحفي محمد المشاري وصف رئيس الوزراء الفلسطيني المنتخب إسماعيل هنية ونائبه صالح العاروري بأنهما "شخصيات مثيرة في عالم الإرهاب"، متجاهلاً بشكل صارخ الحقائق التاريخية والواقع المؤلم الذي يعيشه الفلسطينيون. مثل هذه التصريحات تعكس سياسة MBC التي تسعى لدعم الرواية الإسرائيلية والتقليل من معاناة الفلسطينيين. حملة التشويه والردود بعد صدور التقرير، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حملة واسعة من الانتقادات والمطالبة بإقالة المعد، مما أدى في النهاية إلى حذف التقرير والتحقيق في مضمونه. هذه الحادثة تثير التساؤلات حول معايير الصحافة المهنية في القناة، وهل كانت تلك التصريحات جزءًا من توجيهات أعلى أم مجرد زلة لسان؟" لا تقتصر سياسات التطبيع الإعلامي على تقارير إخبارية فحسب، بل تمتد لتشمل عرض أعمال تروّج لصورة إيجابية عن الكيان الصهيوني. في يوليو 2023، أُعلنت صفقة بيع حقوق بث المسلسل الوثائقي "نبوءة كاسندرا" لصالح قناة "أم بي سي". يُظهر هذا العمل الجهود الإسرائيلية في "محاربة الإرهاب" ويروّج لبطولات الموساد، ما يثير غضب النقاد الذين يرون فيه تشويهًا للحقائق التاريخية. خطوات تطبيعية أخرى: منصة "شاهد" في مارس 2023، قامت منصة "شاهد" التابعة لـ MBC بتوقيع اتفاقية تطبيعية مع شركة الاتصالات الإسرائيلية "بارتنر"، مما أتاح للجمهور الإسرائيلي الوصول إلى المحتوى العربي بسهولة. هذه الخطوة جاءت بعد "اتفاقيات أبراهام" التي شهدت تطبيع العلاقات بين دول عربية وإسرائيل، مما يعكس تحولًا جذريًا في الإعلام العربي. في يناير 2023، عرضت الشبكة السعودية مسلسل "وشوشات من غزة"، الذي أُنتج بالتعاون مع مركز اتصالات السلام الأمريكي وصحيفة "تايمز أوف إسرائيل". يُسلط المسلسل الضوء على شهادات من سكان غزة، لكن من منظور يتجاهل الواقع المرير الذي يعيشه الفلسطينيون تحت الاحتلال والحصار. الهدف هنا يبدو واضحًا: تعزيز الرواية الإسرائيلية على حساب القضايا الإنسانية. في أكتوبر 2020، تعرض مسلسل "التغريبة الفلسطينية" للغضب بسبب حذفه من منصة "شاهد". هذا العمل الوثائقي الذي يروي أحداث النكبة، تم إعادة عرضه بعد ضغوط من النشطاء. لكن الحادثة تُظهر بوضوح أن هناك رغبة في تجنب الموضوعات الحساسة التي قد تثير غضب الاحتلال أو حلفاءه. عام 2020 شهد أيضًا عرض مسلسلات مثل "مخرج 7" و"أم هارون"، والتي تعرضت لانتقادات حادة بسبب ترويجها لأفكار التطبيع. تقدم هذه الأعمال رؤى مشوهة عن الصراع الفلسطيني، مما يزيد من قلق النشطاء والمراقبين حول دور الإعلام السعودي في تشكيل الوعي العام بشأن القضايا العربية. استنتاج: أبعاد التطبيع الإعلامي إن تطبيع العلاقات بين السعودية والكيان الصهيوني لا يتوقف عند الحدود السياسية والاقتصادية، بل يتسرب أيضًا إلى المجالات الثقافية والإعلامية. قناة "أم بي سي" ليست فقط وسيلة ترفيه، بل أصبحت أيضًا منصة تروج للرواية الإسرائيلية وتعزز من جهود تشويه حركة حماس وغيرها من القوى المقاومة. ختاما؛ في خضم هذا التطبيع الإعلامي، يبقى السؤال الأهم: كيف سيتفاعل الجمهور العربي مع هذه التحركات؟ هل سيستمر في قبول الروايات المشوهة، أم سيقف ضدها ويطالب بتمثيل عادل للقضية الفلسطينية؟ إن المستقبل سيكشف عن قدرة العرب على مواجهة هذه التحديات وإعادة تشكيل الرواية التاريخية بما يتناسب مع الحقائق.

