تعد قناة السويس واحدة من أهم الممرات البحرية في العالم، حيث تشكل أقصر الطرق بين أوروبا وآسيا، مما يجعلها محورًا حيويًا للتجارة الدولية. ومع ذلك، فإنها تواجه حاليًا تحديات كبيرة، حيث تراجعت إيراداتها بنسبة 25% خلال العام المالي الماضي، وهو ما يعكس التأثيرات السلبية للتوترات الجيوسياسية في المنطقة. تراجع إيرادات قناة السويس أوضح السيسي أن قناة السويس، التي تُعد واحدة من أهم مصادر الإيرادات لمصر، قد تضررت بشدة جراء التوترات الإقليمية، لا سيما الحرب الإسرائيلية على غزة. وذكر أن هذه الحرب كان لها تداعيات خطيرة على حركة الملاحة في البحر الأحمر، مما دفع العديد من السفن لتجنب المرور عبر القناة خوفًا من التهديدات الأمنية. في وقت يشهد فيه الاقتصاد المصري ضغوطًا متزايدة، من بينها ارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة العملة المحلية، نجد أن السيسي يفضل إلقاء اللوم على الظروف الخارجية دون معالجة أية تحديات محلية. تغليب التبريرات على الحلول منذ بداية الأزمة الاقتصادية التي تعصف بمصر، لجأ السيسي إلى تقديم تبريرات تعتمد بشكل كبير على الظروف الخارجية. وقد ألقى اللوم على الحروب والنزاعات في المنطقة، متجاهلاً التحديات المحلية التي قد تكون ساهمت في تدهور أوضاع القناة. تذكر أن قناة السويس شهدت العديد من التحديات، مثل أزمة سفينة "إيفر غيفن" التي أغلقت الممر الملاحي لفترة قصيرة في عام 2021، مما أثار انتقادات حول إدارة الأزمة حينها. رغم الإجراءات التي تم اتخاذها لتوسيع وتعزيز القناة، إلا أن هذه الجهود لم تمنع حدوث تراجع كبير في الإيرادات. الأزمات الإقليمية وتأثيرها على الملاحة رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، أشار إلى أن إيرادات القناة تراجعت بنسبة 23.4% لتصل إلى 7.2 مليارات دولار خلال العام المالي 2023-2024، مقارنة بـ 9.4 مليارات دولار في العام المالي 2022-2023. وأوضح أن حركة الملاحة تأثرت بشدة بالأزمة الأمنية في البحر الأحمر، حيث فضلت العديد من السفن اتخاذ طرق بديلة. الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة ليست السبب الوحيد لتراجع حركة الملاحة. فالأوضاع في لبنان، وتصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله، بالإضافة إلى الهجمات التي يشنها الحوثيون في اليمن على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، تزيد من تعقيد الوضع. كما أن الحروب المستمرة في السودان وعدم الاستقرار في ليبيا تزيد من مخاطر المنطقة. فشل الحكومة في اتخاذ إجراءات استباقية بينما تلعب الظروف الإقليمية دورًا في التأثير على إيرادات قناة السويس، فإن فشل الحكومة المصرية في اتخاذ إجراءات استباقية لمواجهة التحديات الأمنية في البحر الأحمر لا يمكن تجاهله. لم تُقدّم الحكومة حلولًا فعالة لتعويض الخسائر الناجمة عن التوترات، مما يعكس قصورًا في إدارة الأزمة. إن الاعتماد الكبير على قناة السويس كمصدر رئيسي للإيرادات يعكس أيضًا ضعفًا في تنويع مصادر الدخل القومي. بينما تسعى الدول الأخرى إلى تعزيز قطاعات جديدة، تظل مصر تعتمد على موارد محدودة قد تتأثر بالتوترات الجيوسياسية. أزمة الثقة وتراجع الشفافية تتبع الحكومة المصرية نهجًا غير شفاف في التعامل مع الأزمات الاقتصادية. بدلاً من تقديم بيانات واضحة ودقيقة حول الخسائر وأسبابها، تعتمد المسؤولون على تبريرات عامة، مما يزيد من أزمة الثقة بين الحكومة والشعب. مع تصاعد الانتقادات حول إدارة الشؤون الاقتصادية والسياسية في البلاد، يسعى النظام لتعزيز صورته من خلال تأكيد استقرار الوضع الأمني والاقتصادي، رغم الواقع الذي يشير إلى عكس ذلك. تأثيرات أوسع على الاقتصاد المصري إن خسائر قناة السويس ليست مشكلة معزولة، بل هي جزء من أزمة اقتصادية أوسع تواجهها مصر. يعاني الاقتصاد المصري من ارتفاع الدين العام، وتراجع قيمة الجنيه، وارتفاع معدلات البطالة، بالإضافة إلى التضخم المتزايد. تمثل خسائر قناة السويس ضربة قوية للإيرادات القومية، التي تعد مصر في أمسّ الحاجة إليها. مع تزايد الضغوط الاقتصادية، اضطرت الحكومة إلى بيع أصول هامة وشركات حكومية للمستثمرين الأجانب، مما يثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على الحفاظ على الموارد الاستراتيجية. الحاجة إلى إصلاحات جذرية تسلط الأزمة التي تواجهها قناة السويس الضوء على الحاجة الملحة لإجراء إصلاحات جذرية في الاقتصاد المصري. يجب على الحكومة تبني سياسات اقتصادية أكثر استدامة، تعتمد على تنويع مصادر الدخل وتطوير قطاعات اقتصادية جديدة. علاوة على ذلك، ينبغي تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الأزمات. على الرغم من التحديات الإقليمية التي لا يمكن إنكارها، فإن الفشل في اتخاذ تدابير فعالة يظهر قصورًا في الإدارة. ختاما؛ في ظل التحديات التي تواجهها مصر، لا يمكن للحكومة أن تستمر في الاعتماد على تبريرات مثل الأوضاع الإقليمية لتبرير الفشل في إدارة الأزمات الاقتصادية. يجب أن تتخذ خطوات فعالة لإصلاح الاقتصاد وتعزيز الثقة بين الحكومة والشعب.

