مع مرور عام كامل على حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة تحت مسمى "طوفان الأقصى"، سجلت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تفاصيل مروعة حول الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين في القطاع. وصفت المنظمة هذه الحرب بأنها واحدة من أبشع الجرائم الإنسانية في التاريخ الحديث، حيث استخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة الفتاكة على مرأى ومسمع العالم، دون أي رد فعل دولي يوقف الغطرسة الإسرائيلية.

أرقام مروعة للضحايا والدمار
وفقاً لبيان المنظمة، الذي صدر بالتزامن مع الذكرى الأولى للحرب، قُتل 41,689 فلسطينيًا في قطاع غزة خلال هذا العام، بينهم 11,458 امرأة و16,891 طفلًا. كما أصيب 96,625 شخصًا، من بينهم 986 من العاملين في المجال الطبي، و174 من الإعلاميين، و203 من موظفي الأونروا، و85 من أفراد الدفاع المدني. إضافةً إلى ذلك، يُعتبر أكثر من 10,000 فلسطيني في عداد المفقودين.

تجاوزت خسائر البنية التحتية في قطاع غزة مستويات غير مسبوقة، حيث تم تدمير أكثر من 200,000 وحدة سكنية، 60٪ منها دُمرت بالكامل، مما أدى إلى تهجير أكثر من 1.9 مليون شخص. بالإضافة إلى ذلك، تم تدمير 80٪ من المنشآت التجارية في القطاع، وتعرضت شبكة الطرق والمواصلات لتدمير بلغ 68٪. أما القطاع الصحي، فقد خرج 19 مستشفى من أصل 36 عن الخدمة تمامًا، كما توقفت 75 مركزًا طبيًا من أصل 131 عن العمل.
الدمار في الضفة الغربية ولبنان

لم تكن الجرائم الإسرائيلية محصورة في قطاع غزة فقط، بل امتدت أيضًا إلى الضفة الغربية ولبنان. في الضفة الغربية، قتل الاحتلال 741 فلسطينيًا، بينهم 163 طفلًا، وهدم 1,768 مبنى، ما أدى إلى تهجير 4,555 شخصًا. وعلى الحدود مع لبنان، أدت الهجمات الإسرائيلية منذ الثامن من أكتوبر 2023 إلى مقتل 2,036 شخصًا، ونزوح أكثر من 1.2 مليون شخص.

تجاهل المجتمع الدولي ودور المحكمة الجنائية الدولية
وعلى الرغم من التوثيق المستمر للجرائم المرتكبة من قبل الاحتلال، إلا أن المجتمع الدولي ظل عاجزًا عن اتخاذ خطوات فعلية لوقف هذه المجازر. أصدرت العديد من الهيئات الدولية، بما في ذلك محكمة العدل الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة، قرارات تدعو إلى وقف الجرائم ضد الفلسطينيين، لكنها بقيت حبرًا على ورق نتيجة الفيتو الذي تستخدمه الدول الحليفة لإسرائيل، وعلى رأسها الولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، طالبت منظمات حقوقية، منذ بداية الحرب، المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيقات عاجلة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم. وعلى الرغم من مرور أشهر، إلا أن المحكمة لم تُصدر بعد مذكرات قبض بحق المسؤولين الإسرائيليين، مثل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، مما أثار استياء المجتمع الحقوقي العالمي.

دور التطبيع والدول العربية
لم تكن إسرائيل وحلفاؤها الدوليون وحدهم المسؤولين عن استمرار المجازر. فقد لعبت بعض الدول العربية، ولا سيما الإمارات، دورًا سلبيًا في دعم الاحتلال عبر استمرار علاقاتها التطبيعية. لم تُمارس هذه الدول أي ضغوط حقيقية على إسرائيل لوقف عمليات القتل والتهجير، بل سهلت عبور البضائع والموارد عبر أراضيها، مما ساعد في استمرار الحرب.

وأشارت المنظمة العربية لحقوق الإنسان إلى أن الإمارات، إلى جانب دول أخرى، تجاهلت المجازر المتواصلة بحق الفلسطينيين، وفضلت الحفاظ على علاقاتها السياسية والاقتصادية مع تل أبيب، متجاهلة تمامًا الدعوات العالمية لمحاسبة إسرائيل على جرائمها.
محاولات الدول المتضامنة ودعاوى محكمة العدل الدولية

في المقابل، بدأت بعض الدول المتضامنة مع الفلسطينيين، مثل جنوب أفريقيا، نيكاراغوا، وتركيا، في رفع دعاوى أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية. ولكن هذه الجهود لم تلق الدعم الكافي من المجتمع الدولي، مقارنة بحملات مماثلة مثل الدعوى المقدمة ضد روسيا.

دعوات لإنشاء محكمة خاصة وإجراءات فعالة
في ختام بيانها، دعت المنظمة إلى توحيد جهود الدول المتضامنة مع حقوق الشعب الفلسطيني وتشكيل محكمة خاصة لملاحقة الجرائم المرتكبة. كما شددت على ضرورة اتخاذ خطوات عملية لعزل إسرائيل دوليًا وتجريدها من عضوية الأمم المتحدة. وخلص البيان إلى أن الشعب الفلسطيني دفع ثمنًا باهظًا خلال عام واحد فقط، ما يفرض على المجتمع الدولي التحرك لوقف الجرائم الإسرائيلية المستمرة.

تمر الذكرى الأولى لطوفان الأقصى بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي تجاهله للقرارات الدولية، ويستمر في مجازره بحق الفلسطينيين وسط تواطؤ دولي وإقليمي يعزز من معاناة الشعب الفلسطيني ويدفعه نحو المزيد من الخطر.