في حادث مروع شهدته مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية شمال القاهرة، وقع تصادم بين قطارين أسفر عن مصرع أربعة ركاب وإصابة 52 آخرين. هذا الحادث أثار موجة من التساؤلات حول المسؤولية عن الحادث، خاصة بعد قرار النيابة المصرية حبس ستة عمال من هيئة السكك الحديدية كمتهمين رئيسيين في التحقيقات الأولية. تفاصيل الحادث وقع الحادث عندما اصطدم قطاران، أحدهما كان متجهاً من مدينة الزقازيق إلى محافظة الإسماعيلية، بينما الآخر كان في طريقه من مدينة المنصورة إلى الزقازيق. هذه الكارثة أودت بحياة أربعة أشخاص، بينهم هبة إبراهيم السيد (36 عاماً)، شقيقتها شيماء (26 عاماً)، وابنة شيماء، الطفلة وعد صلاح فرج (5 سنوات)، ورجل مسن يُدعى رمضان حسن خيري (72 عاماً). بعد الحادث، سارعت النيابة العامة المصرية لفتح تحقيق موسع للوقوف على أسباب التصادم وتحديد المسؤولين عنه. وقامت النيابة بتوجيه تهمة الإهمال الجسيم لستة عمال من هيئة السكك الحديدية، خمسة منهم يعملون في برج المراقبة، والسادس هو عامل التحويلة. وتم وضعهم قيد الحبس الاحتياطي لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيقات. حبس العمال وإخلاء سبيل السائقين ما أثار الجدل في هذه القضية هو قرار النيابة بإخلاء سبيل سائقي القطارين، مع الاكتفاء بحبس العمال الستة. وهذا القرار طرح تساؤلات حول من يتحمل المسؤولية الحقيقية عن الحادث: هل هم العمال الستة أم أن هناك عوامل أخرى مرتبطة بنظام السكك الحديدية نفسه؟ النيابة أوضحت أنها أخلت سبيل السائقين بعد فحص طبي أولي للتأكد من عدم تعاطيهما لمواد مخدرة. كما أصدرت قراراً بتشكيل لجنتين فنيتين للتحقيق في الحادث، واحدة من المهندسين المختصين بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والأخرى من هيئة السكك الحديدية بالقاهرة. حبس العمال الستة أثار غضباً لدى الكثيرين، خاصةً في ظل تاريخ مصر المليء بحوادث القطارات المتكررة، والتي غالباً ما يتم تحميل صغار الموظفين والعمال المسؤولية عنها. في مثل هذه الحالات، يكون من السهل تقديم عمال صغار كبش فداء للتغطية على المشاكل الأعمق في البنية التحتية ونظام السكك الحديدية. من جهة أخرى، يتساءل العديد من الخبراء والمراقبين: هل يمكن أن يكون خطأ بشري من جانب هؤلاء العمال هو السبب الوحيد وراء الحادث؟ أم أن هناك مشاكل هيكلية أكبر تتعلق بالبنية التحتية، وتقادم أنظمة التشغيل، وعدم توفير الصيانة اللازمة؟ البنية التحتية المتهالكة وحوادث القطارات المتكررة مصر لديها تاريخ طويل من حوادث القطارات التي تسببت في مئات الضحايا على مر السنين. على الرغم من الجهود المبذولة لتطوير البنية التحتية، لا تزال القطارات المصرية تعاني من مشاكل كبيرة تتعلق بالسلامة، بما في ذلك نقص الاستثمار في تحديث الأنظمة والإشارات، والاعتماد على معدات قديمة وتقنيات قديمة. بحسب الإحصائيات الرسمية لعام 2021، كان معدل حوادث القطارات في مصر 0.10 حادثة لكل 10,000 نسمة، وبلغ معدل حوادث القطارات بالنسبة لعدد الركاب 3.9 حادثة لكل مليون راكب. هذه الأرقام تسلط الضوء على مشكلة حوادث القطارات المتكررة والتي ترتبط غالباً بمشاكل هيكلية في النظام وليس فقط بأخطاء بشرية. في ظل تكرار حوادث القطارات في مصر، أصبح من الواضح أن هناك مسؤولية مشتركة بين مختلف الجهات. إلقاء اللوم على العمال وحدهم قد لا يعالج جوهر المشكلة. بدلاً من ذلك، يجب النظر إلى جذور المشكلة التي تكمن في نظام السكك الحديدية نفسه، بما في ذلك تحديث البنية التحتية وتوفير تدريب أفضل للعاملين، إلى جانب الاستثمارات في تقنيات أمان حديثة. تحميل العمال الستة المسؤولية قد يكون حلاً سريعاً لتخفيف الضغوط العامة، ولكن الإصلاحات الحقيقية تتطلب اتخاذ خطوات جذرية لتحسين مستوى الأمان في القطارات. يجب توفير أنظمة إشارات حديثة وبرامج تدريبية شاملة للعاملين، إلى جانب مراقبة صارمة لضمان اتباع معايير السلامة. ختاماً، فإن حبس ستة عمال من هيئة السكك الحديدية قد يكون بداية لتحميلهم المسؤولية عن حادث الزقازيق، ولكن الحقيقة هي أن نظام السكك الحديدية في مصر بحاجة إلى إصلاح جذري لتحسين مستوى الأمان ومنع حدوث مثل هذه الحوادث المأساوية في المستقبل. على الحكومة المصرية أن تنظر بجدية في هذه القضية وأن تضمن أن العدالة تُحقق للجميع، بما في ذلك ضحايا الحادث وأسرهم.

