احتفى المشاركون في ندوة "الإمام البنا مجدد أمة وباعث نهضة" بالذكرى الـ 75 لاستشهاد الإمام حسن البنا والتي توافق الثاني عشر من شهر فبراير، وتناول المشاركون في كلماتهم مسيرة الإمام البنا من جوانب مختلفة.
وطوف المشاركون مع ملامح شخصية البنا المُلهم الموهوب وخصائصها التي جعلت منه مجدد القرن العشرين، وأوردوا في هذا الصدد أقوال كثير من علماء الأزهر وغيرهم من الدعاة والعلماء والمصلحين في أنحاء العالم، كما أوردوا آراء المفكرين والساسة والقادة والباحثين في جوانب شخصية الإمام.
وسلط المشاركون الضوء على استراتيجة الإمام الشاملة للإصلاح، وأشاروا إلى اهتمام الكتاب والمفكرين والباحثين العرب والغربيين على حد سواء بهذه الاستراتيجية، وكتاباتهم عنها، وتحليلهم لها.
وأكدوا على أن مشروعه كان مشروعا إصلاحيا شاملا بعيدا عن النهج الثوري أو الانقلابي أو التغيير الفوقي.
كما تعرض المشاركون لظروف نشأة الإمام، وظروف إنشائه وتأسيسه لجماعة الإخوان المسلمين، وتحدثوا عن الدوافع التي دفعته إلى تأسيس الجماعة، وعن الأهداف التي ارتجاها من وراء هذا التأسيس، وعن النتائج التي نتجت عن هذه التجربة الفريدة، وعن تأثيرها في العالم الإسلامي، والعالم عامة.
وأكد المشاركون في الندوة التي نظمها "المنتدى العالمي للفكر والثقافة" الأحد 11 فبرايرعلى عظيم أثر الإمام البنا، وتجربته، ومشروعه في واقع المسلمين في القرنين العشرين والواحد والعشرين.
وشارك في الندوة لفيف من العلماء والدعاة والمفكرين وممثلي عدد من المؤسسات والهيئات من دول مختلفة.
وافتتحت الدكتورة منى صبحي رئيسة "المنتدى العالمى للفكر والثقافة" الندوة، وأشارت إلى أن ميلاد الإمام حسن البنا كان في الـ 25 من شعبان، والتي تزامنت غرته هذا العام مع يوم الندوة وتاريخ استشهاد الإمام البنا يوم 12 فبراير.
وقالت الدكتورة منى صبحي في كلمتها أننا نحتفي اليوم بتوفيق الله للإمام حسن البنا طوال مسيرته في حياته القصيرة والثرية، والتي كانت مسك ختامها ما نحسَبه شهادة أكرمه الله بها في سبيله.
وأكدت الدكتورة منى إلى أن مسيرة الإمام كانت مُلهِمة ومُلهَمة، وكان عنوانها وموضوعها رفع راية الإسلام على مراد الله، وأوضحت أن كثيرا من الرايات ترفع باسم الإسلام ولكن على غير مراد الله.
وأضافت أن الإمام البنا كان مصداقا لمقولة على بن أبي طالب رضي الله عنه "لا تخلو الأرض من قائم لله بالحجة".
وأشارت إلى أنه قد تهيأت للبنا ظروف نشاة قويمة وتربية سليمة، أعانته بتوفيق من الله تعالى على صقل شخصيته بشكل سوي ومتوازن، إضافة إلى أنه حشد كل طاقاته واهتماماته وميوله ومواهبه لخدمة القضية المركزية التي يؤمن بها والتي فقهها أيضا على ضوء الغاية التي خُلق الإنسان من أجلها، وهي عبادة الله وتعبيد الناس لله رب العالمين بكل الوسائل وكل الأساليب المؤثرة.
وأكد الداعية الشيخ أحمد حوى الأمين العام لرابطة العلماء السوريين على أن الإمام البنا كان مستشرفا ومدركا للواقع الذي يعيش، وأن هذا الواقع الذي تفتحت عليه عيناه في مصر هو الواقع الذي عاشته أمتنا العربية والإسلامية بشكل عام.
واستطرد قائلا أن هذا الواقع كان عبارة عن احتلال يجثم على الصدور في مصر وفي كثير من البقاع العربية والإسلامية، وأخطارا محدقة بفلسطين وبالمسجد الأقصى، ومشروعا صهيونيا يخطط ويدبر له ويقام على أرض فلسطين، وتخاذلا من حكام الأمة، وفسادا عاما وفقرا وبؤسا في الأمة، وأنه أدرك قبل هذا سقوط آخرخلافة إسلامية في الأمة، فكان يحمل هذه الأمة ويفكر في مستقبلها والنهوض بهذه الأمة.
وأوضح الشيخ أن الإمام البنا قد اضطلع بدور كبير عظيم، وأن الله قد أكرمه وأهله لذلك الدور بمعالم وجوانب شخصيةٍ عظيمة استطاعت أن تقوم بهذا الدور.
واستعرض الأستاذ محمد مشينش باحث متخصص في الشئون الفلسطينية في كلمته التي كانت بعنوان "دور الإمام البنا في قضية فلسطين" مكانة قضية فلسطين عند الإمام البنا، وماذا كانت تمثل قضية فلسطين للإمام البنا، ورؤية الإمام حسن البنا المميزة في تلازم مشروعي تحرير فلسطين ونهضة الأمة، والمنهج العملي للامام البنا والمسارات العملية لدعم واسناد فلسطين.
واختتممشينش كلمته برؤية الإمام البنا لـ "متى يتحقق الانتصار؟"
واستفاض الأستاذ رجب البنا عضو مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين في توضيحوشرح معالم المشروع الحضاري في فكر الإمام البنا
وطوف الدكتور محمد مختار الشنقيطي أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر حول تراث الإمام البنا، وأشار إلى
الإمام البنا رحمة الله عليه عندما أسس جماعة الإخوان المسلمين في الثلث الأول من القرن العشرين، لم يبنها من فراغ، إنما بنى على تراث سابقيه من المجددين، لكن الإمام البنا لم يكتفِ بتكرار أوترداد ما أنتجه أولئك المصلحون، بل بحث عن ثغرة مفتوحة يسدها لم يمنحها أولئك المصلحون ما تستحقه من الاهتمام، فاتجه الإمام البنا إلى الإصلاح العملي، لا إلى الجدل العلمي، وركز على الفهم الشامل للإسلام، لا على الفهم الجزئي، ودعى ونظم العمل الجماعي والمجتمعي بدلا من العمل العلمي الأكاديمي الفردي، هذه هي الثغرة التي بحث عنها حسن البنا وسدها.
واشار الشنقيطي إلى إن حركات الإصلاح والتجديد تحتاج دائما إلى من يصلحها ويجددها من خلال البحث عن ثغرات أغفلت، وزوايا ظلت معتمة لم يسلط عليها الضوء تماما، ثم سد هذه الثغرات، وتسليط الضوء على تلك الزوايا.
وأكد الدكتور طلعت فهمي مدير مركز المستقبل للدراسات التربوية أن الإمام حسن البنا قد أسس إستراتيجية عظيمة للتغيير، إستراتيجية تقوم على الفرد، وعلى الأسرة، وعلى إرشاد المجتمع، وعلى تحرير الوطن، وعلى استعادة كيان الدولة، وعلى الوصول إلى عالمية الإسلام، استراتيجية واضحة محددة، وهم لم يريدوا لهذا العمل أن يتم، ولكن الله غالب على أمره
وأوضح الدكتورطلعت فهمي أن الأركان العشرة التي صاغ عليها الإمام دعوته، إنما صاغ عبرها دعوة عمادها الفهم، وروحها الإخلاص، وعدتها العمل والجهاد والتضحية، وضابطها الطاعة والتجرد والثبات، وكانت لحمتها الأخوة والثقة، فباتت بنيانا قويا يستعصي على التفتيت، والتجزيء، وعلى الانهيار.
وأشار فهمي إلى أن إن جماعة الإخوان المسلمين لم تكن في يوم من الأيام منكفئة، ولا منزوية، ولا سرية، وفي عهد الإمام البنا كانت الدعوة كلها علنية، وفي كل الأوقات التي تلتها وعاش الإخوان فيها التضييق كان الإخوان في الاتحادات الطلابية، وفي النقابات المهنية، وفي البرلمانات، وفي المجالس المنتخبة، وأنه حين قامت على أكتافهم كذلك ثورة 2011 كانوا في القلب منها، وكانوا ملء السمع والبصر، ولم يكونوا من الأسرار، وكَّونوا حزبا، ووصل أحدهم إلى رئاسة الدولة.
واوضحت الأستاذة فلك شبيب مسؤولة منظمات المجتمع المدني في المركز السوري للعلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية(سيزر) أن حسن البنا قد تبني المنهج الاسلامي القران والسنة حيث قال الاسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا.
وأضافت فلك شبيب أن البنا قد اعتنىوطبع جماعته للاعتناء بالمرأة وقضيتها وإعطائها حقوقها حتى أنه أصدر رسالة كاملة عن المرأة المسلمة.
وكان من بين المشاركين أيضاًد.معروف تشيليك مفكر وباحث ورئيس وقف الدعوة والأخوة التركي الذي تحدث عن الفهم في فكر الإمام البنا.