اشتعلت حملة مرشحي الرئاسة التركية، الرئيس رجب طيب أردوغان، وزعيم المعارضة ورئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، في الساعات الأخيرة قبيل بدء جولة انتخابات الإعادة غدًا الأحد، وبدا كل طرف كأنما يستجمع ما لديه من قوة لمواجهة الطرف الأخر.

 

انتهاء حقبة الانقلابات في تركيا

ركز الرئيس رجب طيب أردوغان، في آخر خطاباته التي توجه بها إلى الشعب التركي على قضية الديمقراطية باعتبارها مبدًا أصيلًا وركيزة أساسية لقرن تركيا الجديد الذي يدعو إليه.

وقال إن الديمقراطية في بلاده نالت ضربة ثقيلة يوم انقلاب 27 مايو 1960، مبينًا أنهم وبعد 63 عامًا ينتظرون بفارغ الصبر الإعلان للعالم أجمع انتهاء حقبة الانقلابات في تركيا، غدا الأحد.

جاء ذلك في كلمة له، اليوم السبت، خلال مراسم أقيمت في الذكرى الـ 63 لانقلاب 27 مايو 1960، على ضريح رئيس الوزراء الأسبق عدنان مندريس ورفاقه.

وفي 27 مايو 1960، شهدت تركيا انقلابًا عسكريًا على حكومة عدنان مندريس، نفذه جنرالات وضباط وضعوا أياديهم على السلطة في البلاد آنذاك، وقاموا بإعدام مندريس رفقة بعض الوزراء بعد نحو 16 شهرًا من الانقلاب.

وترحم أردوغان على مندريس ورفاقه ممن أعدموا عقب الانقلاب.

وأشار إلى وجود الكثير من الآلام والمآسي والتضحيات في تاريخ الشعب التركي، مردفا: "لذا فإنه يعرف جيدًا قيمة الديمقراطية".

وأردف: "بعد مرور 63 عامًا على انقلاب 27 مايو 1960، ننتظر بفارغ الصبر الإعلان للعالم أجمع، غدًا الأحد، انتهاء حقبة الانقلابات في تركيا".

 

نصر تركيا الكبير

وفي تغريدة تزامنت مع كلمته دعا أردوغان الشعب التركي إلى تحقيق ما سماه "نصر تركيا الكبير" عبر إعادة انتخابه في جولة الإعادة المقررة غدًا الأحد. وقال أردوغان إن الأصوات التي ستمنحه الفوز "ستدشِّن قرن تركيا الجديد"، وفق وصفه.

وفي تجمع لاحق حث أردوغان أنصاره على "الإدلاء بأصواتهم بدءًا من الساعات الأولى من صباح الغد" وإقناع أولئك الذين لم يصوتوا في الجولة الأولى بالتوجه إلى صناديق الاقتراع. وقال أردوغان في تجمع حاشد في منطقة بيكوز في إسطنبول إنه يمكن لكتلته من أنصاره الإسلاميين والقوميين والمحافظين أن تكون واثقة من "انتصار تاريخي" و"بأغلبية ساحقة".

 

اللاجئون السوريون

وفيما يتعلق باللاجئين السوريين أعلن كليجدار أوغلو أنه كان يخطط لإعادتهم خلال عامين، لكن بعد لقائه بزعيم حزب الظفر المعارض، أوميت أوزداغ، أكد الأخير أنه يستطيع إعادتهم في عام واحد، وكشف عن أن أوزداغ طلب منه حقيبة وزارية بالإضافة إلى منصب نائب الرئيس.

ووجه أردوغان انتقادات لتصريحات، كمال كليجدار أوغلو، المتعلقة باللاجئين السوريين، وأكد أنه لن يلجأ إطلاقا إلى ما وصفه بخطاب الكراهية بقضية طالبي اللجوء مثلما يفعل كليجدار أوغلو، متهمًا خصمه السياسي بأنه ينتهج خطابا لا يقل حدة عن "الحقبة النازية" على حد تعبيره.

 

ديون بطاقات الائتمان

أرسل المرشح المعارض كمال كليجدار أوغلو الخميس رسائل نصية لهواتف المواطنين الأتراك وعدهم بحل مشكلة ديون بطاقات الائتمان الشخصية.

وأكد في الرسالة أن خزينة الدولة ستتدخل لتسديد الديون من البنوك وتعهد بشطب الفوائد وسداد المبلغ على 36 قسطًا شهريًا.

وحول الرسائل النصية المرسلة من قبل كليجدار أوغلو إلى هواتف المواطنين قال أردوغان: "لقد أرسلوا رسائل نصية للمواطنين يعدونهم فيها بتدخل خزينة الدولة في حل مشكلة ديون بطاقات الائتمان عندما يفوزون. ما هذا الكذب! هذا الشخص لم ييأس من خداع الشعب بالوعود الكاذبة. كيف ستحصل على موافقة الميزانية لفعل ذلك؟ في ظل أغلبية التحالف الحاكم في البرلمان".

 

بث المباريات بدون تشفير

كشفت وسائل الاعلام التركية عن الخطوة الأولى التي سيفعلها مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو بعد فوزه في الانتخابات. قال كليجدار أوغلو: "بعد الفوز في الانتخابات، فإن أول ما سأفعله هو التوقيع على قرار بث المباريات على قناة تي آر تي بدون تشفير "كلمة السر"".

 

إعانات شهرية

ووعد كليجدار أوغلو في كلمته بمساعدة النساء والعائلات من خلال إنشاء حضانات الأطفال في الأحياء التركية، مشددًا على أن تأسيس الحضانات من مميزات الدولة الاجتماعية. كما وعد كليجدار أوغلو بمنح العائلات المعوزة مبلغًا شهريًا وبعدم قطع خدمات الماء والكهرباء أو الغاز عن أي عائلة محتاجة في تركيا.

 

أساليب غير اعتيادية

يقوم العديد من أنصار المعارضة، بشكل مستقلّ عن الأحزاب التي يأخذون عليها عدم تحركها على الأرض، بتعبئة واسعة بين الناخبين لدفعهم للتصويت لكمال كليجدار أوغلو في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، فيطرقون أبواب المنازل موزّعين الزهور والحلوى ورسائل إقناع، في ظاهرة جديدة من نوعها.

وقامت بهيس سايات (40 عامًا) بكتابة رسائل إليكترونية ووزّعتها على أكثر من 600 شخص في حيّها بمساعدة صديقاتها، تقول "جاري العزيز، إنّهم يكذبون عليك ومستقبل بلادنا يُقلقنا". ظهرت رسائل مماثلة في جميع أنحاء تركيا، تدعو خصوصًا المتغيّبين الـ8.3 ملايين عن الدورة الأولى، للتصويت في الثانية.

أنتجت كوراي أونات (32 عامًا) التي تعمل في مجال الفنون السمعية والبصرية مقطعًا لأغنية انتقادية لاذعة تمّت مشاركتها أكثر من مليون ونصف مليون مرّة عبر "تويتر". وتحمل الأغنية كلمات تنتقد أردوغان الذي تصفه بـ"السلطان"، مع عرض صور له ولتظاهرات طلابية تعرضت للقمع، ولمدن دمّرها الزلزال الذي أودى بأكثر من 50 ألف شخص في فبراير في تركيا.

 

جولة الحسم

وينتخب الأتراك رئيسًا يتولى المنصب لولاية مدتها 5 سنوات. وفي جولة الانتخابات الأولى في 14 مايو الجاري، حصل أردوغان على 49.5% من الأصوات، وهي نسبة تقل قليلًا عن الأغلبية اللازمة للحسم من الجولة الأولى.

في حين حصل كليجدار أوغلو - وهو مرشح تحالف المعارضة الذي يضم 6 أحزاب - على تأييد 44.9% من الناخبين. بينما حل المرشح القومي سنان أوغان ثالثًا بحصوله على نسبة 5.2% من الأصوات ليتم استبعاده.

ويحق لأكثر من 64 مليون تركي التصويت في الانتخابات الإعادة، بوتقع  61 مليونًا داخل تركيا، و3.4 ملايين ناخب في الخارج.

وتم بالفعل الانتهاء من التصويت خارج البلاد في الفترة من 20 إلى 24 مايو الجاري. وبلغ عدد الأتراك الذين صوتوا في الخارج، أكثر من مليون و900 ألف.

وهناك حوالي 192 ألف مركز اقتراع، في 973 منطقة و1094 مجلس انتخابي في عموم البلاد.

وتفتح مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة الثامنة صباحًا (7:00 بتوقيت القاهرة) وتغلق في الخامسة مساء (16:00 بتوقيت القاهرة) غدًا الأحد.

وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات عالية بشكل عام. وفي 14 مايو وصلت نسبة الإقبال الإجمالية إلى 87.04%، إذ بلغت 88.9% داخل تركيا و49.4% في الخارج.