يبدو أنّ الأوضاع المالية لمصر مازالت في وضع محفوف بالمخاطر، فعلى الرغم من تعويمين كبيرين لقيمة الجنية هذا العام، واقتراض حزمة جديدة من صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار، إلا أن ذلك لم يضبط سوق المال في مصر، والذي طغى عليه تغول السوق السوداء، ووصول الدولار به لـ 28 جنيها نظرا، لعدم قدرة البنوك على توفيره للتجار والمستوردين.

وبالإضافة لعدم قدرة الحكومة على توفير الدولارات، فإن الاقتصاد المصري يتعرض للانهيار بسبب توفير  مدفوعات فوائد الديون التي من المقرر أن تمتصّ أكثر من 40٪ من عائدات الحكومة العام المقبل،  في ظل نقص العملة الأجنبية الذي لا تستطيع الحكومة توفيره حتى الآن.

 

سعر الدولار

ورغم إعلان البنك المركزي عن سعر الدولار به والذي حدده بـ 24.53 جنيها، إلا أن المستوردين غير قادرين على الحصول عليه بهذا السعر، ما جعل السوق السوداء تنشط ليصل سعر الدولار به ما بين 26 و28 جنيها.

وفي 5 بنوك بقيادة البنك الأهلي الكويتي، وبنك المشرق، سجل سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء، مستوى 24.53 جنيهاً للشراء، مقارنة بنحو 24.58 جنيهاً للبيع.

ولدى البنك المركزي المصري، سجل سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء مستوى 24.53 جنيهاً للشراء، مقابل 24.60 جنيهاً للبيع.

وكان أقل سعر لصرف الدولار في 14 بنك بقيادة البنك الأهلي المصري وبنك مصر، عند مستوى 24.48 جنيهاً للشراء، مقابل نحو 24.58 جنيهاً للبيع.

علما بأن أسعار الشراء فقط هي ما يتم التعامل بها في البنوك، حيث إن تلك البنوك لا تقم ببيع الدولار، بحجة أنه غير متوفر أثناء الطلب.

منذ التعويم الثاني في نهاية أكتوبر وحتى الآن، تراجع سعر الجنيه بنحو 25.25%، بعدما ارتفع سعر صرف الدولار من مستوى 19.64 جنيه إلى نحو 24.60 جنيه في الوقت الحالي. وفيما يتعلق بإجمالي خسائر الجنيه المصري منذ مارس الماضي وحتى اليوم، فقد تراجعت العملة المصرية نحو 56.28% من مقابل الدولار، بعدما صعدت الورقة الأميركية الخضراء بنحو 8.86 جنيه.

 

مصر على رأس قائمة البلدان المعرضة بشدة لخطر أزمة العملة

وضع بنك نومورا الياباني مصر  على رأس قائمة البلدان المعرضة بشدة لخطر أزمة العملة، نظرا لعدم تواجد العملة الأجنبية في البنوك، وتصميم السوق السوداء على أن سعر الدولار هو 28 جنيها.

 

لا بديل عن دولارات الخليج

وبشأن الأزمة الحالية، التي تعرضت لها مصر بسبب نقص الدولارات، رجح الخبراء أن نقص العملة الأجنبية نتيجة تخلي دول الخليج عن دعم السيسي في الفترة الأخيرة  وأكدت ذلك  “كارلا سليم” من بنك ستاندرد تشارترد قائلة: “من المرجح أن يظل الجنيه المصري تحت الضغط إلى أن يتحقق مزيد من التدفقات الدولارية من دول مجلس التعاون الخليجي (دول الخليج) والاستثمار الأجنبي المباشر الملتزم”.

 

شهية الاقتراض

تتصدر مصر قائمة الدول العربية الأكثر مديونية لصندوق النقد الدولي في ظل شهية مفتوحة للاقتراض الخارجي في السنوات العشر الأخيرة، حين بدأ عبدالفتاح السيسي مشروعاته الغير مدروسة وضخ أموال لبناء مدن باهظة الثمن، وفي وسط الصحراء بعيدة عن العمار.

حيث تشير أحدث بيانات صندوق النقد الدولي إلى أن مصر تأتي في المرتبة الأولى كأكثر مدين للصندوق من بين الدول العربية بنحو 17.25 مليار دولار قبل توقيع البرنامج الجديد الذي تصل قيمته إلى ثلاثة مليارات دولار، إضافة إلى ستة مليارات أخرى من شركاء تجاريين.

ارتفع الدين الخارجي لمصر إلى نحو 157.8 مليار دولار في نهاية مارس 2022 مقابل نحو 145.5 مليار دولار في نهاية 2021، تمتلك الدول العربية منها نحو 25 في المئة، بينما يمتلك صندوق النقد الدولي نحو 15 في المئة، وتتوزع بقية الديون بين سندات دولية أو دول أخرى.

 

جدول سداد مزدحم

ما يجعل مصر على حافة الخطر هو سداد الديون التي أغرق به عبد الفتاح السيسي المواطنين، حيث  تنتظر مصر جدول سداد مزدحماً خلال الأعوام القليلة المقبلة، فبخلاف 26.4 مليار دولار ديون قصيرة الأجل يتعين سدادها خلال عامين، هناك ديون متوسطة وطويلة الأجل تتجاوز الـ72.4 مليار دولار خلال المتبقي من 2022 وحتى نهاية 2025.

وفقاً لجدول سداد الدين الخارجي متوسط وطويل الأجل يتعين على مصر سداد 8.57 مليار دولار خلال النصف الثاني من العام الحالي. وفي 2023 يجب سداد 9.33 مليار دولار في النصف الأول، و8.32 مليار دولار في النصف الثاني، وفي 2024 يجب سداد 10.9 مليار دولار في النصف الأول و13.3 مليار دولار في النصف الثاني، وخلال عام 2025 يتعين سداد 9.3 مليار دولار في النصف الأول و5.8 مليار دولار في النصف الثاني، أما في عام 2026 فيجب سداد 6.6 مليار دولار خلال النصف الأول من العام بخلاف 10.2 مليار دولار خلال النصف الثاني.