روى عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فَرَضَ رسولُ اللهِ صدقةَ الفطرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ والرَّفثِ وطُعْمَةً لِلْمَساكِينِ، فمَنْ أَدَّاها قبلَ الصَّلاةِ فهيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، ومَنْ أَدَّاها بعدَ الصَّلاةِ فهيَ صدقةٌ مِنَ الصَّدَقَات".

حُكْمُها

ذهب علماء الإسلام إلى أن زكاة الفطر فرض على كل مسلم واعتمدوا في ذلك على عموم القرآن الكريم وصريح السنة والإجماع، فمن الأدلة القرآنية على أن الأصل في زكاة الفطر الوجوب قوله تعالى: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى"، وقوله: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ".

أما أدلة العلماء من السنة على وجوب زكاة الفطر فمنها حديث ابن عباس السابق: "فَرَضَ رسولُ اللهِ صدقةَ الفطرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ والرَّفثِ وطُعْمَةً لِلْمَساكِينِ.. إلخ"، وقد أكد ابن المنذر في "الإجماع" على إجماع أهل العلم على وجوب زكاة الفطر فقال: "وأجمعوا على أن زكاة الفطر فرض، وأجمعوا على أن صدقة الفطر تجب على المرء إذا أمكنه أداؤها عن نفسه، وأولاده الأطفال الذين لا أموال لهم، وأجمعوا على أن على المرء أداء زكاة الفطر عن مملوكه الحاضر".

حِكْمَتَها

أوضح سعيد بن علي بن وهف القحطاني أن الحكمة من وجوب زكاة الفطر تتمثل في أمور عديدة، منها أنها طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين وإغناء لهم عن السؤال، ومواساة للمسلمين أغنيائهم وفقرائهم، وزكاة للبدن حيث أبقاه الله تعالى عامًا من الأعوام، وشكر نعم الله تعالى على الصائمين بإتمام الصيام، وحصول الثواب والأجر العظيم بدفعها.

شروطها

ولزكاة الفطر شروط ذكر سعيد بن علي بن وهف القحطاني ثلاثة منها: أولها الإسلام. ويتمثل الشرط الثاني في الغنى، ولا يقصد الفقهاء بالغنى هنا أن يكون الإنسان صاحب مال وفير، وإنما المقصود به أن يكون عنده "يوم العيد وليلته صاع زائد عن قوته وقوت عياله وحوائجه الأصلية"، في حين يتمثل الشرط الثالث في دخول وقت وجوب إخراج زكاة الفطر وهو غروب الشمس من ليلة الفطر.

تأخيرها لما بعد العيد

قال الشيخ عطية صقر (رحمه الله): لا يجوز تأخير زكاة الفطر عن يوم العيد.‏ والأفضل إخراجها قبل صلاة العيد، لما روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة"، قال ابن عباس رضى اللّه عنهما:‏ فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.‏

وفى حديث الدارقطني:‏ "أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم"، أي أغنوا الفقراء عن الطواف والسعي في الأسواق ونحوها بطلب الرزق في هذا اليوم، وهو يوم العيد، وذلك بإعطائهم الزكاة. ‏وحرمة التأخير عن يوم العيد محلها إذا وجد المستحقون لها ولم يكن هناك غائبون أولى منهم، فإذا عدموا، أو فقدوا قبل العيد، أو لم يُستطع الوصول إليهم، أو كان هناك غائب أولى كالأرحام مثلًا فلا يحرم التأخير.‏

مقدارها

عن ابْنِ عمر رضي الله عنهما قَالَ: "فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ"، وحديث أبي سعيد الخدري: "كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ".

وتحدث العلماء عن مقدار الصاع الذي تُؤَدَّى به زكاة الفطر، وأوضحت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء مقدار الصاع عندما قالت: "المقدار الواجب في زكاة الفطر عن كل فرد صاع واحد بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، ومقداره بالكيلو ثلاثة كيلو تقريبًا".

3 حالات لإخراجها

بعد إعلان دار الإفتاء المصرية مقدار زكاة الفطر لهذا العام، وهو 15 جنيهًا كحدٍّ أدنى عن الشخص الواحد، وأنه يجوز إخراجها من أول يوم في رمضان، أكدت لجان الفتاوى المعتمدة بالأزهر والإفتاء جواز إخراجها مالًا أو على هيئة حبوب، وإن كانت مالًا تصير أجدى وأنفع في ظل الظروف الاستثنائية بسبب تفشي وباء كورونا وتسببه في أزمات اقتصادية لدى بعض الفئات في المجتمع، وفي هذا الإطار أعاد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية نشر رأيه في قيمة زكاة الفطر، موضحًا 3 حالات لإخراجها حسب الاستطاعة.

أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية أنه يستحب حين إخراج زكاة الفطر أن تُراعَى مصلحةُ الفقير على حسب حال المُزكِّي يسارًا وإعسارًا، وباعتبار ما يَطعمه وعيالُه.

وفي بيان فتواها، أوضحت لجنة الفتاوى الالكترونية بالمركز 3 حالات لإخراج زكاة الفطر تفصيلها كالآتي:

1- من كان مُعسِرًا فليُخرج الزَّكاة على القمح، أي ما قيمته 15 جنيهًا كحدٍّ أدنى عن الفرد.

2- ومن كان مُتوسِّط الحال فليُخرج الزكاة على الأرز، أي ما قيمته 30 جنيهًا عن الفرد.

3- ومن كان مُوسرًا فليخرج الزكاة على الزبيب -مثلًا-، أي ما قيمته 175 جنيهًا عن الفرد.

كانت دار الإفتاء المصرية حددت قيمة زكاة الفطر عن كل فرد مسلم بـ 15 جنيهًا، فيما شهدت الصفحة الرسمية للدار على فيسبوك جدلًا بين المتابعين، وردودًا رافضة لتحديد قيمة الزكاة بدعوى عدم مناسبتها للأسعار الحالية التي شهدت ارتفاعًا، وطالب البعض بحسابها على سعر الأرز، خاصة أنه غالب قوت أهل البلد حسب وجهة نظرهم، وسعر الكيلو منه نحو 12 جنيهًا، بما يعني أن زكاة الفطر تقدر بنحو 30 جنيهًا، لكن رأت الإفتاء حسابها على القمح، وقدرتها بـ 15 جنيهًا عن الفرد.