18/07/2009
أعاد عرض فيلم القائد القسامي "عماد عقل"، كأول فيلم روائي يجسِّد أحد أبطال المقاومة،
تاريخًا حافلاً بالبطولة والتضحية، ونماذج من بطولات المجاهدين الذين شقُّوا الطريق الأول لـ"كتائب القسام"، التي سرعان ما تحوَّلت إلى عنوان المواجهة الأول في وجه الاحتلال بالمنطقة.
فبعد ستة عشر عامًا على استشهاد عماد عقل؛ أحيت شبكة "الأقصى" الإعلامية ومدينة "أصداء" للإنتاج الفني والإعلامي في قطاع غزة ذكراه بطريقة خاصة جدًّا، من خلال عرض الفيلم الذي يجسِّد بطولته مساء الجمعة (17-7) في قاعة المؤتمرات بالجامعة الإسلامية، بحضور لافت لكبار الشخصيات.
هنية: نحن قوم لا ننسى أبطالنا
أعرب إسماعيل هنية رئيس الوزراء الذي كان ضيف الشرف الأول الذي شارك في أول عرض للفيلم؛ عن سعادته بهذا الإنتاج الفني الفريد من نوعه في فلسطين، لافتًا إلى أن مثل هذا الفن يؤرِّخ لمرحلة من مراحل المقاومة، كما أنه يعكس روح الصمود والتحدِّي والثبات والجهاد للشعب الفلسطيني، وقال: "نحن قوم لا ننسى أبطالنا، ولا ننسى من صنعوا المجد التليد للشعب الفلسطيني".
الزهار: كتابة السيناريو امتدَّت من 1999 حتى 2000
بدوره أعرب الدكتور محمود الزهار عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"
وكاتب سيناريو الفيلم عن سعادته به، كاشفًا أن كتابة السيناريو تمَّت منذ العام 1999 وحتى العام 2000، وبقِيَ كملف في وزارة الثقافة حتى رأى النور هذا اليوم عبْر فيلم الشهيد "عماد عقل"، الذي استغرق إنتاجه نحو سنتين.
وأشار إلى أن الفيلم أكد أن عماد عقل وفي سنِّ الـ22 عامًا أوجد طريقةً جهاديةً جديدةً، وأجبر رئيس الوزراء الصهيوني الهالك إسحاق رابين على الحضور إلى منزله في مخيم جباليا؛ ليطلب من ذوي عماد أن يُقنعوه بترك سبيل الجهاد في مقابل أن ينال ما يريده من زينة الدنيا ومتاعها.
حمَّاد: جزء من فنِّ الدعوة
من جانبه أكد وزير الداخلية فتحي حماد -الذي حضر العرض بصفته المشرف العام على إنتاج الفيلم- أن فيلم "عماد عقل" سيفتح آفاقًا جديدةً لصناعة أفلام تُعيد إلى الأمة مجدها وعزَّتها وكرامتها، معتبرًا أن فيلم عماد عقل هو جزءٌ من فنِّ الدعوة، وفنِّ الجهاد والمقاومة، وفنِّ الشرف والعزة.
كما كشف الأستاذ حماد أن هناك أفكارًا لأعمال فنية أخرى تسرد حياة كبار المجاهدين والشهداء؛ أمثال الشيخ الشهيد الإمام أحمد ياسين، والقائد الدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، وغيرهما من المجاهدين والشهداء، ولكنَّ حماد أشار إلى ما يعوِّق تحقيق ذلك، وهو الدعم المالي؛ لذلك طالب أصحاب الخير في الأمة بتقديم الدعم لمثل هذا الفن الإسلامي الذي يُظهر للعالم روعة المسلم في كافة جوانب حياته، وخاصةً الدعوية منها والجهادية.
حشد كبير
وحضر العرض الأول للفيلم حشدٌ كبيرٌ من المدعوِّين؛ كان من بينهم، إلى جانب هنية والزهار وحمَّاد، والدا الشهيد عماد عقل وكلُّ من عاصره في حياته الجهادية والدعوية، من أمثال النائب مريم فرحات (أم نضال)، إضافةً إلى عائلات الشهداء الذين مثلوا في الفيلم، مثل عائلة الشهيد حسين أبو شنب نجل القيادي في حماس المهندس الشهيد إسماعيل أبو شنب، وعائلة الشهيد عبد الرحمن شهاب نجل النائب في المجلس التشريعي الدكتور محمد شهاب، وعائلتي الشهيدين سامح الناجي ويحيى شيخة.
انتظار العرض
فضائية "الأقصى" رصدت مشاعر الجمهور، لافتةً إلى أنه بمجرد أن دخل الحشد قاعةَ عرض الفيلم؛ كانت عيونهم مشدودةً إلى شاشة العرض والكل ينتظر لحظة البداية، وعندما بدأ العرض وظهرت على الشاشة جملة البداية، وهي اسم الشهيد عماد عقل صفَّق الجمهور بحرارة، وما إن بدأ الفيلم وأًطفئت الأنوار حتى ساد القاعة حالة من الهدوء وبدأت المتابعة.
فصول الفيلم
فيلم "عماد عقل" بدأ بسرد حياة الشهيد عماد منذ ولادته، وأوجز في لقطات مصوَّرة الحياةَ التي عاناها الشهيد على يد جنود الاحتلال، وكيف كانت عيناه غاضبتين عندما كان الجنود الصهاينة يمارسون هواياتهم في إذلال أبناء شعبه.
الفيلم نقل المشاهدين إلى طبيعة الحياة التي صقلت شخصية عماد الدعوية والجهادية، وكيف أنَّ ظلم الاحتلال منعه من السفر لتحصيل العلم والبقاء في فلسطين مجاهدًا يسعى لتحصيل شهادةٍ هي مبتغى المجاهدين، وهي الموت في سبيل الله، فانطلق عماد يشقُّ طريقه في دروب الجهاد والمقاومة.
في ثنايا الفيلم لقطاتٌ مصوَّرةٌ حول حياة الفقر التي عاشها عماد في مخيم جباليا للاجئين، وكيف كانت طوابير "الطعمة" في المخيم، وكيف كان أبناء الشعب الفلسطيني ينتظرون في طوابير للحصول على الغذاء، هذا الأمر لم يشغل بال عماد، الذي ترك
هذه الطوابير ليلتحق بحلقات القرآن، والتي كانت أبرز ما صقل شخصية عماد.
عماد.. بين غزة والضفة
تمحور الفيلم بمجمله حول الحياة الجهادية التي عاشها عماد بين قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة؛ حيث بدأ يقود إخوانه من المجاهدين في عمليات نوعية، أرَّقت المحتلَّ وقضَّت مضاجعه.
الفيلم عرض للجمهور كيف تمَّ تجنيد عماد عقل في صفوف كتائب الشهيد عز الدين القسام، وكيف كان اختبار الثقة الأول له كي يقبل على صفوف القسام، وكيف أن هذا الاختبار لم يثنِ عماد عن مشواره في الجهاد والمقاومة.
عماد عقل قاد مجموعات المجاهدين، خاصةً في جباليا والخليل، وكانت عمليات مجموعاته الجهادية قصصًا أسطوريةً سجَّلتها ملفات المخابرات الصهيونية، وكيف تمكَّن عماد، وبخطط أمنية معقَّدة، من التنقُّل بين غزة والضفة وبالعكس، وهو المطلوب الأول على قائمة الكيان الصهيوني بأكمله.
حيرة قادة الاحتلال الصهيوني
فيلم "عماد عقل" صوَّر الحيرة التي كانت تعتلي وجوه قادة الاحتلال، وعلى رأسهم إسحاق رابين رئيس الوزراء الصهيوني آنذاك، وذلك في كل مرة ينجح فيها عماد في تنفيذ عملية جهادية، يقتل خلالها ضباطًا صهاينةً، خاصةً تلك العملية التي نفَّذها المجاهد الشهيد ماهر سرور، والتي قتل فيها ضابط مخابرات صهيونيَّا كبيرًا، كان يذيق الأسرى الويلات تلو الويلات.
وأظهر الفيلم مدى الضعف الصهيوني في وقف عماد ومنعه من تحقيق ما يتوعَّد به جنود الاحتلال، وكيف كان عماد يختار فريسته وكيف كان ينقضُّ عليها.
المشاهد الحربية في الفيلم
بحسب الجمهور وآرائه؛ فقد نجح فريق عمل هذا الفيلم في تصوير العمليات الجهادية التي نفَّذها عماد عقل بطريقة أقرب إلى الحقيقة؛ فقد كانت مشاهد إطلاق النار حقيقية، كما أن مشاهد تفجير السيارات حقيقية أيضًا حتى كاد الجمهور يصدِّق أن من كانوا يمثلون دور الجنود الصهاينة في الفيلم قد قتلوا حقًّا عندما كانت تسيل دماؤهم، والتي كانت هي الأخرى أقرب إلى الحقيقة، فقد نجح المخرج في ذلك، وجعل الأمور تبدو واقعيةً.
مؤثرات الفيلم وطريقة الإخراج والتصوير
آراء الجمهور تباينت في ذلك؛ فبعضهم أبدى إعجابه الشديد بمؤثرات الفيلم وطريقة الإخراج والتصوير، وقد بدا ذلك على وجوههم، حتى إن البعض لم يمنع دموعه عند كل مشهد مؤثر في الفيلم، خاصةً مشهد التقاء الشهيد عماد عقل بالشهيد محمد فرحات؛ عندما حوصر عماد في منزل السيدة مريم فرحات "أم نضال"، كما أن البعض لم يمنع دموعه عند مشهد استشهاد البطل عماد عقل، وهذه الحالة كانت السائدة لدى معظم الحاضرين.
أما الطرف الآخر فكان له انتقاداته، ولكنها في أمور بسيطة يمكن بمزيد من التدريب والعمل إتقانها في مرات أخرى، كالتصوير والتمثيل، ولكن في المجمل كانت الآراء كلها إيجابية تجاه الفيلم؛ باعتبار أنه تمَّ إنتاجه في ظروف صعبة جدًّا، وخاصةً الحصار، فمثل هذا الفيلم يحتاج إلى الكثير لينافس الأفلام العالمية، وذلك بحسب آراء المنتقدين، الذين في مقابل ذلك اعتبروا أن فيلم "عماد عقل" سجَّل نجاحًا لفريق عمله برغم بعض الانتقادات.
محمد فرحات.. مشهد مؤثر
كانت لقطة عماد عقل والطفل محمد فرحات هي من أبرز اللقطات المؤثرة التي صفَّق لها الجمهور، فقد أطلعت الجمهور على المستقبل؛ أي على الشهيد المجاهد محمد فرحات، والذي طبق عماد عقل قبلة على جبينه، وكأنه يقول له ستلحق بي في جنان الخلود، وهنا كان كاتب السيناريو ومخرج الفيلم قد أصابا الوتر الحساس لدى الجمهور، فعماد ومحمد فرحات جيلان من المجاهدين، سجَّلا تاريخ العمل الجهادي في "كتائب القسام" بأحرف من ذهب في سجلِّ المجد الفلسطيني.
مشهد الاستشهاد
المشهد الذي استُشهد فيه البطل عماد عقل كان المشهد الذي أجبر عيون الكثير من الجمهور
على البكاء، ومن لم يبكِ لم يمنع يديه من التصفيق، فقد كان المشهد مؤثرًا بدرجة ممتاز؛ فبعد حياة حافلة بالجهاد والمقاومة يرتقي بطل فلسطين إلى العلا شهيدًا مضرَجًا بدمائه؛ ليرتحل إلى جنان ربه، في مقعد صدق عند مليك مقتدر؛ يُنهي بها سنواتٍ من المعاناة، يترك بعدها السلاح لرفاق دربه كي يثأروا له، فكان مشهد عملية اغتيال الضابط الصهيوني الذي أشرف على عملية اغتيال المجاهد البطل عماد عقل.
وهنا أيضًا صفَّق الجمهور بحرارة، فقد تمت عملية الثأر المقدَّس لعماد لختْم الفيلم بمشهد رابين، وهو يقول لأحد ضباطه: "هل أنت متأكد من موت عماد عقل؟" فيرد الضابط: "نعم"، فيقول رابين: "كلا.. عماد لم يمُت؛ فقد قتل أحد ضباطنا.. عماد لم يمت"، وتهوي رأس رابين على طاولته ليقول بعدها جملته الشهيرة: "أتمنى أن أستيقظ نومي لأجد غزة وقد ابتلعها البحر".
وهنا يصفِّق الجمهور بحرارة، ويقف تحيةً لعماد عقل وللفيلم ولفريق عمله؛ ليُسدَلَ في النهاية الستار على قصة بطل قسامي دوَّخ الاحتلال؛ فعماد هو الشهيد الذي وصفه قادة العدو الصهيوني بالأسطورة والشبح وصاحب الأرواح السبعة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر : المركز الفلسطيني للإعلام

