15/03/2009

أجمع العديد من المحلِّلين السياسيين الفلسطينيين على أن ملف الجندي الأسير لدى المقاومة الفلسطينية بات وشيكًا على الانتهاء، مؤكدين أن الاحتلال فشل خلال عامين في الحصول على أية معلوماتٍ أو حقائقَ عن الجندي أو حتى معرفة إذا كان على قيد الحياة أو غير ذلك.

من جانبه، أكد المحلِّل السياسي مصطفى الصواف رئيس تحرير جريدة "فلسطين" المحلية، أن الكثير من المؤشرات تؤكد أن الاحتلال الصهيوني على وشك إتمام صفقةٍ مع المقاومة الفلسطينية لاستعادة الجندي الصهيوني "جلعاد شاليط"، موضحًا أن الاحتلال يناور الآن في قضية إبعاد الأسرى إلى خارج قطاع غزة أو الضفة المحتلة.

وقال الصواف في تصريحٍ خاصٍّ أدلى به لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" اليوم الأحد (15-3): "ربما ترفض حركة "حماس" إبعاد أي أسير، ولكن الأمور غير واضحة إذا ما كان يريد الاحتلال إبعاد أسرى الضفة إلى غزة؛ الأمر الذي يمكن أن يُحدث شيئًا من المعادلة".

وأضاف: "القضية بحاجةٍ إلى انتظارٍ أكثر حتى يتم الكشف عن الملابسات، وفي اعتقادي ستأخذ الحكومة الصهيونية غدًا قرارًا بذلك، وموقف حماس، على ما يبدو، تحقَّق".

وحول الأسباب التي يمكن أن تساهم في إتمام الصفقة، أشار المحلِّل الفلسطيني إلى أن الكيان الصهيوني حاول على مدار ثلاث سنوات تخفيض سقف المطالب الفلسطينية، وحاول جمع المعلومات عن الجندي الصهيوني، لكنه فشل أمام ثبات المقاومة على مطالبها وشروطها، مشيرًا إلى وجود ضغطٍ صهيونيٍّ كبيرٍ على "أولمرت" بضرورة إنهاء قضية "شاليط"، خاصةً أنه أُسر في عهد حكومته.

وعما إذا كانت الصفقة تمثِّل إنجازًا للفلسطينيين، أشار الصواف إلى أن الحكمة لا تكمن في العدد بل تكمن في النوعية التي سيتم الإفراج عنها، مبينًا أن إتمامها سيحقِّق موقفًا إيجابيًّا لحركة "حماس" وسيرفع من شعبيتها أكثر مما رفعتها الحرب الصهيونية على القطاع.

وأضاف: "إن إتمام الصفقة سيجعل الجانب الصهيوني يفكر مليًّا في جدوى عمليات الاعتقال للفلسطينيين، ويجعل الاحتلال يفكِّر في الإفراج عن الأسرى حتى لا يعرِّضوا جنودهم لخطر الخطف"، مؤكدًا أنه لو تحقَّقت الصفقة فإنها ستكسر الاعتقاد بأن الصهاينة لديهم الوسائل العديدة للإفراج عن أسراهم.

عوامل مهمة وملحة

من جانبه، أكد المختص بالشأن الصهيوني صالح النعامي في تصريحٍ خاصٍّ أدلى به لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" اليوم الأحد أن هناك عدة عوامل قوية يمكن أن تؤديَ إلى إتمام صفقة "شاليط" في الوقت الحاليِّ، مبينًا أن قوة هذه العوامل لا يعني أن الصفقة ستتحقَّق.

وأضح النعامي أنه من أهم هذه العوامل وجود رأي عام صهيوني غير مسبوق يدفع باتجاه إنهاء هذا الملف، قائلاً: "إن الفروق بين النخب السياسية في الكيان الصهيوني تقلَّصت إلى حدٍّ كبيرٍ"، مشيرًا إلى أن العامل الأقوى في هذه القضية أن هناك ما يشبه الالتزام الأخلاقي من "أولمرت" تجاه عائلة "شاليط"؛ حيث وعدهم أكثر من مرة الإفراج عنه قبل أن يغادر منصبه خلال أيام.

وبيَّن المختص في الشأن الصهيوني أن العامل الثالث يتمثَّل في الخوف الكبير لدى الاحتلال من تكرار تجربة "رون آراد" الجندي الصهيوني المفقود في جنوب لبنان، مشددًا على أن العامل الأهم هو أن الاحتلال بات يدرك أن الضغوطات العسكرية والحصار لم تُجْدِ نفعًا تجاه في حلحلة الملف.

وأشار النعامي إلى أنه وبرغم هذه العوامل القوية فإن هناك معارضةً من الجهات الأمنية في الكيان الصهيوني، وخصوصًا جهاز الشين بيت "الشاباك"، قائلاً: "اليوم أو غدًا سيكون مفصليًّا في هذا الملف، وأعتقد أن "أولمرت" لن يفوِّت هذه الفرصة قبل انصرافه عن الحكم".

وعن الواقع الذي يمكن أن يعقب إتمام الصفقة، أوضح النعامي أنه من المعروف أن هناك حكومةً جديدةً في الكيان الصهيوني تميل إلى التصعيد، فيما سترفع الصفقة شعبية حركة "حماس" بشكلٍ أكبر، وفي المقابل سيكون هناك إضعافٌ للطرف الآخر، كما أن إتمام الصفقة سيكون إيجابيًّا بشكلٍ كبيرٍ على الروح المعنوية للشعب الفلسطيني.

انتصار سياسي كبير

من جانبه، أكد المحلل السياسي طلال عوكل، أن إغلاق ملف الجندي الصهيوني لدى المقاومة الفلسطينية بات مهمًّا لسحب الذرائع من الاحتلال الصهيوني للاعتداء على أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، قائلاً في تصريحٍ خاصٍّ أدلى به لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" اليوم الأحد: "أعتقد أن ملف الجندي بات وشيكًا على الانتهاء؛ وذلك لحجم الاهتمام الصهيوني به، وما يصدر من أخبارٍ متسارعةٍ عن جلساتٍ صهيونيةٍ ووفودٍ تُرسل إلى القاهرة بهذا الشأن".

واعتبر المحلِّل الفلسطيني أن إتمام هذه الصفقة بشروط المقاومة يُعتبر انتصارًا سياسيًّا كبيرًا للفلسطينيين ولحركة "حماس" التي تتمسَّك بهذا الملف بقوةٍ، مبينًا أنه يُعتبر هزيمةً كبيرةً للكيان الصهيوني الذي حاول خلال عامين جمع المعلومات عن جنديه "شاليط"، وحاول أن يتلاعب في أعداد الأسرى أو في معاييرها لكنها فشل أمام ثبات المقاومة على شروطها في القضية.

وأضاف عوكل: "إن من أهداف الحرب الصهيونية على قطاع غزة الإفراج عن الجندي "شاليط"، وبرغم الهجوم الواسع على القطاع لم يتمكَّن الاحتلال من تحديد أو معرفة مكان الجندي".