08/03/2009

 

قالت صحيفة (هاآرتس) العبرية أن استقالة "حكومة" د. سلام فياض جاءت كخطوة تكتيكية مدروسة من الولايات المتحدة الأمريكية لتصوير د. فياض على أنه الحمل الذي يرغب في إنجاح حوار القاهرة المنعقد بين الفصائل الفلسطينية، وأنه الشخصية المستقلة المناسبة لرئاسة حكومة الوحدة القادمة، ومن ثمَّ الضغط على حركة المقاومة الإسلامية حماس لقبوله كرئيس للحكومة الفلسطينية المزمع تشكيلها.

وأكدت الصحيفةفي عددها الصادر اليوم الاحد 8-3-2009 "أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تعترف بأية حكومة وحدة فلسطينية قادمة إلا إذا كان سلام فياض على رأسها".

وأشارت (هاآرتس) إلى أن هذه الرسالة المهمة- التي صرَّحت بها وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" خلال مؤتمر شرم الشيخ لـ"إعادة إعمار غزة"- جاءت كردٍ حاسمٍ على رفض طلب حماس بتغيير سلام فياض إذ ما شُكلت حكومة حدة فلسطينية قادمة، واستبداله بشخصية مستقلة.

في حين شدد دبلوماسي غربي كبير على تشكيل حكومة فلسطينية تتألف في الأساس من شخصيات تكنوقراطية لا تنتمي إلى حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أو حركة التحرير الفلسطينية "فتح"؛ الأمر الذي سينطبق على سلام فياض، بحسب (هاآرتس).

وتابع الدبلوماسي الغربي قوله: "إن فياض ليس عضوًا في حركة "فتح" بصورة رسمية، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن فياض سيكون رئيس السلطة الفلسطينية خلفًا لمحمود عباس؛ وذلك بعد إجراء الانتخابات القادمة المقررة بعد 12 شهرًا"، مؤكدًا "أنه وبالرغم من أن مروان البرغوثي يتمتع بشعبية واسعة بين الفلسطينيين، إلا أن الولايات المتحدة ترى أنه غير قادر على استئناف تولي زمام القيادة، أما فياض الذي درس في الولايات المتحدة الأمريكية، وشغل منصب عضو في البنك الدولي لعدة سنوات، فهو أكثر الشخصيات ثقة من الإدارة الأمريكية وكذلك المجتمع الدولي".

وقالت الصحيفة نقلاً عن مصدر فلسطيني كبير- رفض الكشف عن اسمه- في تصريحٍ خاص لـ(هاآرتس): "إن الاستقالة المفاجئة لسلام فياض جاءت كحركة تكتيكية، وكوسيلة للضغط على حركة "حماس" لتقليل حدة معارضتها في رئاسة سلام فياض لحكومة الوحدة القادمة".

وأضاف المصدر: "أعتقد أن التهديد الأمريكي لـ"حماس"، والذي يحظى بقبول الاتحاد الأوروبي وكذلك المصريين، سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى تغيير موقف الحركة تجاه فياض، وبالتالي يسحب فياض استقالته"، مضيفًا أن "مسألة استمرار سلام فياض في رئاسة الحكومة الفلسطينية سيكون على رأس اجتماعات الإدارة الأمريكية مع سوريا؛ حيث وجود رئاسة القيادة السياسية لـ"حماس".

وذكرت (هاآرتس) في تقريرها أن مستشار الأمن القومي في إدارة بوش السابقة "إليوت أبرامز" رغم توجيهه- في مقالةٍ صحفيةٍ الأسبوع الماضي- انتقادًا شديدًا لحركة "فتح" وقيادتها المتمثلة في محمود عباس وأحمد قريع، إلا أمه امتدح سلام فياض.

ولفتت إلى "أن "أبرامز" كان السبب الرئيسي في فشل محادثات السلام بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين" على مدار عشر سنوات سابقة"، بحسب المصدر الفلسطيني.

وشددت الصحيفة على أن تأييد الإدارة الأمريكية لسلام فياض كان السبب الرئيسي في ضخ الأموال الطائلة لحكومته على مدار ثلاث سنوات، وبمبالغ قُدِّرت بأكثر من 7 سبعة مليارات دولار أمريكي

من جهة أخرى رفضت حركة حماس أي تدخل أجنبي في الشأن الفلسطيني الداخلي، وذلك في إشارة إلى اشتراط الولايات المتحدة الأمريكية لتعين سلام فياض ليكون رئيساَ لأي حكومة يتم التوافق عليها في القاهرة.
 
وأكد إسماعيل رضوان القيادي بحركة حماس في اتصال مع شبكة فلسطين الآن الإخبارية اليوم الأحد 8/3/2009 أن كل ما يتعلق برئاسة الحكومة المقبلة وأعضاءها وآلية عمل برنامجها إنما هو خاضع للحوار الفلسطيني الذي سيتم في القاهرة، فهناك لجنة الحكومة هي المكلفة بهذه المهام.

ورفض رضوان أي استباق للحوارات أو وضع العراقيل أمام تحقيق المصالحة، معتبراَ أن هذه محاولة من الإدارة الأمريكية للضغط على المتحاورين في القاهرة وللتدخل في الشأن الفلسطيني الداخلي الفلسطيني.

ودعا رضوان كافة الأطراف إلى عدم الخضوع إلى الضغوط والإملاءات التي تمارس من الإدارة الأمريكية، لأن هذا شأن فلسطيني داخلي، مضيفاَ: "نحن كفصائل فلسطينية نتوافق على ما نطرحه من خلال أجنداتنا الفلسطينية"، ومجددا رفض حركته بأن يكون فياض هو رئيساً للحكومة القادمة لأنه غير متوافق عليه فصائلياً أو وطنياً.

 وحول مدى استطاعة أي حكومة القيام بالتزاماتها المالية شدد رضوان على أن ما يتم التوافق عليه فلسطينياً هم من يتحملوا أعباء المرحلة بشكل جماعي، قائلاَ: "بوحدتنا الوطنية سنعالج كافة الأزمات وكافة الأعباء، فحينما نتوصل إلى تحقيق الوحدة الوطنية يمكن أن تحل كافة الأزمات".

 على صعيد اخر  شنَّ عزام الأحمد رئيس كتلة حركة فتح بالمجلس التشريعي الفلسطيني هجومًا حادًا على د. سلام فياض  رئيس الحكومة في رام الله ، معتبرًا استقالته "بروباجندا" إعلامية لكي يبدو أنه يدعم جهود الحوار.

وأضاف الأحمد  قائلاً: "لا يوجد من يستقيل مرتين"، متابعًا: "هو مستقيل منذ انتهت مدة حكومة الطوارئ، وكُلِّف بتشكيل حكومة جديدة ولم يتمكن"، وبحسب الأحمد، أراد فياض أن يعمل "بروباجندا".

واعتبرت مصادر في حركة فتح أن "فياض استبق بدء الحوار الفلسطيني في القاهرة، واحتمال تشكيل حكومة توافق، أراد أن يأتي على خطوة دعائية، من أجل أن يحجز له مكانًا في أي حكومة مقبلة".

من المعلوم أن العلاقة بين فتح وفياض تشهد توترات كبيرة؛ بسبب اتهام فتح له بأنه يهمش دورها في الضفة الغربية، وكانت الحركة دفعت مرارًا للإطاحة بفياض وبعض وزرائه، إلا أنها فشلت في ذلك.

كان سلام فياض تقدم أمس باستقالته لعباس، على أن تدخل حيز التنفيذ فور تشكيل حكومة التوافق الوطني، بما لا يتجاوز نهاية الشهر الحالي كحد أقصى، وفي المقابل طلب عباس من فياض أن يستمر في عمله حتى تتضح ما ستنتج عنه حوارات القاهرة، معربًا عن أمله في أن يتوصل الحوار إلى اتفاق على تشكيل حكومة نهاية الشهر الحالي.