21/02/2009

 غزة - فلسطين الآن : في سابقةٍ هي الأولى من نوعها منذ تولي حركة حماس مقاليد السلطة في قطاع غزة، قام وفد أمريكي رفيع المستوى بزيارة إلى القطاع، ويأتي على رأس الوفد السيناتور جون كيري المرشح السابق للرئاسة الأمريكية ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ونائبان من الحزب الديمقراطي بالمجلس أحدهما النائب المسلم الوحيد كيث إليسون.

 
وبدأ كيري زيارته في عزبة عبد ربه، وهي بلدة تقع شمال قطاع غزة دُمِّرت بالكامل خلال العدوان الصهيوني الأخير؛ وذلك قبل زيارة مدرسة تابعة للأمم المتحدة دمرت أيضًا في غارات صهيونية ومقر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في وسط مدينة غزة.
 
وفتحت تلك الزيارة الباب على مصراعيه أمام تساؤلات بشأن دلالاتها وأهدافها، وهل هي زيارة تخص صاحبها أم تعبير عن تغير ما في الموقف الأمريكي في المنطقة؟ وإلى أي مدى تعبر عن الموقف الرسمي الأمريكي؟ وماذا ننتظر من نتائج لتلك الزيارة؟ وما مدى تأثيرها على الأوضاع في المنطقة، وخاصةً مباحثات التهدئة بين حماس والكيان الصهيوني؟ وهل تمثل أيضًا بدايةً لإمكانية حوار أمريكي مع حماس؟.
 
من جانبه اعتبر الدكتور عصام العريان زيارة جون كيري إلى غزة خطوةً جيدةً إلى الأمام وتأتي في إطار التطور في سلوك الإدارة الأمريكية تجاه إستراتيجيات الحرب على ما سموه "الإرهاب" وتجاه قضايا المنطقة بصفة عامة.
 
وأشار العريان إلى تحول عالمي حادث بالنسبة للقضية الفلسطينية يمثل انتصارًا للشرعية التي أتت بحماس إلى الحكم، مؤكدًا أن حماس الآن أقوى بكثير من السابق وسوف تجبر المجتمع الدولي على التعامل معها كقوة حقيقية على الأرض، خاصةً وسط ما يتردد حول اتصالات دبلوماسية بين وسطاء أوروبيين وقيادات من حماس في الضفة الغربية وفي الخارج،
 
وأضاف أن العمل السياسي به تراكمات عديدة ستحدث مع الوقت، كما أوضح أن معركة إعمار غزة- بعد تفقد كيري لآثار العدوان الصهيوني- سلاح ذو حدين، فهي من ناحية ورقة ضغط على حماس للقبول بالشروط الصهيونية للتهدئة، ومن ناحية أخرى قد تكون النافذة التي تنفذ منها حماس إلى المجتمع الدولي وتفرض نفسها عليه.
 
وأكد العريان أن التغير في السياسة الأمريكية لا يأتي بين يوم وليلة، ولكن مع وجود إدارة أمريكية واضحة التوجهات في فتح حوار مع القوى التي حاربها بوش، وزيارة وفد إلى سوريا والتلويح بحوار مع إيران، وأخيرًا زيارة كيري إلى غزة، فإن كل تلك العوامل تمهد لبداية تحول فعلي في السياسة الأمريكية في المنطقة.
 
 
بدوره يرى الدكتور جمال عبد الجواد رئيس وحدة العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أنه على الرغم من كون جون كيري عضوًا بالكونجرس ولا يمثل الإدارة الأمريكية إلا أنه من الواضح أن هناك تغيرًا في الاتجاه العام لدى صناع القرار الأمريكي داخل الإدارة أو في الكونجرس تجاه قضايا المنطقة وخاصة القضية الفلسطينية.
 
 وأضاف أن الزيارة تدل على أن هناك استعدادًا أمريكيًّا لرؤية أوضاع المنطقة بغير العيون الصهيونية، مشيرًا إلى أن أي خطوة مقبلة لاستثمار الحدث تتوقف على عدة عوامل منها الحكومة الصهيونية المقبلة ومدى تقبلها لسياسة أمريكية جديدة، ومصير المصالحة الفلسطينية، بالإضافة إلى المتغيرات القائمة في المنطقة.
 
 وأوضح د. عبد الجواد أن أمريكا بالرغم من قوتها إلا أنها مجرد طرف في القضية، وهناك أطراف أخرى مباشرة في الصراع العربي الصهيوني تستطيع هي أن تشكل وترسم ملامحه، مؤكدًا أن الإدارة الأمريكية الجديدة تتبع أساليب الحوار والعمل الدبلوماسي بفاعلية أكثر من سابقتها، فهي مستعدة لفتح حوار مع إيران وسوريا، ومن غير المستبعد أن يكون الدور قد جاء على حماس وقادتها ولكن "كل خطوة بحساباتها"، مشيرًا إلى أن مجرد زيارة وفد أمريكي بهذا المستوى الرفيع إلى منطقة تسيطر عليها حماس له دلالة.