17/01/2009
"لا مصلحة لاسرائيل في تحطيم حكم حماس او في اعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية. المصلحة هي في ضرب رأس حماس وابقائها حاكمة في القطاع"، هذا ما قاله المحلل للشؤون العسكرية رون فرحي، في تلخيص الموقف بعد أن قاربت الحرب العدوانية على قطاع غزة على نهايتها .
آفي سخاروف، المحلل السياسي والخبير في الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس" قال ان "الهدف الوحيد لهذه الحرب، وتم تحقيقه، هو توفير قوة ردع اسرائيلية ضخمة تجعل حماس تتردد ألف مرة قبل أن تهدد باطلاق صواريخ باتجاه اسرائيل. والحقيقة ان هذا الهدف قد تحقق في الأسبوع الأول من الحرب وتعزز أكثر في الأسبوع الثاني مع الاجتياح البري، ولكن يبدو ان شهية الجيش زادت فراحوا يواصلون الحرب ولا أدري لماذا ".
ويواصل "نحن في المرحلة الأخيرة قبل نهاية الحرب. فكلا الطرفين، اسرائيل وحماس، يريدان وقف الحرب بيد ان كلا منهما يحاول تحسين صورته في اللحظات الأخيرة. لقد كان الهدف من الحرب أن توصل اسرائيل رسالة الى حماس وقد وصلت الرسالة. ولكن يبدو ان النية الاسرائيلية هي ان توجه اهانة الى حماس لتخرجها في وضع ذليل من الحرب.
فحماس التي وضعت لها هدفا ازالة اسرائيل، ها هي تتفق على وقف اطلاق النار وترضخ للإرادة الدولية في وضع نظام يمنع تهريب الأسلحة اليها. وحماس التي قطعت الحوار مع فتح ورفضت التوجه الى القاهرة، ها هي تجد وسيلة للعودة اليه. وحماس التي هاجمت مصر وأظهرتها وكأنها خائنة، تعود الآن وتسلم أمرها لمصر. وفوق كل هذا ستواجه حماس بعد الحرب أسئلة كثيرة من الشارع الفلسطيني حول أسباب هذه المغامرة التي أدت الى دمار غزة.
وأنا أقول هذا الكلام، وبداخلي ألم شديد على الدمار وعلى الضحايا الفلسطينيين. أنا أخجل من قيام الجيش الاسرائيلي بهذا القصف ولا أرى فيه أية فائدة لاسرائيل بل أراه ضارا بشكل فادح لنا ولمصالحنا ".
من جانبه، يقول المحلل الاستراتيجي والباحث في الشؤون العسكرية في معهد الدراسات المتعددة في هرتسليا د. أبيتار بنتصدف ان "هدف الحرب كان من البداية توجيه ضربة قاسية الى حماس في عملية متدحرجة كل ما يمكن تحقيقه منها جيد. الضربة استهدفت أولا البنى التحتية للقدرات العسكرية للحركة والقضاء على أكبر عدد من قادتها الكبار، خصوصا العسكريين منهم.
ولكننا للأسف أضعنا الفرصة لتحقيق ذلك. فالغالبية الساحقة من المسؤولين الكبار نزلوا تحت الأرض. والمسؤولون الذين بقوا ليسوا مهمين. وأنا أعتقد أننا بتنا في ورطة عسكرية حقيقية. فالوضع الذي يعيشه الجيش الآن هو انه أنهى مهماته في هذه المرحلة. ولكنه لا يستطيع التقدم الى المرحلة الثالثة لأن الحكومة لم تقرر .
من جانبه، اعتبر المحلل الاسرائيلي للشؤون العسكرية، رون فرحي ان "أمام اسرائيل طريقين. فإما الانسحاب فورا وفقا للمبادرة المصرية وإما البقاء والتوسع أكثر وتدمير حكم حماس والقضاء على بيئتها الأساسية". ويقول "الانسحاب أفضل لنا، لأن عدم الانسحاب يعني ان تسود الفوضى في قطاع غزة وتعود اسرائيل دولة محتلة تتحمل مسؤولية 1.5 مليون نسمة. ولماذا نحن وليس أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس)، لأن أبو مازن لن يقبل دخول غزة فوق الدبابات الاسرائيلية، وإن قبل فلن يستقبله الغزاويون استقبال الأبطال.
أما إذا انسحبنا، فينبغي ان تبقى حماس في الحكم. نحن علمناها درسا قويا ووفرنا لها ميزان رعب جديد، وعندئذ تكون قد عرفت ثمن الحرب معنا وستكون مشغولة عنا في اعادة البناء واطعام أهل غزة". ويضيف "نحن لا نعترض في اسرائيل على فتح معبر رفح حتى لو كان بإدارة حماس ومصر تحت المراقبة الدولية.
ففي هذه الحالة تصبح وجهة أهل غزة نحو مصر ولا تعود مهمة وجهتها بالاتجاه الاسرائيلي. لقد لعبت مصر بالنار 8 سنوات، تحولت خلالها الى ممر سهل للأسلحة التي تنطلق من غزة الى اسرائيل وتنغص حياتنا. وها هي حماس تنقلب ضدها. لكن الأمر الذي يجب أن نحذر منه الآن هو أن لا تعود السلطة الفلسطينية الى معبر رفح باتفاق مع حماس، لأن هذا يعني ان حماس وفتح ستعودان الى الاتفاق". ويشدد على ان "اتفاق الجهتين مضر لاسرائيل. ان مصلحتنا هي في ان تبقى غزة لوحدها والضفة الغربية لوحدها.
فإذا عادا الى الاتحاد، ستصبح اسرائيل أسيرة الانقسام، حيث ان المعبر بين القطاع والضفة يقسم اسرائيل الى قسمين ويتسبب لنا في متاعب أمنية جديدة. وإذا اتحدا سيصبح موقف الفلسطينيين محليا ودوليا واقليميا أقوى، بينما تصبح قوة الموقف الاسرائيلي أضعف. وسيطالبنا العالم بدفع الثمن بواسطة الانسحاب من الضفة الغربية وقد نخوض حربا جديدة "
*الشرق الأوسط

