في سيناء مات كل شيء
أمي ماتت ومات معها كل شيء
في أقصى الشمال الشرقي من شبه جزيرة سيناء في قرية من قرى مدينة الشيخ زويد تسقط قذيفة على بيت فتموت الام وتترك ابنها يتيم الام وما أقساه يتم وما أصعبه من فراق فقد الولد أمه التي يراها بعينيه الصغيرتين اجمل امرأة واعقل امرأة وأكمل امرأة ومن اعظم من الام عطاء ومن اعلى من الام يدا ، فقد أمه وفقد معها كل شئ وأظلمت الدنيا بفراقها فما يكفيها نور الشمس ضياء ، ذهب الولد لامتحانات العام فوجد سؤالا في اللغة العربية يقول اكتب موضوعا عن حب الام فكتب اجابة مختصرة مفيدة (ماتت أمي ومات معها كل شئ ) ماتت مغدورة في دارها لم يستطع وداعها ولم يتقبل فيها عزاءً ذهبت وتركت غصة ومرارة في النفوس نتذكرها كلما حوَّمت في الجو طائرة او سارت على الارض مدرعة او رأيناه ذلك الضابط في زيه العسكري منتفخا علينا بلا سبب
اختصر وصف المشهد في عموم المنطقة وشخص العلة ووصف الأعراض لكل أهالي تلك البلاد ماتت الام ومات كل شئ معها فلا تظنوا انه يرى حياة فكل ما حوله هو الموت او جزء منه او على الأقل بالنسبة له لا يرى في شئ حياة لأن ينبوع حياته مات غدرا ومات هو في حزنه عليها كمداً
هذا وصف الحالة في هذه المنطقة مات كل شئ عندما مات الضمير الإنساني في نفوس تحكمت في حياة الناس مات كل شئ عندما هان الانسان فأصبح بلا ثمن مات كل شيء عندما غُيِّبت الحقيقة وتم تضليل الناس وأصبح الكذب والتزوير سيد الموقف مات كل شئ عندما جرفت زيتونة الوادي بلا سبب مات كل شئ عندما عندما اتهم الأبرياء بالتكفير والارهاب لتبرير قتلهم وعدم تمكين أحد من الدفاع عنهم مات كل شئ عندما أهين الانسان وعُذِب مات كل شيء عندما فقدنا الثقة في اي احد وفي كل شئ مات كل شيء عندما غيبت مدينة رفح وقراها وتركها اَهلها وهاجروا لانه لم يعد في إمكانهم ان يعيشوا فيها ماتت أمي ومات معها كل شيء موضوع كامل مقدمة ومتن وخاتمة في خمس كلمات كانما تضرب بها في وجه القوم لقد مات فيكم كل شيء فكلكم موات كأنكم خشب مسندة وان حسبتم في انفسكم قوة وبطشاً وان ظننتم أنكم تصنعون حياة ففي عيون براعم مصر مات كل شيء
واني لاتساءل ياترى بماذ سيجيب أطفال سيناء اذا طلب منها ان يكتبوا موضوعا في حب الوطن بدلا من حب الام ؟!؟!
يا سادة الانقلاب لقد حققتم نجاحكم في قتل الحياة ثم كتب لكم الاطفال شهادة الوفاة في خمس كلمات فحقا قتلتم كل شيء وعلى ايديكم مات كل شيء
ولعل الرسالة تكون وصلت الى مصر والمصريين الأحرار الأحياء ولعلها أفصح بيانا وأوضح تعبيرا من كل مقالات العالم ولعل الحياة تدب مرةً اخرى فنجد بعض شيء لا يزال حيّا
الكاتب / يحيى عقيل
عضو مجلس الشورى المصري عن شمال سيناء

