الواجب على رجل العقيدة على طريق الدعوة أن يصلح نفسه ليكون قدوة عملية حسنة متمثلا كل ما يدعو إليه الإسلام من الفضائل بدءا بعقيدة التوحيد السليمة والعبادة الصحيحة والأخلاق المتينة والفكر المثقف والتنظيم في شئونه و الحرص على وقته.
ولكي يكتسب هذه الصفات لا بد من جهده الذاتي ثم ما تعاونه الجماعة به من وسائل وأنشطة لإصلاح نفسه.
وأساس إصلاح النفس بـالعقيدة السليمة والإيمان القوى فأي إصلاح على غير أساس من عقيدة الإسلام لا يرجى منه خير: {ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}. والإيمان القوى هو الذي يقاوم الغرائز السيئة في النفس والتي إذا لم تهذب لانحرفت بصاحبها وأوردته المهالك. وصدق الشاعر:

والنفس كالطفل إن تهمله شبّ على

                حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم.

والإسلام يهذب الغرائز ويرسم لها الطريق الحلال المشروع ولا يقضى عليها.

الشيطان يسعى جاهدا للإغواء والفتنة لا يكل ولا يمل فعلى المسلم أن يكون يقظًا متنبهًا وفي كل أوقاته يعرف طريق الهداية فيتبعه وطريق الغواية فيعتزله: {وأن هذا صراطى مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون}.

والإيمان القوى ينير الطريق ويوضح الصراط المستقيم والطرق المنحرفة كما أن الإيمان القوى يعين صاحبه على الالتزام بالطريق الصحيح ويحميه من الانحراف، ولا بد من تجديد الإيمان وتقويته، لا بد من الزاد على الطريق وخير الزاد التقوى، فعلى رجل العقيدة أن يتعرف على مصادر الزاد لينهل ولعل كتاب (زاد على الطريق) يعين على ذلك.
وعلى رجل العقيدة أن يعود نفسه أن يلزمها بأحسن ما يسمع وما يقرأ بـالتطبيق العلمى. ونسأل الله أن يجعلنا ممن {يستمعون القول فيتبعون أحسنه}.

ومن الجهد الذاتي في إصلاح النفس: حسن أداء العبادات من الصلاة أو الصوم أو الزكاة أو الحج، وأن يعيش هذه العبادات بقلبه لا بجسده فقط فلكل منها آثارها التربوية التي تصلح من يؤديها على وجهها الصحيح ويعيش أسرارها لا ظاهرًا فقط.

على رجل العقيدة أن يتمثل الأخلاق الإسلامية الفاضلة بأن يكون قدوة صالحة مقبولا عند الله وعند الناس، وخاصة أن كثيرًا من المسلمين قد أهملوا هذا الجانب وانتشرت بينهم بعض الأخلاق السيئة التي لا يقرها الإسلام، فنحن في حاجة إلى إبراز الفرد المسلم القدوة رجلا كان أو امرأة، خاصة هذا الفرد هو العنصر المشترك في باقي مراحل طريق الدعوة من البيت المسلم والمجتمع المسلم والحكومة المسلمة والدولة الإسلامية فالخلافة الإسلامية.
لا بد لرجل العقيدة من مثل هذا الجهد الذاتي لإصلاح نفسه مثل قيامه الليل والذكر وتلاوة القرآن وتدبره وحفظ ما يستطيع وكذا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يقرأ ليتفقه في هذا الدين ليعينه ذلك أيضا على دعوة الغير...

وليعلم رجل العقيدة على الطريق الدعوة أنه بقدر اهتمامه بـإصلاح نفسه بقدر ما يستطيع أن يواصل السير على الطريق دون قعود أو انحراف والعكس صحيح، خاصة وقد أخبرنا الله تعالى ذلك بقوله: {ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغنى عن العالمين}.
ويقول الإمام البنا (إن لم تكونوا بالدعوة فلن تكونوا بغيرها وهي إن لم تكن بكم فستكون بغيركم وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم)، فليحرص كل أخ ألا يحرم خير مواصلة السير مع الجماعة وذلك باهتمامه بإعداد نفسه وإصلاحها.

وعلى رجل العقيدة أن يدعو غيره
لو نظرنا إلى الساحة الإسلامية لوجدنا كثيرا من المسلمين لا يقدرون معنى انتمائهم للإسلام ومتطلبات هذا الانتماء منهم. فربما وجدنا الكثيرين منهم لا يفهمون إسلامهم الفهم الصحيح الشامل الخالي من البدع والخرافات والانحرافات فهؤلاء يحتاجون إلى من يدعونهم ويعرفونهم ما يجب أن يكون عليه فهمهم. ثم إننا سنجد الكثيرين الذين لا يعلمون أو يطبقون ما يطلبه منهم الإسلام من العقيدة السليمة والعبادة الصحيحة والأخلاق الإسلامية وغير ذلك.
ثم إن هناك قضية وواجبا على كل مسلم ومسلمة تفرضه طبيعة المرحلة التي تمر بها الأمة الإسلامية بعد سقوط الدولة والخلافة. هذا الواجب هو ضرورة العمل لإقامة الدولة والخلافة من الجديد على أساس سليم من الدين. فلا بد من دعوة المسلمين للقيام بهذا الواجب الذي لو تقاعدوا عنه فإنهم آثمون حيث إنه لا يمكن أن يبقى المسلمون بدون دولة تجمعهم وتحميهم ويمكنوا لهذا الدين عن طريقها. {حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}. ولا شك أن دعوة المسلمين للمشاركة في أداء هذا الواجب الذي لا يمكن أن يحقق فرديا ولكن لابد من العمل الجماعي المنظم يحتاج إلى جهد ومشقة وتخطيط وصبر وحكمة خاصة وأن العاملين في هذا المجال يتعرضون إلى الإعنات والإيذاء من بعض النظم الحاكمة.ولكن إحياء القلوب بالإيمان أولا ثم الإشعار بأن هذا واجب ديني ثانيا.

يمكن أن يكسب القلوب ويجعلها تستجيب لهذا النداء وتتهيأ لتحمل ما قد تلاقى من عنت وإيذاء مقتدين برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الذين تعرضوا للتعذيب بل والقتل تحت التعذيب ولم تلن لهم قناة ولكن صبروا وثبتوا حتى أيدهم الله بنصره والله تعالى يرغبنا في الدعوة إلى الله وأنها شرف عظيم بقوله تعالى {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين}، والرسول صلى الله عليه وسلم يرغبنا أيضا في الدعوة إلى الله فيقول (لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم)، وقد تدعو إنسانا فيهديه الله على يديك ويكون في قدر الله أن يجرى على يديه خيرا كبيرا للإسلام والمسلمين فيكون لك مثل أجره دون أن ينقص من أجره شىء، قد يحجم البعض عن دعوة غيره خشية الخطأ أو التلعثم وهذا عذر غير مقبول خاصة من رجل العقيدة على طريق الدعوة وإنى أنصح بـالتزام الطريقة التالية التي من شأنها أن تجعل الأخ المسلم (داعية من منازلهم) دون التخرج من معهد ديني.

  • المفروض أن الأخ المسلم يطلع ويقرأ الكتب للتعرف على أمور دينه وفقه دعوته فأقول كلما مر أثناء قراءته بمعنى جيد وتأثر به عليه أن يضع علامة أمامه بالقلم وبعد انتهائه من قراءة الكتاب يسجل هذه المعاني الهامة التي أشار إليها في مجلد جديد فيسجل المعاني التي تأثر بها في الكتاب في بضع ورقات في هذا المجلد ليسترجعها في دقائق كلما أراد لأنه لن يستطع أن يعيها في الذاكرة دون أن تتعرض للنسيان.
  • والخطوة التالية هي أن يبدأ في ممارسة الدعوة بأن يجتهد في استيعاب معنى من تلك المعاني ثم ينقله بلسانه إلى أحد إخوانه ثم مع أخ آخر حتى يطمئن إلى أنه صار يمكنه نقله كاملا ودون تلعثم ثم ينتهز فرصة جمع قليل من إخوانه ويذكره لهم حتى تزول من نفسه هيبة الجمع بعد أن أتقن ذكره فرديا.
  • والخطوة الثالثة أن يكرر ذلك في معنى ثان وثالث ورابع هكذا يجد نفسه بعد قليل يستطيع أن يحدث جميعا كبيرا في عدة معان دون خطأ أو تلعثم وبذلك يصبح داعية مؤثرا في غيره ومن أهم مميزات الداعي إلى الله أن يلزم نفسه بما يدعو غيره إليه وألا يخالفه بل يكون قدوة حسنة وحتى لا يتعرض إلى مقت الله وغضبه عليه لمن يقول ما لا يفعل {يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}.
  • وعلى من يدعو غيره ألا يداخله الغرور حينما يجد تجاوبا ممن يدعوهم بل يرجع الفضل في ذلك إلى الله كما لا يجب أن يداخله اليأس إذا لم يجد التجاوب المأمول فلعل قلة صادقة تستجيب له خير من كثرة استجابتهم سطحية أو وقتية.
  • ومن حكمة الداعي إلى الله أن يخاطب الناس على قدر عقولهم.وأن يمس الواقع الذي يشغلهم.وأن يقدم الحل الإسلامي لهم فهذا ادعى إلى التجاوب.