خميس النقيب :

 

بستان الايمان ، ونور القرآن ، وقمة الاحسان ، وصحبة عباد الرحمن ، لوحة بديعة ، وفرحة وديعة ، واشراقة سريعة ، وحصانة منيعة ، كل ذلك تجده في صلاة الفجر ...!!

كيف لا وقرآن الفجر كان مشهودا ؟!!

كيف لا وفرضه يجعلك في ذمة الله فتحفظ وتصان في الحياة ؟!!

كيف لا وسنته خير لك من الدنيا وما فيها ؟!!

كيف لا وقد اقسم الله به في قرآنه " والفجر وليال عشر " والعظيم لا يقسم الا بعظيم ؟!!

فطوبي لمن افتتح يومه بصلاة الفجر ، ويافرحة من استمع واستمتع بقرآن الفجر ، ويا سعادة من خشع قلبه وجوارحه وكلياته في بستان الفجر ،

ويا فلاح من وفق لصحبة اهل صلاة الفجر ...!!

اذن المؤذن ، وايقظ النائمين ، واعلن المستيقظين ، واخبر القائمين ، ان وقت الفجر قد دخل  فهلموا الي لقاء الله في بيت الله ...!!

الله .. الله .. الله ... انه يناديك لسعادتك ، يناديك لفرحتك ، يناديك لحفظك ورعايتك ، يناديك لتهذيبك وصيانتك ، يناديك لجواره ليعطيك من فضله وكرمه ... أترفض كل هذا العطاء ..؟!!

اجتمع المنادون ... اقيمت الصلاة ...تقدم الامام .. استقيموا يرحمكم الله ...ساووا صفوفكم فان تسوية الصفوف من تمام الصلاة ...!!

وقت طيب وجمع طيب وبيت طيب ...!!

قلوب صافية ، ونفوس راضية ، وايدي متوضئة ،

وابدان طاهرة ...

كانت ضمن هذا الجمع الكريم ...

بدأ الامام  بفاتحة الكتاب ، ثم انتقل الي الاعراف وما ادراكم ما الاعراف ...!!  انتقل الي مقطع من القرآن  يزلزل الابدان ، ويطوع الانسان ، ويشيب الولدان ، حتي اني فكرت كثيرا بعد الصلاة ... اصدره في بوستات لاحبابي ..!! ام اكتب عنه مقالات لقرائي ، ام اضمنه رسائل افرح بها نفسي واشرح بها صدري واصلح بها امري ... فوجدت ان كل ذلك متوفر وممكن بكرم الله وتوفيقه  ...

وكاني - بفضل الله - رايت الاعراف وما فوق الاعراف وسمعت المنادي وانصت اليه  وهو يوزع اللعنات وفي نفس الوقت يهدي البشارات  ...!!

يوزع لعنات علي الظالمين المستبدين ويهدي بشارات للمظلومين الصابرين ..!!

ياله من مقطع ..!! ياله من قرآن !! ياله من موقف  !! ياله من مشهد ...!! سورة الاعراف ...!!

" ان الذين كذبوا باياتنا واستكبروا عنها لاتفتح لهم ابواب السماء ولا يدخلون الجنة حتي يلج الجمل في سم الخياط .."

التكذيب والاستكبار صفتين اساسيتين  للمستبدين والظالمين ، لذلك كان الجزاء ، لا تفتح لهم سماء ولا تبش لهم ارض ولا تقترب منهم جنة ، ولا ينظر اليهم رب الارض والسماء ، يفترشون النار ويلتحفون اللهب ، جزاء ما جنت ايديهم ، ولقاء ما ارتكبت نفوسهم ، " كذلك نجزي الظالمين "  نعم ظالمون لانهم يصدرون الظلم ، فينتشر في الاحياء ويتزايد في الارجاء ، ويتصاعد في الاجواء ..!! يزكم الانوف ويطمس الوجوه ويفجع القلوب ..كيف ؟

اعراض تنتهك ، واغراض تغتصب ، واموال تصادر ، ونساء ترمل ، واطفال تيتم و رجال تقتل ...!! لذلك لا عجب ان تتوسطهم جهنم فتكون لهم سرادق ، من تحتهم مهاد ومن فوقهم غواش ، ولا عجب ان ينادي عليهم المؤذن من فوق الاعراف " الا لعنة الله علي الظالمين "  ولا عجب الا يدخلوا الجنة حتي يلج الجمل (حبل السفينة ) في سم الخياط ( ثقب الابرة ) ، ولا عجب ان يحرموا رحمة الله ، ولا عجب ان يقول المؤمنون " ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين "

" ونادي اصحاب النار اصحاب الجنة ان افيضوا علينا من الماء او مما رزقكم الله قالوا ان الله حرمهما علي الكافرين * الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا .."  لا ماء ولا رحمة ولا شفقة لماذا ؟ الجزاء من جنس العمل ، في الدنيا لم تكن لهم شفقة او رحمة بشعوبهم وبمن تحت امرتهم فقتلوا الشعوب ، وهدموا المساجد ، وخربوا المصانع ، وجرفوا المزارع ، بل اتخذوا الدين لعبا ولهوا وسخرية واستهزاء ...!! فمنعهم الله رحمته ، وحرمهم الله نعمته ، وافقدهم الله هدايته ، انهم نسوا يوم لقاءه وجحدوا دينه وشريعته ...!!

علي الجانب الاخر تجد المؤمنين فرحين مستمتعين بما نالوا من عطاء وبما اورثوا من جنات يقولون " الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا ان تلكم الجنة اورثتموها بما كنتم تعلمون"

بل وينادون سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون "

للظالمين لعنات وللمؤمنين سلامات ، للظالمين لعنات وللمؤمنين رحمات ، للظالمين لعنات ولفحات وللمؤمنين نظرات ونفحات ...!!

كل ذلك علي الاعراف ...

مشهد مؤثر صوره لنا القرآن الكريم بصوت الامام

في صلاة الفجر ...!!ا

انها صلاة الفجر ، انها فرحة العمر ، انها بركة الحياة ، انها رحمة الله ... ما اجملها وما احلاها وما اطعمها ....

جو لم يلوث بعد بانفاس العصاة ، ولم يختلط بعد بمكر الطغاة ،بل جو صافي بديع ...!!

اللهم لا تحرمنا صلاة الفجر ، اللهم لا تجعلنا مع القوم الظالمين ..

اللهم لا تحرمنا نعمة الايمان وافتح لنا ابواب الجنان وادخلنا برحمتك في عبادك الصالحين عباد الرحمن ...