حذر تقرير فلسطيني من موجة الاستيطان الإسرائيلي الأخيرة في القدس المحتلة، مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال تسابق الزمن قبيل انتقال السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى إدارة ديمقراطية.

ونشرت وزارة البناء والإسكان وسلطة الأراضي الإسرائيلية، مناقصة لبناء ألف و257 وحدة استيطانية في مستوطنة "جفعات هاماتوس" على أراضي بلدة بيت صفافا، والتي ستتسبب بعزل مدينة بيت لحم عن مدينة الجزء الشرقي من مدينة القدس المحتلة.

وجاء في التقرير الصادر اليوم السبت، عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن نشر المناقصات لبناء حي يهودي جديد في "جفعات هاماتوس" يأتي ضمن سياسة عزل القدس ومحاصرتها في سياق مشاريع التهويد الإسرائيلية.

وأوضح التقرير، أنه منذ حزيران 1967، أقامت "إسرائيل" عددًا من المستوطنات في القدس ومحيطها مثل "رمات اشكول"، و"جفعات هاميفتار"، و"راموت شلومو"، و"التلة الفرنسية"، و"نيفي يعقوب"، و"بسغات زئيف"، و"إيست تالبوت"، و"جيلو"، و"هار حوما"، ويسكنها 250 ألف يهودي.

وأضاف أن الجديد في العطاءات الأخيرة هو قرار بناء حي جديد بالكامل في القدس على "الخط الأخضر"، وهو ما يجري لأول مرة منذ عام 1997 مع بناء مستوطنة "هار حوما".

ورجح التقرير، أن تكون حكومة الاحتلال اتخذت هذا القرار؛ لاستغلال الأيام الأخيرة لولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تحسّبًا من أن يضع الرئيس المنتخب جو بايدن قيودًا أمام الحكومة الإسرائيلية فيما يتعلق ببناء المستوطنات.

ولفت التقرير إلى أن الاحتلال لم يعد يميّز بين "القدس الإسرائيلية" و"القدس الفلسطينية".

ورأى التقرير الفلسطيني الرسمي، أن مستوطنة "جفعات هاماتوس"، جاءت لتكمل الدائرة "التي تخنق أي احتمال لشرقي القدس للتوسع أو الوجود كعاصمة فلسطينية، وتجاهل حقيقة وجود حوالي 350 ألف فلسطيني من سكان المدينة، ويعملون تمامًا لقبول القدس، كمدينة فصل عنصري".

مخططات لبناء 13 ألف وحدة استيطانية بالقدس

وحذر التقرير من دفع سلطات الاحتلال مخططات جديدة لبناء أكثر من 13 ألف وحدة استيطانية في مدينة القدس، قبيل تسلم إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مهامها في العشرين من كانون الثاني المقبل.

ووفق االتقرير، يدور الحديث عن مخطط لبناء 9 آلاف وحدة استيطانية على أراضي مطار قلنديا، وألف و530 وحدة استيطانية في مستوطنة "رمات شلومو" على أراضي شعفاط، و570 وحدة في مستوطنة "هار حوماه" على أراضي جبل أبو غنيم، إضافة إلى الوحدات الاستيطانية في مستوطنة "جفعات هامتوس" على أراضي بيت صفافا، إلى جانب آلاف الوحدات الاستيطانية الأخرى في مستوطنة "معاليه أدوميم" في إطار المخطط الاستيطاني "إي 1".

كما تعتزم بلدية الاحتلال في القدس تحويل شارع صلاح الدين إلى ممر مفتوح للمشاة فقط،  حيث حضرت طواقم من البلدية إلى الشارع المذكور قبل نحو أسبوعين، وعلقت لافتات فيه باللغة العبرية تتحدث عن مخطط ستنفذه وأمهلت التجار حتى الثالث والعشرين من شهر كانون الأول/ ديسمبر المقبل للاعتراض على المخطط الذي يبدأ من المصرارة على الشارع رقم واحد مروراً بشوارع السلطان سليمان وصلاح الدين والزهراء والأصفهاني والرشيد وشارع عثمان بن عفان في واد الجوز، وصولاً إلى منطقة الشيخ جراح وفندق (الأمريكان كولوني) وامتداداً على الشارع رقم واحد الفاصل بين شطري المدينة الشرقي والغربي.

ومن شأن المخطط المذكور أن يؤثر عمليًّا على 300 ألف مقدسي، تجاهلت بلدية الاحتلال الاتصال بهم والتشاور معهم ومع السكان وأصحاب المحال التجارية في الشوارع والأحياء التي يشملها المخطط.

في الوقت نفسه، تنوي الحكومة الإسرائيلية إطلاق عملية لتسجيل الأراضي والأملاك في شرقي القدس في حين أن 5% من أراضي القدس مسجلة في الطابو، و"إطلاق حملة تنظيم وتسجيل الأراضي للتأكيد على أن شرقي القدس جزء من القدس الموحدة".

وفي سياق تهيئة البنى التحتية لمخططات الضم، تم الإعلان عن خطة وضعتها وزارة النقل والمواصلات في حكومة الاحتلال لشق مزيد من الشوارع الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، وتحديث شوارع أخرى خدمة للمستوطنين بهدف ربط المستوطنات ببعضها مع دولة الاحتلال وتحسين عمليات التنقل والأمان، ويجري الآن الترويج للخطة الرئيسية للنقل فيما تسميه إدارة الاحتلال المدنية "يهودا والسامرة" أي الضفة الغربية، بتكلفة 2.3 مليار شيكل (676 مليون دولار) لمدة 5 سنوات، وتشمل شق طرق وتطوير أخرى، وحلول للمفترقات الخطرة.

وتم الكشف عن المخطط خلال اجتماع عقدته وزيرة المواصلات ميري ريغيف مع قادة المستوطنين في الضفة الغربية الأسبوع الماضي.

من جانبه، قال رئيس مجلس "يشع" الاستيطاني "دافيد الحياني": "لو تم تنفيذ الخطة قبل 10 سنوات، لكان مليون إسرائيلي يعيشون في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) اليوم". وأوضح أن الخطة تربط المستوطنات ببقية الدولة، وتجعل السيادة الإسرائيلية عليها فعلية.

هدايا مجانية

وقال التقرير: إن  حكومة الاحتلال الاسرائيلي ليست وحدها من تسابق الزمن لفرض وقائع إضافية على الأرض الفلسطينية عبر إقرار مزيد من مخططات الضم والتوسع، فإدارة ترمب هي أيضا تقوم بهذا الدور عبر تقديم هدايا مجانية لحكومة الاحتلال، حيث أعلن وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو، في خطوة لم تقدم عليها حتى دولة الاحتلال بشكل رسمي، تصنيف إدارته المنتهة ولايتها، المنطقة المصنفة (ج) في الضفة الغربية على أنها إسرائيلية اقتصاديا وإداريا، فيما عد قطاع غزة كيانا سياسيا منفصلا عن الضفة الغربية وتصنيف منتجات المستوطنات الإسرائيليّة في الضفة الغربيّة على أنها إسرائيليّة.

وجاء إعلان بومبيو في بيان صدر بالتزامن مع زيارته إلى مستوطنة "بساغوت" المقامة في منطقة جبل الطويل على أراضي مدينة البيرة في الجهة الشرقية، ويملكها مواطنون من المدينة، وذلك في أول زيارة لوزير خارجيّة أميركي إلى مستوطنة وفي تحدٍ سافر لإرادة المجتمع الدولي وقراراته، خاصة قرار مجلس الأمن رقم 2334 والذي عدّ الاستيطان انتهاكًا للقانون الدولي، وعملًا غير مشروع.

كما أعلن بومبيو اعتبار حركة مقاطعة الاحتلال "معادية للسامية"، وشملت جولة بومبيو أيضا إضافة لمستوطنة "بساغوت" والجولان المحتل ما يسمى "مدينة داود" في القدس المحتلة و"قصر اليهود" قرب أريحا والمنطقة الصناعية الاستيطانية "شاعر بنيامين".

وأكد التقرير أن الإدارة الأميركية بهذا تعطي الضوء الأخضر لدولة الاحتلال لضم المنطقة المصنفة "ج" التي تعادل 60% من الضفة الغربية وتكريس الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة باعتبار أن قطاع غزة والضفة الغربية منفصلتان سياسيًّا وإداريًّا ويجب معاملتهما وفقاً لذلك خلافا لمواقف الإدارات الأميركية السابقة، فضلا عن ذلك دعا بومبيو إلى معاملة منتجات المستوطنات كمنتجات إسرائيلية المنشأ، وجاء هذا الموقف المعلن تحت عنوان "تأشير بلد المنشأ" ولكنه في تفاصيله يشرّع الضم بقوله: "إن المنتجين في المنطقة (ج) يعملون ضمن الإطار الاقتصادي والإداري لإسرائيل ويجب التعامل مع بضائعهم وفقاً لذلك".

وتفيد المصادر أن نتنياهو حاول خلال محادثات مغلقة مع الزائر الأميركي الحصول على موافقة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بمنح الضوء الأخضر لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية في "عطاروت" شمالي القدس المحتلة.

يذكر أن وزارة الإسكان قدمت في شباط الماضي إلى لجنة التخطيط الإسرائيلية خطة لبناء مستوطنة جديدة في "عطاروت" تضم 9 آلاف وحدة سكنية، مجاورة لحاجز قلنديا في قلب منطقة التواصل الفلسطيني بين رام الله – كفر عقب - بيت حنينا.

تهويد ممنهج في الخليل

وفي سياق التهويد الممنهج لمدينة الخليل، قال التقرير: إن اللجنة الفرعية المعنية بالاعتراضات في الإدارة المدنية، رفضت التماسات قدمتها منظمة يسارية إسرائيلية، وبلدية الخليل الفلسطينية، ضد إصدار رخصة بناء لمشروع استيطاني يهدف للسيطرة على المسجد الإبراهيمي من خلال مصادرة بعض المناطق فيه لصالح المستوطنين بهدف تسهيل وصولهم إليه، ويدور الحديث هنا عن بناء مصعد وممر خاص بالمستوطنين بمحاذاة الحرم؛ لتسهيل عملية اقتحام المسجد، وقد خصص مليونا شيقل حتى الآن لتمويل المشروع التهويدي.

وفي السياق ذاته، تمكن المستوطنون من جمع أكثر من 3 مليون شيكل بهدف زيادة عدد المستوطنين في الخليل إلى الضعف، واستمرت حملة جمع التبرعات التي دعا لها المستوطنون في سبت سارة لمدة 100 ساعة، حيث يعلن المستوطنون نيتهم البدء في بناء تجمعات استيطانية جديدة في منطقة محطة الباصات القديمة وسوق الخضار المغلق وسط شارع الشهداء وزيادة عددهم من 800 مستوطن إلى ألف و600 مستوطن في خطوة لم تحدث منذ بداية الوجود الاستيطاني في الخليل قبل أكثر من 40 عاما.

وشارك في حملة التبرعات شخصيات اعتبارية في دولة الاحتلال على رأسهم رئيس حزب أزرق أبيض بني جانتس، وحسب ما أعلن المستوطنون فإن الحملة ستستمر في الخارج علما أن المستوطنين جمعوا مبلغ مليون دولار العام الماضي من أجل بناء حي استيطاني جديد في محطة الباصات القديمة وسط شارع الشهداء.