لم تقف معاناة المعتقلين في مصر عند حدود الانتهاكات التي دأبت الصحافة على التطرق إليها، لكنها امتدت لتسرق فرحة العمر من فتيات كن ينتظرنها طويلا.

تغص السجون المصرية العديد من المعتقلات اللاتي كن يستعددن للزفاف أو الخطوبة، أو ممن لم يمض على خطبتها أشهر، ولكن لم تكمل فرحتها، إضافة للاتي فقدن فرحة العمر بعد اعتقال خطيبها.

سمية ماهر ومروة مدبولي ورانيا عبد الفتاح نموذج للفتيات اللاتي وأد السجن فرحة عمرهن، فبدل أن يتجهزن للزفاف مع شركاء حياتهم، إلا أن نظام الانقلاب شرق فرحتهن، واحتجزها معهن في الزنازين.

ولم يقف الأمر عند الفتيات فقط، بل امتد ليشمل الشباب أيضا، ومن بينهم محمد إبراهيم حجاج الذي لم يمر سوى يومين على زواجه حتى تم اعتقاله وزجه في السجن.

مروة مدبولي

خطيبها متهم في أحداث مسجد الفتح، وتحملت 5 سنوات وهو في السجن، وظلت في انتظاره حتى خرج، وتم عقد قرانهم، وقاموا بتحديد موعد الزفاف في الثامن من شهر نوفمبر لعام 2018، ولكن تم اعتقالها قبل زفافها بسبعة أيام، وتعرضت للإخفاء القسري 22 يوما، حتى ظهرت على ذمة قضيه ملفقة، وهي الآن محتجزة في سجن القناطر، وممنوع عنها الزيارة.

سمية ماهر

تمت خطبتها وخطيبها بالسجن، وتحملت 4 سنوات ونصف حتى حكم له بالبراءة، ومن ثم عقدوا القران بعد خروجه مباشرة، وبعد عقد قرانهما بأسبوعين فقط وفي يوم 17 من شهر أكتوبر لعام 2017، اقتحمت قوات الأمن  منزل سميه، وقامت باعتقالها وإخفائها قسريا، وبعد عدة أشهر تم ترحيلها لسجن القناطر وحتى الآن ممنوعه من الزيارة.

رانيا عبد الفتاح

فتاه عاشت بمفردها 13 سنه منذ وفاة والدها ووالدتها، ثم تم خطبتها لشاب معتقل انتظرته ثلاث سنوات حتى تم الإفراج عنه، وفي يوم الاثنين الموافق 24 من شهر يونيو لعام 2019، اقتحمت الداخلية منزلها، وقاموا باعتقالها واعتقال خطيبها، وما زالوا رهن الإخفاء القسري حتى الآن.

محمد إبراهيم حجاج

 لم يمر سوى يومين على زواجه حتى تم اعتقاله وهو في طريقة ليقضي شهر العسل في ماليزيا، حيث تم إيقافه في المطار هو وزوجته، وتم الذهاب بهما لشقتهما وتفتيشها، وتم ترك الزوجة في الشقة، والذهاب به إلى مكان غير معلوم، ولم يتم عرضه على النيابة حتى الآن.

وفي هذا السياق، تتساءل منال خضر الحقوقية والاستشارية التربوية قائلة: من يعيد لهؤلاء فرحة العمر؟ من يعوضهم عن هذا القهر وهذا القمع وسرقة الفرحة واستبدال سجون بها وزنازين وأسوار؟

وتضيف منال أن الوطن  الذي حرمها من أن تجري وتلهو وتلعب مع فارسها الجميل الذي تحبه، من الصعب أن تعود إليه بعد سنوات العذاب والإخفاء القسري وهي تحبه وتضحي من أجله.

من جانبه، يرى نائب رئيس مجلس حقوق الإنسان الأسبق، السفير عبد الله الأشعل، أن ما يجري لهؤلاء البنات وحتى الشباب هو نوع من عدم الإنسانية، وهذا هو ديدن الحكم العسكري الذي لا يأبه بأي شيء، وهو ما يجري منذ عهد جمال عبد الناصر وبداية الحكم العسكري حتى الآن، والعداء التاريخي والغريب بين هذا الحكم والتيار الإسلامي تحديدا الإخوان المسلمين.

ويضيف الأشعل، أن تأثير مثل هذه الممارسات على هؤلاء البنات ونزع فرحتهم وحرمانهم من حلم العمر، "سيترك أثرا عظيما في نفوسهن باعتبارهم ضحايا، ولديهم إحساس كبير بالظلم، وهؤلاء حتى بعد خروجهم من السجن سيكونون حاقدين على المجتمع  والدولة بسبب إحساسهم طول الوقت أن سنوات العمر قد سرقت منهم".

أما الحقوقية سكينة إبراهيم، فترى أن  ما يجرى "يأتي في إطار مخطط منظم لكسر إرادة الشباب بشكل عام، سواء البنات أو الشباب، لأنهم وقود أي حراك أو نشاط ضد  السلطة، وهو ما أثبتته الأحداث الماضية، سواء بثورة 25 يناير أو ما بعد الانقلاب، والظهور البارز للمرأة المصرية وتواجدها بشكل قوي وفاعل، وهو ما أصاب سلطة الانقلاب بالصدمة من هذا الدور، فأراد أن ينتقم من المرأة بشكل عام والفتيات في هذا العمر بشكل خاص، من خلال أعز مناسبة وأغلى ذكرى في حياتهن، وهي المتعلقة بالخطوبة أو الزفاف، ولكن رغم كل ما يجري وقسوته، فأنا أعتقد أن المرأة قادرة على الصمود والصبر والتحدي مهما كانت الضريبة".