تستمر الاشتباكات بين الفصائل المعارضة والمقاتلة في الشمال السوري من جهة، وقوات النظام السوري وحلفائها من جهة أخرى، لا سيما في ريفي حماة الشمالي والغربي، مع احتفاظهما بالمواقع الجديدة التي تقدما إليها منذ بدء التصعيد في نيسان/ أبريل الجاري.

والنقطة التي تميز معارك الفصائل العسكرية في ريف حماة الشمالي حاليا، أنها تدور في مناطق سيطرة النظام، على خلاف الأيام الماضية التي دارت فيها المواجهات في مناطق سيطرة المعارضة كبلدة كفرنبودة وقرية القصابية في ريف إدلب الجنوبي.

وكانت فصائل المعارضة أعلنت انتهاء المرحلة الأولى من العمل العسكري على جبهات ريف حماة الشمالي تحت مسمى "دحر العدوان"، التي أعلنت فيها السيطرة على عدد من البلدات والمواقع العسكرية لقوات الأسد، وبدء المرحلة الثانية من العمل على مناطق جديدة تحت مسمى معركة "الفتح المبين".

واستطاعت المعارضة ضمن عملية "الفتح المبين"، أن تشعل مناطق تابعة للنظام السوري في الشمال السوري، وتنقل المعركة إلى مناطقه، أبرزها بلدات "تل ملح" و"الجبين" و"الجلمة" بريف حماة الشمالي.

وظهرت أهمية هذه المعركة الجديدة، ونجاحاتها بالنسبة للمعارضة، لا سيما أنها كانت مفاجئة بشكل كبير للنظام السوري وروسيا التي تدعمه، وبات دورها يبرز بشكل كبير بعد الانتصارات التي حققتها المعارضة، من أجل عدم انهيار قوات الأسد والمليشيات الداعمة لها في الجبهات.

من جهته، أوضح ناجي مصطفى، المتحدث الرسمي باسم البجهة الوطنية للتحرير، التي تعد أبرز الفصائل المقاتلة في الشمال السوري، وتتبع الجيش الحر، أن "معركة الفتح المبين، استكمال لمعركة دحر العدوان وهي المرحلة الثانية من المعركة، ومعاركنا مستمرة وهي تعتمد استراتيجيتين، الأولى دفاعية في محاور تقدم عصابات الأسد، والثانية في محاور أخرى نسعى فيها للتقدم بعمليات هجومية لتحرير مناطق جديدة من قوات الأسد".

وقال "إن عمليات التقدم تخدم العمليات الدفاعية في المحاور التي تقدمت فيها قوات الأسد مثل كفر نبودة ومحاور أخرى سيطرت عليها قوات النظام، وانحازت عنها قواتنا في المراحل الأخيرة".

دور روسي أكبر

وأكد مصطفى أن المعركة شديدة وعنيفة جدا، وأن المعارضة تواجه روسيا بشكل مباشر، والأخيرة موجودة بشكل فعال على الأرض، وهي الي تدير المعركة بالنسبة للنظام، وهي التي تقوم بقصف مناطق المعارصة.

وأكد كذلك "تواجد قوات خاصة روسية على الأرض، بالإضافة إلى التواجد الجوي الكثيف جدا للطيران الروسي، واستخدامهما كافة أنواع الذخائر والصواريخ".

وشدد على أن المعركة باتت بإدارة روسية، وتختلف عن المعارك السابقة منذ بدء التصعيد، وذلك بسبب التواجد الروسي بشكل مباشر بالمعارك والجبهات.

وأوضح سبب التواجد الكبير لروسيا في المعارك مؤخرا، لأن "الفصائل استطاعت هزيمة عصابات وقوات الأسد في محاور مختلفة، لذلك فإن روسيا باتت تشارك مباشرة في المعارك، لوقف الانهيارات الواضحة في قوات الأسد".

وقال إن النظام السوري بعد صدمته من هجمات الفصائل على مناطق تابعة له، ضمن معركة "الفتح المبين"، فإنه يحاول إحلال قوات جديدة القوات عوض المتواجدة في الجبهات، ولكنه أوضح: "نحن مستعدون ومعنوياتنا عالية جدا.. اليوم نحن في مرحلة كسر عظام".

وبحسب مصدر عسكري ميداني، فإن خسائر النظام السوري، زادت مؤخرا وبشكل كبير، إذ أوضحت أن قتلى النظام على الأقل منذ بدء التصعيد 700 قتيل، من بينهم 30 ضابطا.

وقال إن خسائر النظام في العتاد بلغت 42 آلية مجنزرة، وأعداد كبيرة من الراجمات والسيارات، إلى جانب إعطاب طائرتين حربيتين، وإسقاط ثلاث طائرات استطلاع.

3 أهداف

من جانبه، قال المحلل العسكري، العقيد السوري المتقاعد أحمد الرحال، إن معركة "الفتح المبين"، حققت تقدما استراتيجيا للمعارضة.

وأوضح أنها كسرت الحالة التي كانت عليها المعارضة في الأسابيع الخمسة الأولى، التي كانت عبارة عن تثبيت محاور وامتصاص هجوم النظام فقط.

ولكنه أوضح أنه عند انطلاق المعارضة بهجوم معاكس في مناطق خسرتها، وجدنا أن هناك محورين من أصل ثلاثة عانت منها المعارضة من الاستعصاءات، وذلك في محور الحويز ومحور الكركات، فهناك حشود قوية للنظام.

وتابع: "حتى إن المحور الثالث كفر نبودة، تحول إلى محور استنزاف، فهو يوما مع المعارضة ويوما مع النظام، الأمر الذي دفع بالفصائل أن تفكر بتكتيك جديد، لا سيما أن المنطق العسكري يقول إن المناورة في الجبهات والنيران جزء من تكتيك المعركة العسكرية، لذلك رصدت عيون الاستطلاع أن جبهات الجبين وتل محل وكفرهود هي غير مكتملة للنظام، وأنها خاصرة ضعيفة".

وقال إنه بناء على هذه الاستراتيجية فقد تم الإعلان عن "الفتح المبين"، بعملية نقل المعركة لجبهات أخرى، ما حقق للمعارضة ثلاثة أهداف:

- السيطرة على أربع مناطق تشكل أهمية
- شكلت إطلالة نارية على كفرنبودة
- قطع طريق الإمداد الرئيس للنظام ما بين محردة ومنطقة السقيلية

وأوضح أنه بذلك، تسببت عملية "الفتح المبين" بهلع لدى النظام، وخسائر كبيرة في عناصره، ما دفعه لتعزيز قواته بلواء 120 من الفرقة السابعة، واللواء 91 من الفرقة الثالثة، مع تكثيف كبير للطيران الحربي التابع له ولروسيا.

ولكنه أشار إلى أن "فصائل الثوار لجأت إلى تكتيكات مرافقة، هي الكمائن والقنص، جعلت النظام يتفاجأ ويقع في أفخاخ وكمائن كثيرة"، مضيفا أن "عناصر الثوار كانوا يتظاهرون بالانسحاب من بعض المناطق، ما يدفع النظام للتقدم ليقع في كمائن وأفخاخ متفجرة عدة، تسببت بخسائر كبيرة له".

صفعة روسية و"اتفاق جديد"

وعن الدور الروسي، قال الرحال، إن الخسائر الكبيرة للنظام السوري، جعلت الروس يهددون بأنهم سيزجون بأسلحة أكثر وأكبر، معتبرا أن "هذه التهديدات لا تنم عن قوة، ولكن محاولة من موسكو لوقف انهيار جبهات النظام".

واعتبر أن "للروس الصفعة الأكبر، الذين يرون أنفسهم دولة عظمة، وكانوا يتوقعون أن يكونوا خلال عشرة أيام فقط في أريحا على مسافة 80 كيلومترا، ونحن في اليوم الأربعين تقريبا، ولم يحققوا انتصارات، بل إنهم على العكس خسروا أربع مناطق مهمة".


وقال إن "الأمور ذاهبة إلى موقف آخر، إذا ما أرادت موسكو أن تحافظ على سوتشي وأستانا، فعليها وقف الاعتداءات، ونحن اليوم بحاجة إلى اتفاق جديد".

وشدد على أن "المنطق العسكري والمنطق السياسي يقولان إن كل ما سبق العملية أسقط نهائيا، وأصبح في طي النسيان، ويجب البحث عن اتفاق جديد، ويكون بضمانة غير روسية، لأن روسيا لم تعد ضامنا"، وفق قوله.