تجددت اليوم الخميس في الخرطوم المظاهرات المناهضة لسياسات الحكومة في إطار الاحتجاجات المستمرة في السودان منذ أكثر من شهرين، بينما جابهتها السلطات باستخدام القوة واعتقال العديد من القياديين المعارضين.

وقال مراسل الجزيرة الطاهر المرضي إن قوات الأمن اعتقلت 15 من قيادات "إعلان الحرية والتغيير"، وهو تجمع يضم عددا من الأحزاب السياسية والشخصيات القومية، بالإضافة إلى تجمع المهنيين السودانيين الذي دعا إلى الكثير من المظاهرات التي خرجت في الشهرين الماضيين.

وكان من بين المعتقلين محمد مختار الخطيب من الحزب الشيوعي، والأمينة العامة لحزب الأمة سارة نقد لله، إضافة إلى كل من مريم الصادق المهدي وصدّيق الصادق المهدي من حزب الأمة وآخرين. ونُفذت الاعتقالات أثناء مظاهرات في محيط مسجد فاروق وسط الخرطوم.

وجابت المظاهرات عددا من الشوارع وسط الخرطوم في اتجاه القصر الرئاسي سعيا لتسليم مذكرة تطالب برحيل الرئيس عمر البشير الذي أكد مرارا أن المظاهرات لن تطيح به، وأنه لا سبيل للتغيير إلا عن طريق الانتخابات.

وذكر مراسل الجزيرة أن مظاهرات اليوم كانت على نطاق كبير وشملت مناطق وسط الخرطوم، وبُرّي، وود نوباوي في أم درمان، وأربجي جنوب الخرطوم، مشيرا إلى أنها تعد تطورا نوعيا بما أن قياديين من المعارضة تقدموها لأول مرة.

وأضاف أن المحتجين رددوا شعارات تطالب بإسقاط النظام، ورحيل البشير، وتنادي بالحرية والديمقراطية، وتدعو إلى محاربة الفساد للخروج من المأزق الذي تعيشه البلاد.

بدورها، نقلت وكالة الأناضول للأنباء عن شهود عيان أن قوات الأمن أطلقت قنابل الغاز بكثافة على المحتجين أثناء تجمعهم في أكبر موقفين للمواصلات العامة بالخرطوم.

في غضون ذلك، نظمت مجموعة من العاملين في إحدى شركات الاتصالات وقفة احتجاجية داخل مقر الشركة في ضاحية المنشية شرق الخرطوم. وطالب المحتجون خلال الوقفة بالحرية والعدالة ورحيل النظام والإفراج عن المعتقلين.

وتأتي الوقفة استجابة لدعوات من تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير المعارض، بالخروج في مظاهرات وتنظيم وقفات للمطالبة برحيل النظام.

وكانت الاحتجاجات انطلقت في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي من مدينة عطبرة (شمال الخرطوم) بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة وشح المواد الأساسية، وقد جابهتها السلطات بالقوة مما أسفر مذاك عن مقتل ما لا يقل عن 57 شخصا.

تنسيقية للتغيير
وفي مواجهة مطالب المتظاهرين الذين تدعمهم أحزاب معارضة، رفضت الحكومة السودانية مقترحات تدعو إلى فترة انتقالية للخروج من الأزمة الراهنة.

وفي السياق، أبدى مدير جهاز الأمن السوداني صلاح قوش رفضه أي مبادرة لحل الأزمة تخرج عن الشرعية الموجودة التي قال إنها تتمثل في الدستور والقانون والمجلس التشريعي.

وكان قادة المؤسستين العسكرية والأمنية في السودان أكدوا في وقت سابق دعمهم للرئيس البشير في مواجهة أكبر احتجاجات على سياسات نظامه.

في الأثناء، شكلت خمسة تيارات منسوبة للإسلاميين السودانيين، عُرفت بمناداتها بالتغيير الشامل السلمي في البلاد، تنسيقية فيما بينها باسم التنسيقية الوطنية للتغيير والبناء.

وتهدف التنسيقية، بحسب بيان تشكيلها، إلى تحقيق تغيير شامل في البلاد عن طريق أدوات فعل معرفي وسياسي سلمي مدني.

وتطالب التنسيقية، التي أطلقت شعار "معا من أجل وطن ديمقراطي آمن يسع الجميع" بتنحي البشير، وإقرار انتقال سياسي وحكومة انتقالية وسن قوانين للعدالة الانتقالية، والتوافق على عقد اجتماعي بين السودانيين لتحقيق السلام ومحاربة الفساد.