مر عام على تصريحات رئيس سلطة الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، بشأن العمل على إطلاق قناة تليفزيونية إخبارية مصرية ذات مستوى عالمي، وذلك خلال لقائه مع مجموعة من ممثلي وسائل الإعلام على هامش منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017.

وكانت مصادر مطلعة قد كشفت أن قناة "دي إم سي نيوز ( dmc news)" التابعة لمجموعة دي ميديا للإنتاج الإعلامي، والمملوكة بالكامل للمخابرات المصرية، هي القناة التي كان يقصدها السيسي في حديثه، والتي بدأ التجهيز لها فعليا في آب/ أغسطس 2016.

وحتى الآن لم تر القناة الإخبارية النور؛ بسبب تخبط القرارات وإقالات الإدارات المتتالية وسط حديث عن إغلاقها تماما، أو البحث عن تمويل جديد لها بعد أن تجاوزت الميزانية المحددة لها إثر الاستعانة بنظام إخباري غير فعال، وغير مجد، وغير معروف.

ويدير القناة بشكل مؤقت الإعلامي الشاب، أحمد الطاهري، المقرب من المخابرات العامة، لحين التعاقد مع رئيس قناة جديد خلفا للمدير السابق، منال الدفتار، التي تقدمت باستقالتها قبل شهرين، أو أُجبرت على الاستقالة؛ بسبب خلافات مع إدارة القناة التي يتحكم فيها اللواء السابق بالجيش، ثروت درويش.

سياسة إخبارية جديدة

وكشف مصدر مطلع، أن هناك توجهات جديدة من قبل المسؤولين عن مجموعة القنوات (المخابرات ) بتغيير السياسة العامة للقناة الإخبارية، وتتمثل في جعلها "Pan Arab" أي موجهة للعرب والمنطقة بصفة خاصة، ثم المصريين بصفة عامة لمنافسة قنوات مثل الجزيرة والعربية وغيرهما.

وأضاف المصدر أن ذلك يتطلب فتح مكاتب للقناة في عدد من البلدان والمدن الرئيسية في البلاد مركز الأحداث كالضفة الغربية وبغداد وبنغازي، واتخاذ القرار مثل واشنطن وبروكسل والرياض على ألا يتجاوز عددها عشرة مكاتب، ولكنه لم يتم التعاقد على تأسيس أي منها حتى الآن.

وأرجع السبب في ذلك إلى الميزانية الكبيرة التي تتطلبها عملية اعتماد مكاتب إعلامية إخبارية دائمة في تلك المناطق، التي يقع بعضها في مناطق خطرة، والبعض الآخر في مناطق مرتفعة التكلفة، مع ضرورة تطعيم القناة ببعض المذيعين العرب أيضا، والذي سيشكل عبئا ماديا جديدا.

وأوضح المصدر أن (المخابرات العامة) وجهت للقائمين على القناة ضرورة تقليص مساحة الأخبار المحلية، وعدم إبرازها إلا فيما يتعلق برحلات واجتماعات ومؤتمرات و(إنجازات) السيسي، لتقديم صورة جيدة للمواطنين عن النظام.

إلا أن خبراء في الإعلام استبعدوا نجاح أي قناة إخبارية أو عامة لا تغطي أو لا تهتم بمشاكل المواطن المصري اليومية، والتي تتعلق بالصحة والتعليم والوظائف، وتحسين الأجور، وأن تجاهل مشاكله وهمومه لن تعزله عن واقعه الحقيقي.

الهروب إلى الأمام

وفي هذا الصدد، قال مدير قناة مكملين الفضائية، أحمد الشناف: إن "النظام يسعى لإلهاء الجمهور في قضايا جانبية أو غير محلية في إطار محاولة تشتيت الجمهور وصرفهم عن المشاكل اليومية التي يعانون منها، وأظن أن هذا النمط سيزيد من هروب الجمهور إلى قنوات الثورة المصرية والقنوات الدولية ذات المصداقية".

وأضاف: "أذكر أنه قبل عدة سنوات إبان محاكمة (الرئيس المخلوع) مبارك كان الجمهور لديه شغف كبير بمتابعة راديو BBC والسبب أنه يجد فيه جرعات إخبارية أو معالجات حقيقية كان يفتقدها في وسائل الإعلام المصرية في حينه".

وتوقع أن تفشل جهود نظام السيسي في فرض رؤيته الإعلامية على المصريين بترك القضايا المحلية ومتابعة قضايا المنطقة، قائلا: "الجمهور يعرف بوصلته جيدا واحتياجاته، ولن ينصرف عن قضاياه الأساسية إلى غيرها".

وأكد أن "هذه ليست المرة الأولى لمحاولة تشتيت الجمهور وإلهائه، فقد سبق واستخدم النظام القنوات الرياضية وكذلك البرامج المنوعة والفنية والقضايا والحوادث الغريبة والشائكة لصرف انتباه المواطنين عن مشاكلهم، ولكن سرعان ما يكتشف أن الجمهور متعلق بهمومه ويبحث عن معالجة حقيقية لها".