أشارت بعض التقارير الإعلامية إلى أن تناول الطعام ليلا يجعلك تكتسب وزنا، في حين تشير تقارير أخرى إلى أن هذه العادة ليس لها أي تأثير على وزن الجسم، إذن منْ على حقٍّ؟

في البداية، من المهم أن نتذكر أن زيادة وزن الجسم تحدث فقط عندما يكون هناك تغير في السعرات الحرارية المستهلكة أو السعرات المحترقة، لكن هناك حالات تؤثر فيها سعرات الطعام الحرارية على قابليتك لاكتساب الوزن أو فقده.

فعلى سبيل المثال، من المعروف أن الأطعمة المختلفة تتمتع بقدرة مختلفة على جعلك تشعر بالشبع، ما يؤثر على اختياراتك للطعام في وقت لاحق فيؤثر في نهاية المطاف على مجموع السعرات الحرارية التي تتناولها.

وإذا شعرت بالشبع فسوف تكون احتمالية تناولك للوجبات الخفيفة ضئيلة.

 وتبين أن الوجبات الغنية بالبروتين على الإفطار تقلل الرغبة في تناول الطعام، كما تساعد على الحد من تناول الوجبات الخفيفة في أوقات لاحقة من اليوم.

 وتبدأ الوجبات الغنية بالبروتين إفراز الدوبامين، وهو ناقل عصبي يحفز مشاعر الرضا. وتعدّ استجابات الرضا جزءًا مهمًّا من عملية تناول الطعام؛ لأنها تنظم كمية الطعام التي تتناولها.

وعلاوة على هذا، يدفعك تناول الطعام إلى أن تكون نشطا بدنيا، فإذا تناولت عشاء كبيرا، ربما تشعر أنك ثقيل، وتقل لديك حوافز أن تكون نشيطا، ومن ثم تقل فرصك في حرق السعرات حرارية.

إن تناول الطعام في وقت متأخر من الليل مرتبط بزيادة الوزن والسمْنة، ويظهر أحد الأبحاث أن تناول الإفطار مرتبط بتقليل خطر البدانة.

ويدعم هذا نظريةٌ تقول إنه من الأفضل أن تتناول وجبتك الرئيسة مبكرا عن أن تتناولها في وقت متأخر.

لكن النظرية لا تنطبق على كل أنواع الإفطار؛ إذْ تشير دراسة أخرى إلى أن هؤلاء الذين يتناولون لحما أو بيضا (أو كليهما) على الإفطار كان من المرجح أكثر أن يزيد لديهم مؤشر كتلة الجسم عن هؤلاء الذين يأكلون الحبوب أو الخبز، ومن ثم لا تتساوى جميع وجبات الإفطار.

تمتلك الثقافات المختلفة أساليب مختلفة فيما يتعلق بتناول الطعام؛ فعلى سبيل المثال تنتشر وجبات منتصف النهار الكبيرة في إسبانيا، تتْبعها القيلولة، ثم مقبلات قليلة في المساء (أطباق خفيفة من الطعام).

كما أظهر أحد الأبحاث التي أجرتها جامعة مرسية في إسبانيا أن البدينات اللاتي يأكلن بمعدل أكبر في موعد الغداء خسرن وزنا أكبر ممن يأكلن أكثر في وجبة المساء، مسلطةً الضوء على أن تغيير مواعيد الوجبات يمكن أن يؤثر على البدانة ونجاح علاج فقدان الوزن.

هل تتناول وجبة إفطارك على عجل أم بتأنٍّ تام على الطريقة الإنجليزية، أم أنك تتغاضى عن ذلك تماما؟ إذا لم تتناول وجبة إفطارك في المعتاد، فإن إضافتها إلى وجباتك لن يؤدي بالضرورة إلى فقدان وزن تلقائي.

يشير بحث أجري على بالغين يعانون من البدانة إلى زيادة وزن بعض الناس بمجرد قيامهم بذلك.

 نحتاج إلى أبحاث أكثر لفهم ما إذا كانت هناك مكونات معينة لوجبة الإفطار (غنية بالألياف أم بالبروتين) يمكن أن تحسن من تحكمنا في الوزن، ولفهم الآليات التي من شأنها أن تسمح لنا بذلك على أفضل وجه.

في الوقت الحالي، تعدّ الفكرة -التي تربط تناول الإفطار بتقليل خطر البدانة- أن تناول الطعام في وقت متأخر مرتبط بالبدانة لا يعد حاسما؛ إذْ تسْتمد الأدلة من دراسات رصدية لا يمكن أن تبين الأسباب والآثار.

لذا بالنسبة للمحافظين على تناول وجبة الإفطار، قد تكون هناك عوامل حياتية أخرى لم تؤخذ في الحسبان في هذه الدراسة ويمكن أن تفسر النتائج، مثل النشاط البدني أو التدخين. إذا نحن بحاجة إلى أدلة أكثر قبل أن نستطيع دعم أو رفض فكرة أن توقيت تناول الطعام مهم لوزن الجسم والصحة.

كيف يمكننا تقييم هذه المزاعم المرتبطة بتوقيت تناول الطعام؟ في الواقع، تكمن الحقيقة في أن نظاما غذائيا واحدا لا يناسب كل البشر. قد يستطيع بعض البشر التحكم في وزنهم بشكل أفضل عندما يتناولون وجبات إفطار كبيرة والبعض الآخر عن طريق تناول وجبات مسائية كبيرة، كما يمكنك تقييم ميولك البيولوجية بنفسك.

هل أنت بومة أم طائر؟ يمكن للتعرف على ميولك المتعلقة بالشعور بالحذر والحيوية -"النمط الزماني" الخاص بك- أن يساعدك على التخطيط لأنماط أكلك وعملك ونومك. هناك اختبارات على الإنترنت للتعرف على ما إذا كنت طائرا صباحيا أم بومة ليلية.

وفي حين نفهم هذا التفاعل بين التوقيت اليومي وعملية الأيض فهمًا أفضلَ، سيكون بمقدورنا أن نقدم نصائح غذائية أكثر دقة للأشخاص. هذه النصائح لن ترتبط فقط بالمكونات الغذائية، بل أيضا بتوقيت تناولها، لكن نحتاج أولا إلى أبحاث أكثر لتأهيل النظام الغذائي من الناحية الزمنية (توقيت تناول الطعام المرتبط بإيقاع الساعة البيولوجية) لملء بعض الثغرات في معرفتنا.