نجح السيسي في إغلاق الكثير من الملفات بسبب "صبر" الجماهير والفئات المختلفة الذي قارب على النفاد، ومن ذلك النجاح رفع الدعم كليا عن "التموين" مع بداية يناير 2017 عن ملايين المصريين، في استجابة واضحة لاشتراطات صندوق النقد، إضافة لنجاحه الباهر في الضرب بأحكام القضاء عرض الحائط فيما يتعلق بملف اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية "تيران وصنافير"، فضلا عن سيطرته المطلقة على الصحافة بقانون جديد للإعلام، دون أن ينبث أيا من "المعارضين" ببنت شفه.

غير أن الديباجدات الصحفية أعتادت رسم رؤية عامة سنوية في نهاية كل عام تحت عنوان "ملفات ساخنة"، حتى أن الوفود الغربية أعتادت أن تناقش مع المنقلب السيسي مثل تلك الملفات وفي زيارتهم الأخيرة ناقش "اللوبي الصهيوني مع  السيسي ملفات مصر الداخلية والخارجية".

المراقبون والمحللون يرون أن الملفات أو بالأحرى الأزمات ممتدة ومن هؤلاء الصحفي خالد يونس الذي قال في منشور على الفيس بوك: "يرحل عام 2016 تاركا معظم الملفات مفتوحة وكل الأزمات ممتدة مصريا وعربيا وعلى مستوى المنطقة كلها لتنتقل إلى وريثه وخلفه عام 2017 الذي نتمناه ان يكون عاما للحسم والحل وانتصار للحق على الباطل وأن تحلق العدالة والرحمة في سمائه لتمسح دموع المظلومين والبائسين أينما كانوا وأن يصبح العالم أكثر إنسانية وينتصر لقيم الحق والخير والعدل".

أما محمد محفوظ فقال "2017 سيكون عام الحصاد لكل الملفات المفتوحة بالمنطقة".

وصدق الدبلوماسي السابق د.عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق حديثهما قائلا: "مصر ليس لها سياسة خارجية واضحة وكل ملفات السيسي الخارجية فشل فيها".

جزيرتا تيران وصنافير
ولعل أبرز ما شغل مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج #تيران_وصنافير_مصرية، معبرا عن تحدي المصريون لمسألة تنازل الإنقلاب والمجلس العسكري وقائده، عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية، خلال زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز، منذ إبريل 2016 وعلى مدى الأشهر الثامنية الماضية.

ورغم تفريط السيسي و"حكومته" في الجزيرتين، ورغبته في إغلاق الملف قبل حلول العام الجديد من خلال إقرار "مجلس الوزراء" الاتفاقية وإحالتها لـ"برلمان" العسكر، إلا أن السعودية شغلتها ردود الأفعال الغاضبة من المصريين على مختلف مشاربهم، وما اعتبره البعض خيانة من السيسي، وبيع ما لا يجوز بيعه، فيما انطلق آخرون يهاجمون المملكة التي تأخر رد فعلها منتظرة ما ستسفر عنه الحبكة الدرامية الجديدة من السيسي.

مقتل ريجيني
كما لا تزال تتصاعد حتى الآن مسألة مقتل الطالب الإيطالي ريجيني، بعد التصعيد الإيطالي ودخول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا على خط مطالبة مصر بتقديم المسئولين عن مقتله للمحاكمة.

حيث تتهم إيطاليا السلطات المصرية بقتل ريجيني بعد تعذيبه، فيما ترفض مصر الاتهام الإيطالي، وهو ما تسبب في استدعاء الخارجية الإيطالية لسفيرها في القاهرة احتجاجا على الموقف المصري، فيما أوقفت إيطاليا حركة الطيران والسياحة إلى مصر.

وقد يؤدي عدم تعامل مصر السريع مع الأزمة إلى توقيع الاتحاد الأوروبي عقوبات دولية على مصر قد تؤثر على الاستثمارات الإيطالية في مصر، خاصة في مجال الطاقة، على غرار بيع شركة إيني استثماراتها لشركة روسية برأس مال قطري.

أسوأ العملات
وفي ظل أزمة الدولار، والاستجابة لقرار صندوق النقد الدولي، ما تزال أزمة تعويم الجنيه تراوح مكانها، وتشتد مع ارتفاع سعر الدولار إلى 20 جنيها، وشعر كثير من المصريين في الآونة الأخيرة بقلق بالغ لهذا السبب، لإنعكاس إنخفاض سعر الجنيه على أغلب السلع اليومية والاستراتيجة حيث زادت أسعارالسلع بين 100 و500%.

وأثر هذا إلى جانب إجراءات البنك المركزي على المستثمرين المصريين، وتسبب في وقف عمليات الاستيراد لعدد كبير من المنتجات وتوقف عدد من المصانع عن العمل؛ بسبب نقص الدولار.

وسيكون على السيسي توضيح الموقف المالي والاقتصادي لمصر وطرق تعاملها لحل الأزمة؛ لإعادة الثقة للمستثمرين المصريين والأجانب.

إثويبيا وسد النهضة
ويرى الخبراء أن ملف المفاوضات بين السيسي واثيوبيا فيما يتعلق بسد أشبه بحوار الطرشان، بل تتعمد إثيوبيا جذب الأطراف المناوئة السيسي، أو العكس فكلاهما يهز من قيمة المنقلب في حواره الذي تؤجله إثيوبيا مرارا ليصبح الوضع المفاوضات من أجل التفاوض، ويكون القصد التأجيل من أجل المماطلة حتى تأخذ فرصتها للانتهاء من بناء السد، الذي شارفت على الإنتهاء منه وبناء سد آخر غربي البلاد، وزاره مسؤولين من السعودية وقطر وتركيا.

ويرى خبراء أن الملف خرج من 2016 بعدة خيارات أولها: سحب اعتراف القاهرة به وتدويل القضية، والثاني: اعتماد خطة طريق جديدة والاستمرار في المفاوضات على أساسها، والثالث: اللجوء إلى عمل عسكري بين الجانبين كحل أخير، وهو حل يطرحه البعض الآن بجدية بينما كان يُتداول بطريقة ساخرة فى عهد الرئيس مرسى.

السيسي المطبع
ويرى الخبراء أنه لم يكن أكثر المتفائلين من مؤسسي الكيان الصهيوني يحلمون بأن تصير العلاقات مع الدول العربية، وخصوصا مصر عدوتها التاريخية، بهذه الحميمية التي أصبحت عليه تلك العلاقة في عهد عبدالفتاح السيسي.

ولعل الموقف الأخير في مجلس الأمن بشأن المستوطنات الصهيونية وسحب مشروع القرار بناء على طلب صهيوني –امريكي كان جليا في أن الملف تمتلئ جعبته بالمواقف المتتالية.

ويقول محمد المنشاوي -الباحث المتخصص في الشئون الأمريكية، في مقال له بجريدة الشروق المصرية- أورد فيه شكوى مسئول أمريكي من تجاهل الحكومتين المصرية والإسرائيلية لبلاده وإبقائها بعيدة عن تفاصيل التعاون الأمني المتزايد بين الدولتين. 

ويمكن تفهم الشكوى الأمريكية على خلفية إيمانها، منذ هندستها اتفاقية السلام بين الدولتين، بأن علاقات القاهرة بتل أبيب تمر حتما عبر واشنطن، إلا أنه يبدو أن الحكومة المصرية اختارت واقعًا جديدًا لعلاقاتها بإسرائيل يقوم على تحييد واشنطن عن بعض ملفات علاقاتها الحميمة مع تل أبيب، كما يقول المنشاوي.