لم يكن التصريح الذي أدلى به، أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، خطوة عفوية، فقد حملت في طياتها الكثير من الدلالات والأهداف التي "ستحرج" حكومة الاحتلال وقادته من بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، كما يرى خبراء ومراقبون.


أبو عبيدة، الذي تحدث إلى فضائية الأقصى بينما ظهرت صور 4 من جنود الاحتلال الأسرى لدى المقاومة، يعزز من رؤية الخبراء أن المعركة التفاوضية المقبلة نحو عملية تبادل للأسرى "تحتاج معركة أمنية وإعلامية ومعلوماتية ذكية وطويلة ترتبط بحيثيات عديدة".

الخبير العسكري، اللواء المتقاعد واصف عريقات، يرى أن كشف القسام عن صور الجنود الأسرى لديه، وتأكيد عدم وجود أي مباحثات حول عملية تبادل بشأنهم، يأتي في سياق الرد على كذب نتنياهو الذي أعطى معلومات مضللة عن وجود لقاءات حول ملف المفقودين، قبل أيام معدودة.


ويشير إلى أن هذا يعطي مؤشرا أن "الكبار في إسرائيل يدركون أفول نجم امتلاكهم كافة خيوط اللعبة".


سقوط "صقور إسرائيل"

ويضيف عريقات أنه من "الطبيعي أن ترد المقاومة على كذب نتنياهو، فالأوراق الفلسطينية الآن أقوى لأنها من يملك معلومات حقيقية وليس إسرائيل التي بات موقفها ضعيفا حيث أضحى كل شيء بثمن؛ ومشكلة إسرائيل تكبر وفرصة الفلسطينيين تقوى".

أما يوسف شرقاوي المحلل العسكري فيرى أن "حرب أعصاب بدأت بين حماس وإسرائيل"، مشيراً إلى أن حماس تبدو "ناجحة في إدارة الملف لأنها أعطت مؤشراً بوجود 4 جنود مصيرهم غير معلوم".

ويرى أن "نجاح حماس في إدارة الملف للنهاية سيسقط صقور الحكومة الإسرائيلية (نتنياهو-يعالون) بل وسيجرهم نحو المحاكمة بعد فشل حرب 2014".

ويتابع الشرقاوى بالقول: "على حماس الإبقاء على مطلب تحرير أسرى صفقة وفاء الأحرار الأولى الذين تم إعادة اعتقالهم قبل أي خطوة تفاوض جديدة، ثم وضع مروان البرغوثي وأحمد سعدات والأسرى الكبار في المفاوضات، وهذه خطوة أولى لوحدة وطنية قادمة".

ثمن كبير

بدوره، يرى د. محمود العجرمي، الخبير الأمني، أن المقاومة استفادت من خبرة مفاوضات صفقة شاليط، وأنها تبدأ من حيث انتهت صفقة شاليط حيث أرسلت رسالة مفادها أن الثمن الذي ستدفعه "إسرائيل" سيكون كبير جداً.

ويضيف: "صفقة وفاء الأحرار اخترقت محرمات إسرائيلية بتحرير الأسرى بالأراضي المحتلةعام48، وأسرى من القدس والعرب والمؤبدات، واليوم نشر صور 4 تضع نتنياهو بالزاوية ليدفع ثمن أكبر ويبحث عن وسائل ضغط تقنع حماس".


مأزق نتنياهو

أما حاتم أبو زايدة، الباحث في الشأن الإسرائيلي، فيرى أن الاحتلال سيسعى الآن "للتغطية على فضيحة كذب نتنياهو، ولا أتوقع ظهور رد رسمي إسرائيلي لأن هذا يحرج نتنياهو في هذا الملف أمام عوائل المفقودين والمجتمع عامة".


وأضاف إن هناك ضغطا سيكون على نتنياهو من قبل عائلات الجنود الأسرى ومن يؤازرهم للتحرك قدماً في الملف، والوصول لصفقة بحاجة لزمن ومعركة متعددة المحاور.

بدوره، يرى الخبير العجرمي أن نتنياهو سيجد نفسه مضطراً للتنسيق مع أطراف إقليمية لها علاقات مع حماس مثل تركيا وقطر ومصر للتأثير على حماس بينما سيلقى الملف بظلاله على حصار غزة بشكل أو بآخر.

ويشير أن تزامن إعلان القسام عن صور الجنود مع انتفاضة القدس التي تعصف بأمن الاحتلال؛ سيعزز تراكمات تضعف نتنياهو في حكومته، وربما تأخذه لمأزق سياسي في الكنيست إذا أحسنت المقاومة إدارة الملف.

ويختم بالقول أنه يمكن القول أن مشوار الألف ميل نحو تحرير الأسرى بدأ بخطوة مهمة ستنال من قوة نتنياهو الذي لا زال المتجمع "الإسرائيلي" يعتبره الأقوى وسيحلل العقد في حصار غزة الآخذ في الرحيل.