بقدر ما كانت بداية المفاوضات في السودان بين العسكر وممثلي المعتصمين سلسة، جاءت نهايتها محفوفة بالمشقة والتصعيد إثر توقف راحلة المفاوضين عند عقبة المجلس السيادي.

وربما حددت الصياغة النهائية حول صلاحيات هذا المجلس -التي لم يعلن عنها بعد- شكل أي اتفاق في الطريق بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، حول نسب كل منهما في المجلس السيادي، وإلى من تذهب رئاسته.

وبحسب عضو وفد التفاوض من قوى الحرية والتغيير مدني عباس فإن صلاحيات المجلس السيادي الانتقالي التي نصت عليها وثيقة الإعلان الدستوري للتحالف هي ذات الصلاحيات التي سرت في آخر حكومة ديمقراطية (1986-1989).

وبعد اتفاق الأطراف قبيل تجميد المفاوضات على صلاحيات أجهزة الحكومة الانتقالية التي ستمتد إلى ثلاث سنوات، سرت أنباء عن أن صلاحيات المجلس السيادي ستكون تشريفية.

ويؤكد عباس للجزيرة نت أن مصطلح "تشريفية" سياسي لا قانوني، لأن مجلس السيادة يجب أن تكون لديه صلاحيات سيادية كاملة.

سلطات سيادية
لكن القانوني علي السيد يرى أن الصلاحيات الواردة في وثيقة قوى الحرية والتغيير "تشريفية بامتياز"، لأنها نزعت عن المجلس السيادي أهم الإجراءات مثل إعلان حالة الطوارئ وحق العفو.

ويشير في حديث مع الجزيرة نت إلى أن النص أيضا على صدور قرارات المجلس السيادي بأغلبية ثلي الأعضاء ينتقص من سلطات المجلس، لأن ذلك يعد أمرا صعبا في مجلس مختلط بين العسكر والمدنيين.

ووفقا لوثيقة الإعلان الدستوري التي تتبناها قوى التغيير، فإن سلطات المجلس السيادي تشمل رأس الدولة ورمز وحدتها، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، واعتماد تعيين مجلس القضاء الأعلى، واعتماد تعيين رئيس القضاء بعد اختياره بواسطة مجلس القضاء الأعلى.

كما شملت الصلاحيات اعتماد سفراء السودان في الخارج وقبول اعتماد السفراء الأجانب لدى السودان، وإعلان الحرب بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء، والتصديق على القوانين الصادرة من المجلس التشريعي، والأحكام النهائية الصادرة بالإعدام من السلطة القضائية.

ومنحت الوثيقة المجلس حق تعيين حكام الأقاليم بتوصية من مجلس الوزراء، على أن يؤدي رئيس مجلس الوزراء القسم أمامه وتصدر قراراته بأغلبية ثلثي الأعضاء.

ويشير علي السيد إلى أن الاتفاق حول صلاحيات المجلس السيادي وغيره من هياكل الحكم في الفترة الانتقالية لم تعلن حتى الآن، وغير معلوم هل قبِل المجلس العسكري بوثيقة قوى التغيير أم لا.

ويوضح أن العسكر حال قبولهم بها فستكون صلاحيات المجلس السيادي مجرد صلاحيات تشريفية، بينما يجب أن تكون لديه سلطات حقيقية تتعلق بإعلان الحرب وحالة الطوارئ بدون الرجوع إلى مجلس الوزراء، متسائلا "كيف يُمنح حق تأييد أحكام الإعدام ولا يمنح حق العفو؟".

ويرى السيد ضرورة أن يتم اتخاذ القرارات المهمة بأغلبية "50% +1"، لأن أغلبية الثلثين تجعل من المستحيل اتخاذ المجلس السيادي لأي قرارات نظرا لكونه مختلطا بين العسكريين والمدنيين.

مواقف تفاوضية
وتبدو مواقف العسكر وممثلي المعتصمين حيال المجلس السيادي متباعدة في ظل تمسك كل طرف بسقفه التفاوضي، مما اضطر الطرفين لإحالة التفاوض إلى مستوى الفنيين.

ولا يرى مدني عباس فائدة من مواصلة التفاوض في ظل تمسك كل طرف برؤيته، على أن يحال الخلاف إلى الفنيين لإعمال مزيد من النقاش تمهيدا لجولة تفاوض أخرى.

ويكشف أن قوى التغيير اقترحت في التفاوض مجلسا سياديا مكونا من 11 عضوا، 8 مدنيين و3 عسكريين، بينما اقترح المجلس العسكري مجلسا من 10 أعضاء، 7 عسكريين و3 مدنيين.

وبعدها -طبقا لمدني- اقترح الطرفان مجلسا سياديا بأغلبية بسيطة، لكن انحصر الخلاف فيمن سيرأس المجلس، كما تم اقتراح الرئاسة الدورية في ظل عدم تدخل أي وساطة حتى الآن.

وكان عضو فريق المفاوضات عن قوى التغيير والقيادي في الحزب الشيوعي صديق يوسف قد أكد عقب جولة الاثنين أن الحد الأدنى لقوى التغيير هو مجلس سيادة مشكل من 6 مدنيين مقابل 5 عسكريين والرئاسة دورية.

تدوير الرئاسة
واعتبر القانوني علي السيد تنازل التحالف بهذه الصيغة جيدا، لكنه اقترح أن تبدأ الرئاسة الدورية بالعسكريين لمعالجة الملفات الأمنية ووقف الحرب بتحقيق السلام مع المتمردين.

ورأى أن تقسم الفترة الانتقالية الممتدة لثلاث سنوات مناصفة بين العسكريين والمدنيين.

يذكر أن جولة ثانية بين المجلس العسكري وقوى التغيير فشلت في التوصل إلى اتفاق حول المجلس السيادي، وأحالت الخلافات إلى لجنة من أربعة أشخاص -اثنان من كل طرف- لمناقشة الخلافات.