نشرت صحيفة "نيويورك بوست" الأمريكية تقريرا، تناولت فيه اختراع الصين لتكنولوجيا مراقبة حديثة، تعتمد على شكل أجسام الأشخاص وطريقة مشيتهم، للتعرف عليهم في حال كانت وجوههم مخفية عن الكاميرا.

وقالت الصحيفة في تقريرها، إن برنامج  "التعرف على طريقة المشي"، الذي يعتمد على شكل أجسام الأشخاص وطريقة مشيهم، قد دخل حيز الاستخدام بشكل فعلي في شوارع بكين وشنغهاي.

وتعتبر هذه التقنية جزءا من حملة تقودها السلطات الصينية في جميع أنحاء البلاد لتطوير برامج الذكاء الاصطناعي والمراقبة التي ترتكز على جمع البيانات، وقد أثارت هذه التقنية قلقا متزايدا بشأن المستوى الذي قد تصل إليه التطورات التكنولوجية.

ونقلت الصحيفة عن الرئيس التنفيذي لشركة "واتريكس"، هوانغ يونغ تشن، أن النظام، الذي طورته هذه الشركة الصينية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يحدد هوية الأشخاص من على بعد مسافة تصل إلى 165 قدما، حتى في حال كانت وجوههم مغطاة أو أخذت لقطات الكاميرا من الخلف، عموما، يمكن لهذه التقنية المُطورة أن تسد الثغرات الموجودة في تقنية التعرف على الوجه التي تحتاج إلى صور عالية الدقة مأخوذة من مسافة قريبة لوجه الشخص، حتى تتمكن من تحديد هويته.

وأوضح هوانغ يونغ تشن في مقابلة أجريت معه في مقر الشركة الواقع في بكين، أنه بفضل هذه التقنية، لن تكون الشرطة في حاجة إلى تعاون الأشخاص حتى تتمكن من التعرف على هوياتهم، وأضاف يونغ تشن، أنه "لا يمكن أن ينخدع تحليل المشي ببساطة عن طريق التظاهر بالعرج، أو المشي بشكل غير سوي، لأنه يقوم بتحليل جميع المميزات الموجودة في الجسم".

ووفقا لتقارير نشرتها وسائل الإعلام الصينية، أعلنت شركة "واتريكس" الشهر الماضي أنها جمعت 100 مليون يوان، أي ما يعادل 14.5 مليون دولار، لتسريع عملية تطوير وبيع تكنولوجيا "التعرف على المشي".

وبينت الصحيفة أن الشرطة الصينية تستخدم تقنية "التعرف على الوجه" للتعرف على الأشخاص الموجودين في الحشود والقبض على العابرين العشوائيين للطريق. فضلا عن ذلك، يقوم جهاز الشرطة بتطوير نظام وطني متكامل يعتمد على البيانات التي تجمعها كاميرات المراقبة. في الأثناء، لا يشعر الجميع بالارتياح إزاء استخدام هذه التقنية.

وأكدت الصحيفة أن المسؤولين الأمنيين في منطقة شينغيانغ، التي تقع في أقصى غرب الصين، قد أعربوا عن اهتمامهم الشديد بهذا البرنامج الأمني، والجدير بالذكر أن الأقلية المسلمة التي تعيش في هذه المنطقة ما فتأت تخضع لمراقبة مشددة.

من جانبه، قال شي شوسي، وهو كاتب عمود ومعلق صيني، إنه من غير المستغرب أن تكون هذه التكنولوجيا قد انتشرت في الصين بوتيرة أسرع مقارنة ببقية دول العالم نظرا لتركيز بكين اهتمامها على وسائل الضبط الاجتماعي، وأضاف شوسي، أن "استخدام التكنولوجيا التي تعتمد على المقاييس الحيوية، التي تهدف للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والتحكم في المجتمع، تُعد توجها لا يمكن التصدي له، فقد بات عملا تجاريا رائعا".

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه التكنولوجيا ليست حديثة، فقد قام علماء في كل من اليابان والمملكة المتحدة ووكالة أنظمة المعلومات الدفاعية الأمريكية بأبحاث على امتداد أكثر من عقد تتعلق بتقنية التعرف على المشي، حيث قاموا بتجربة العديد من الطرق المختلفة للتحقق من مدى إمكانية التعرف على الأشخاص من خلال طريق مشيهم، فعلى سبيل المثال، عمل أساتذة من جامعة أوساكا مع وكالة الشرطة الوطنية اليابانية لاستخدام برمجيات التعرف على المشي في إطار محاولة تجريبية منذ سنة 2013.

في المقابل، لم تعمل العديد من هذه الشركات على التسويق تجاريا لهذه التكنولوجيا، في هذا الصدد، قال عضو المجلس الاستشاري السابق في شركة "أف أس تي بيومتريكس"، غابرييل تال إن الشركة، التي تتخذ من إسرائيل مقرا لها، قد أغلقت أبوابها في وقت سابق من هذه السنة نظرا لأنها واجهت مشاكل داخلية بعد تعرضها لصعوبات تقنية طالت منتجاتها.

ووفقا لما صرح به مارك نيكسون، وهو خبير في تكنولوجيا التعرف على المشي في جامعة ساوثهامبتون البريطانية، يعتبر الأمر أكثر تعقيدا من المقاييس الحيوية الأخرى من الناحية الحسابية، حيث يتطلب الأمر الاعتماد على أجهزة كمبيوتر أكبر للقيام بتحليل طريقة المشي، كما أن هذا البرنامج يحتاج إلى سلسلة من الصور بدلا من صورة واحدة فقط.

وأوردت الصحيفة أن البرنامج الجديد الذي طورته شركة "واتريكس" يعمل على استخراج صورة ظلية للشخص الذي يظهر في الفيديو ويحلل الحركات التي التقطتها الكاميرا لإنشاء نموذج للطريقة التي يمشي بها الشخص، وإنشاء نموذج يحاكي طريقة سيره، ومع ذلك، لا يزال هذا البرنامج غير قادر على التعرف على  الأشخاص في الوقت الفعلي حتى الآن، حيث ينبغي للمستخدمين تحميل الفيديو ضمن هذا البرنامج، الذي يستغرق حوالي 10 دقائق للبحث في مقطع فيديو مدته ساعة تقريبا، في المقابل، لا يتطلب هذا البرنامج كاميرات خاصة، حيث يمكنه استخدام لقطات مصورة من كاميرات مراقبة عادية لتحليل طريقة المشي.

وفي الختام، نوهت الصحيفة إلى أن هذه التكنولوجيا ستستخدم جنبا إلى جنب مع تقنية مسح الوجه، كما ستكون مفيدة بالنسبة لبعض الأشخاص الذين يمرون بمواقف صعبة، على غرار المسنين، من جهته، يعتقد نيكسون أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تجعل الحياة أكثر أمانا وأكثر راحة.