أماط البنك المركزي المصري اللثام عن حقيقة استمرار الفجوة بين واردات مصر وصادراتها، محذرا في الوقت ذاته من تأثيرها على النمو الاقتصادي، وتحسين مستوى معيشة الأفراد.

وتوقع نائب محافظ البنك المركزي، جمال نجم، أن ترتفع فاتورة الواردات المصرية في 2030 إلى 150 مليار دولار، في ظل تزايد عدد السكان وتلبية الاحتياجات.

وأضاف خلال كلمته في مؤتمر للبنك المركزي، الاثنين، أن متوسط الوردات المصرية نحو 66.5 مليار دولار سنويا، في حين يبلغ متوسط الصادرات نحو 26.5 مليار دولار سنويا، ما يوضح الفجوة بينهما.

وكان خبراء ومحللون اقتصاد توقعوا في تصريحات صحفية استمرار زيادة الواردات وتراجع الصادرات؛ بسبب انكماش نمو قطاع الصناعة المحرك الأساسي لزيادة الإنتاج الإجمالي الحقيقي.

ورهنوا تحسن الاقتصاد وتراجع الديون بنمو الصادرات المصرية وتراجع الواردات من خلال زيادة الإنتاج، وتدوير عجلة الصناعة المتعثرة منذ سنوات رغم برامج التحفيز على الورق.

5 آلاف مصنع متعثر

ويصل عدد المصانع المغلقة والمتعثرة في مصر إلى نحو خمسة آلاف مصنع، وفق تقارير اتحادات نقابية ومسؤولين وبرلمانيين حاليين، غالبيتهم في المدن الصناعية، كانت توفر نحو أكثر من 250 ألف فرصة عمل حقيقية.

في نهاية عام 2018، كشف وزير قطاع الأعمال العام، هشام توفيق، أن هناك 48 شركة قطاع أعمال خسرت كل رأس مالها، بل وكل الأموال التى تم ضخها فيها بالكامل، حيث وصل إجمالي الخسارة إلى 60 مليار جنيه (3.75 مليار دولار).

وتصل خسائر قطاع واحد مثل الغزل والنسيج ( 23 شركة) إلى نحو 3 مليارات جنيه ( 188 مليون دولار) سنويا، بحسب ما أظهرته أرقام وزارة المالية.

وطرح البنك المركزي، الإثنين، مبادرة لدعم الصناعات المتوسطة بـ 100 مليار جنيه (نحو 6.2 مليار دولار) ، وحل أزمة المصانع المتعثرة؛ بهدف إزالة الفوائد المتراكمة عليها، والتى تصل إلى 31 مليار جنيه (نحو 1.93 مليار دولار).

تأخر الانهيار الاقتصادي

قال المستشار السياسي والاقتصادي الدولي، حسام الشاذلي، إن "تصريحات البنك المركزي المصري بشأن اتساع الهوة بين حجم الواردات المصرية والصادرات تتماشي تماما مع الصورة الحقيقية للسياسة الاقتصادية المصرية والتي يحاول النظام الحاكم إخفاءها بشتى السبل".

وأضاف "قد تكون هذه الصورة مقبولة في دول يمثل النفط الجزء الأكبر من صادراتها، ولكن في دولة بحجم مصر فإن هذه المؤشرات تؤكد أن الخريطة الاقتصادية المصرية تقفز نحو كارثة انهيار كلي يحاول النظام تأخيره بحقن أموال القروض والتلاعب المستندي، وكذلك بعرض الأصول المصرية في البورصات العالمية".


ووصف السياسة الاقتصادية "بالبائسة والتي تشير إلى انخفاض الاستثمارات في جميع القطاعات المنتجة والخدمية بالدولة مع ارتفاع مؤشرات البطالة وانخفاض القوة البشرية العاملة، ما يدل على أن الفجوة بين الواردات والصادرات ستتسع أكثر فأكثر مع إستمرار المنظومة الاقتصادية الحالية في مصر".

ورأى المستشار الاقتصادي الدولي: "أن مصر في حاجة لإعادة رسم هيكلها الاقتصادي والسياسي بصورة سريعة مع التركيز على أولويات صناعة اقتصاد منتج، وتوفير مناخ آمن للمستثمرين، وتطوير الصناعات ذات التأثير المباشر على مستوى معيشة المواطن مثل صناعات الطاقة والبرمجيات، ووضع خطة لزيادة عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتطوير منظومة التعليم المؤسسي".

تبعية الاقتصاد المصري

علق الباحث الاقتصادي، عبدالحافظ الصاوي، بالقول: "في ما يتعلق بتقديرات الوارادت في 2030، كان الأحرى الإشارة إلى حجم الصادرات المتوقع في هذا التاريخ؛ حتى نستطيع أن نقيم الأداء الاقتصادي لقياس الفجوة الحقيقية بين الواردات والصادرات".

وأوضح أن "الفجوة بين الصادرات والواردات كانت تمثل نحو 50% فيما مضى، أما بعد 2013 فقد أصبحت الفجوة تمثل 65 بالمئة لصالح الواردات، أي أن الصادرات تمثل نحو ثلث الواردات"، مشيرا إلى أن "هذا المؤشر يعكس حالة التبعية التي تعيشها مصر للعالم الخاجي فكلما زادات الفجوة لصالح الواردات كلما زادت التبعية للخارج".

وأرجع سبب ضعف الصادرات إلى أن "مكون هيكل الواردات المصرية يعتمد على استيراد التكنولوجيا وخطوط الإنتاج ومستلزماته وقطع الغيار؛ وبالتالي فإن القيمة المضافة للصناعة المصرية ضعيفة، وقدرة الصناعة المصرية على المنافسه في السوق المحلي أو الخارجي ضعيفة أيضا".

ورأى الصاوي أن "التحدي أمام حكومة السيسي الآن هو كيفية صناعة مشروع للتنمية والصناعة المصرية، وكذلك باقي القطاعات الإنتاجية أو الخدمية بحيث تشتطيع أن تردم الفجوة بين الصادرات والواردات حتى تاريخ 2030 وبذلك يكون هذا التحدي هو مقياس لأداء الحكومة بالسلب أو الإيجاب".