أكدت تقارير إعلامية مصرية، أن الجهات الأمنية المعنية أخطرت اتحاد الكرة المصري باحتمالية تأجيل مباراة القمة، التي كان مقررا إقامتها باستاد القاهرة بين فريقي الأهلي والزمالك يوم السبت 19 من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، دون إبداء أسباب واضحة للقرار، الأمر الذي أثار العديد من علامات الاستفهام حول علاقته بالمظاهرات التي شهدتها المباراة السابقة بين الفريقين في 20 أيلول/ سبتمبر الماضي.

ونقلت "صحيفة الوطن" المقربة من النظام المصري، عن مصادر أمنية، أن القرار ما زال قيد الدراسة على أعلى مستوى بالدولة، لمعرفة مدى خطورة إقامة المباراة على الجماهير، في حين كشفت مصادر أخرى في اتحاد الكرة أن الأمن رفض فكرة إقامة المباراة من دون جمهور باستاد برج العرب بالإسكندرية، مؤكدا على مطلبه بتأجيل المباراة لأجل غير مسمى.

ونشرت وسائل الإعلام عن مصادر باللجنة الخماسية لاتحاد الكرة أن الأجهزة الأمنية أخطرتها شفهيا بقرار تأجيل المباراة، وأنهم رفضوا كل الحلول التي قدمها الاتحاد، من بينها إقامة المباراة من دون جمهور، وفي حضور مجلسي إدارة الناديين فقط، وفي أي ملعب يختاره الأمن، إلا أن الاقتراح تم رفضه كذلك.

وكانت آخر مباراة جمعت بين الفريقين في 20 أيلول/ سبتمبر الماضي سببا في خروج المظاهرات المنددة برئيس نظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، استجابة لدعوة وجهها المقاول والفنان المصري محمد علي، بعد سلسلة من الفيديوهات التي كشف فيها فساد السيسي وأسرته وقيادات بارزة في القوات المسلحة.

وتشير التقارير الحقوقية لمنظمة العفو الدولية، والمراكز المعنية بحقوق الإنسان في مصر، إلى أن حملة الاعتقالات التي شنها النظام ضد الجماهير التي استجابت لدعوات التظاهر بعد المباراة، تجاوزت 3500 مواطن بمختلف المحافظات، من بينهم مئات السيدات والأطفال.

كما شنت أجهزة الأمن حملة اعتقالات واسعة بصفوف الناشطين السياسيين الذي دعموا المظاهرات، من بينهم حسن نافعة وحازم حسني، أستاذا العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ومعظم قيادات حزب الاستقلال، كما طالت الاعتقالات عشرات الصحفيين والإعلاميين، بالإضافة لأكبر حملة اعتقال عشوائي من الشوارع ووسائل المواصلات تشهدها مصر.

سيناريو 20 سبتمبر

من جانبه، يؤكد الكاتب الصحفي سليم عزوز، أن الأخبار التي راجت عن تأجيل المباراة بناء على تعليمات أمنية تشير إلى خوف النظام ورعبه من تكرار سيناريو مظاهرات 20 أيلول/ سبتمبر الماضي، وهي المظاهرات التي أزعجت نظام السيسي، وكشفته أمام الشعب، وكانت رسالة هامة بأن روح الثورة عادت للمصريين مرة أخرى، رغم الإجراءات القمعية التي تتم ممارستها ضده.

ويوضح عزوز أن قرار التأجيل يعني أيضا أن نظام السيسي لا ينظر إلا تحت قدميه، ولأن هناك مباراة تسببت له في كل هذا الإزعاج، فإن الحل هو منعها من المنبع، وهو ما يترجم هشاشة النظام وخوفه، ليس من التجمعات الجماهيرية، وإنما من مجرد تكرار الحالة ذاتها التي جرت في المباراة السابقة، وإلا كان من باب أولى أن يقيم المباراة من دون جمهور في أحد ملاعب الجيش كما جرت العادة.

وحسب الكاتب الصحفي، فإن خوف الأجهزة الأمنية من إقامة المباراة يكشف كذب المظاهرات التي تم تنظيمها أمام المنصة لدعم السيسي، وإظهاره أمام الرأي العام الداخلي والخارجي بأنه زعيم محبوب ولديه أنصار وجماهير، كما أن تأجيل المباراة يكشف عدم قناعة النظام بتقبل الشعب للإجراءات الوهمية التي أعلنها لتخفيف الضغوط الاقتصادية، التي اقتصرت في النهاية على تخفيض أسعار البنزين 25 قرشا فقط.

"انفجار الغضب"

ويؤكد البرلماني السابق، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين عزب مصطفى، أن "خوف النظام العسكري القمعي الذي يديره السيسي من مباراة لكرة القدم لها جماهيرية خاصة دليل على أنه يعرف بأن الضيق وصل بالشعب لمرحلة النهاية، وأن انفجار الغضب أصبح قريبا جدا، وأكثر مما يتخيل النظام، وبالتالي فإن الحل من وجهة نظره هو تأجيل المباراة، حتى لا تكون الشرارة لبركان الغضب الجماهيري".

ووفق مصطفى، فإنه رغم آلة القمع والتنكيل غير الطبيعية التي استخدمها السيسي ضد كل من يعارضه خلال الأيام الماضية، إلا أن المظاهرات التي شهدها مصنعا الشرقية للدخان ويونيفرسال، واعتصام العمال للمطالبة بحقوقهم رغم التهديدات التي تلقوها من الأجهزة الأمنية، تشير إلى أن "الجماهير لم يعد لديها ما تبكي عليه في ظل الوضع الكارثي الذي تعيش فيه".

ويرى مصطفى أن دعوات "محمد علي" للتظاهر كسرت حاجز الخوف والرعب من بطش النظام، وهو ما جعل النظام يشعر بأن غضب الشارع تجاوز دعوات محمد علي، وتجاوز حركات المعارضة بما فيها جماعة الإخوان، وأن السياسات القمعية التي مارسها مؤخرا لم تحقق النجاح المطلوب في تخويف الشعب وتغيير قناعاته تجاه النظام وفساده.

وحسب البرلماني السابق، فإن القضية ليست في مباراة لها جماهيرية خاصة، وإنما في عدم توقع النظام لحركة الجماهير التي تنظر أي مناسبة لإعلان رفضها له، دون أن يحركها أو يوجهها أحد، وهو ما يزعج السيسي بشكل خاص.