انضم الناشط السيناوي مسعد أبو الفجر لسلاح "الفيديوهات" الذي أطلقه محمد علي قبل أسبوعين، واتهم أبو الفجر المقرب من أجهزة سيادية أمنية مصرية، نجل السيسي بالتعاون مع تجار المخدرات في سيناء، وحصوله على نسب من تهريب البضائع للمحاصرين في قطاع غزة.

وبعد 24 ساعة من فيديو أبو الفجر، نشر الإعلامي وليد الهواري في قناته على اليوتيوب، تسجيلا لأحد أفراد القوات المسلحة، تحدث فيه عن استغلال الجنود في أعمال السخرة لصالح قيادات الجيش، وأكد صاحب التسجيل الذي عرف نفسه بأنه "رجل المدفعية"، أنه مازال في الخدمة، وأن ما قاله محمد علي عن فساد القيادات أقل من الموجود بأرض الواقع.

"انكسار الهيبة"


وفي تعليقه يؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي مجدي الأسيوطي أن السواد الأعظم من ضباط الجيش وصف الضباط والمتطوعين والمجندين هم الذين يدفعون ضريبة الشقاء مثل غيرهم من عموم المصريين، بينما قلة معينة هي التي تحصل على كل المكاسب.

ويوضح الأسيوطي أن قيام الجيش بإزاحة السيسي بسبب الفيديوهات "ربما يكون حديثا سابقا لأوانه، ولكنه في الوقت نفسه، أصبح حديثا موجودا داخل صفوف القيادات المتوسطة والرتب الصغيرة، وكذلك بين بعض القيادات العسكرية الكبيرة التي لم تتلوث يدها بالفساد، والتي أصبحت تتحدث عن خطورة ما يحدث ليس على السيسي ونظامه، ولكن على المؤسسة العسكرية التي انكسرت هيبتها لدي الشعب، عندما تخلت عن السلاح وتورطت في بيع الجمبري".

ويضيف الأسيوطي: "السيسي نظم مؤتمر الشباب، ليس للرد على الممثل الذي فضحه، ولا لمخاطبة الشعب المصري، وإنما نظمه لمخاطبة قيادات القوات المسلحة، عندما طالبهم بألا يصدقوا ما يقال عنه، أو على حد تعبيره (إن ابنكم صادق ونزيه وليس حرامي أو فاسد)".

ويوضح الخبير العسكري أن الجيش المصري لديه عقيدة مختلفة عن غيره من الجيوش، وهي عدم الانقلاب على قادته، وللأسف هذا ما حدث مع مبارك الذي تم تبرأته من كل القضايا التي كان متهما فيها لأنه عسكري، بينما تم التنكيل بالرئيس الراحل محمد مرسي، وقتله في محبسه لأنه مدني، رغم أن الأول متورط في الفساد، والثاني كان يريد محاربة هذا الفساد.

"سلاح مبتكر"

وحسب الكاتب الصحفي أحمد حسن الشرقاوي، فإن "الارتباك الذي تسببه هذه الفيديوهات ضد الفساد بالجيش سوف تشجع غير المستفيدين على التململ والتحرك ضد القادة الذين يسيطرون على "سبوبة" الأعمال، في إطار الصراع والتنافس بين من يمتلكون الحظوة والسلطة والمال داخل المؤسسة، وبين من لا يملكون سوى الحرب في سيناء، ولأن قمة النظام لن تستطيع إرضاء الجميع، فإن انفراط عقد المؤسسة العسكرية التي يعتبرها النظام حصنه الحصين، أمر متوقع ومن هنا يأتي إنزعاج السيسي وقلقه الشديد".

ويؤكد الشرقاوي أن الفيديوهات "أصبحت سلاحا مبتكرا في المعركة الإعلامية، وخطورتها أنها سوف تصل لعموم ضباط وأفراد القوات".

ويشير الشرقاوي إلى أن أكثر ما يخشاه النظام هو تأثير سلاح الفيديوهات على عموم الجيش، حيث يمكن أن تشجع بعض القيادات للتفكير في إزاحة السيسي، وإن تطلب الأمر الانقلاب عليه، ولعل هذا ما كان ظاهرا على تعبيرات وجه وزير الدفاع محمد زكي خلال حديث السيسي بمؤتمر الشباب، وهي التعبيرات التي تعكس أزمة الثقة بين السيسي وعموم الجيش".

وينهي الشرقاوي حديثه بأن الفيديوهات "سوف يكون لها تأثير سلبي على تماسك المؤسسة العسكرية"، ولكنه أكد أن قوة هذا التأثير، وتوقع المسارات التي يمكن أن تسير فيه، "لا يمكن لأحد أن يتكهن بها في الوقت الراهن".

"تسونامي مصري"

ويصف رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى المصري السابق عز الكومي، فديوهات محمد علي، بأنها أشبه بتسونامي "زلزل عرش العسكر، وأجهز على أصنام الوطنية والشرف والبطولة التي صنعها مؤيديهم، ولكنها كانت في الحقيقة مجرد أوهام".

وتوقع الكومي في تصريح أن تحدث هذه الفضائح شرخا فى صفوف القوات المسلحة وليس بين قيادته، "لأن السيسي ورط هذه القيادات معه فى الفساد المالى والإدارى بل والأخلاقي، وقام بتحصينهم بعدد من القوانين التي وضعتهم فوق المساءلة القانونية والدستورية، ولذلك فإنهم سوف يحاربون مع السيسي ويدافعون عنه فساده، حتى لا يتم التضحية بهم إذا ما خرج السيسي من المشهد بأي شكل كان".