أعربت 11 منظمة حقوقية مصرية، عن بالغ إدانتها واستنكارها للحكم الصادر من محكمة جنايات جنوب القاهرة الدائرة 28 إرهاب في 8 سبتمبر/أيلول الجاري، برئاسة المستشار حسن فريد، في القضية رقم 34150 لسنة 2015 جنايات مدينة نصر أول، والمعروفة إعلامـيًا بـ”أحداث فض اعتصام رابعة العدوية،” والمتهم فيها 739 شخصًا (300 محبوس 439 غيابيا)، بينهم معارضون سياسيون وقيادات بارزة في جماعة الإخوان المسلمين، وصحفيون، خلص الحكم إلى إدانتهم جميعًا بلا استثناء.

وأكدت المنظمات- في بيان مشترك لها اليوم الثلاثاء- عن رفضها لإجراءات هذه المحاكمة التي تعد مجرد مثال على ما لحِق بالقضاء المصري من خلل وانحراف عن معايير المحاكمات العادلة والنزاهة والاستقلالية، وتطالب بالوقف الفوري لأحكام الإعدام الجماعية، ووقْف تنفيذ ما صدر من أحكام سابقة بالإعدام، تمهيدا لإعادة النظر فيها.

وقالت المنظمات، “ففي خضم التوسع غير المسبوق في أحكام الإعدام الجماعية، قررت المحكمة إعدام 75 متهمًا في القضية، بينهم قيادات بارزة في جماعة الإخوان، فضلاً عن الحكم بالسجن المؤبد لـ47 شخصًا، والسجن 15 سنة لـ374 آخرين، و10 سنوات لـ22 طفلاً، و5 سنوات لـ215 شخصًا، هذا بالإضافة لوضع جميع المحكوم عليهم- عدا الصادر بحقهم حكم بالإعدام والمؤبد- رهْن المراقبة الشرطية لمدة 5 سنوات بعد انقضاء مدة حبسهم في عقوبة تبعية، بالإضافة إلى مصادرة أموال جميع المتهمين-عدا الأطفال- وحرمانهم من وظائفهم الحكومية”.

كانت بعض المنظمات الحقوقية قد سبق وشككت في سير المحاكمة في هذه القضية، رافضة أحكام الإعدام الجماعية بحق 75 متهما دون تفرقة، على خلفية اتهامات مطاطة، معربة عن تنافي الحكم مع مبدأ شخصية العقوبة والمسئولية الجنائية للفرد. وتابعت المنظمات “فبعد مرور 5 سنوات على أحداث فض اعتصام “رابعة” الذي راح ضحيته 623 شخصا– بحسب تقرير تقصي الحقائق للمجلس القومي لحقوق الإنسان- بينهم 8 من أفراد الشرطة، قررت المحكمة معاقبة الناجين من المذبحة بالإعدام والحبس، بدلًا من محاسبة المسئولين عن هذا الارتفاع المفرط في أعداد القتلى بين صفوف المعتصمين، والذي قدرته بعض التقارير الحقوقية بأكثر من ألف قتيل. بما يؤكد أن إدانة جميع المتهمين في هذه القضية مقصودة لتبرئة المؤسستين العسكرية والشرطية من جرائم القتل البشعة المرتكبة أثناء الفض”.

وجددت المنظمات الموقعة استنكارها للحكم الذي أغفل احتماليات القبض العشوائي فأدان جميع المتهمين بلا استثناء، بما في ذلك المصور الصحفي محمود عبد الشكور أبو زيد (شوكان)، الفائز هذا العام بجائزة اليونسكو لحرية التعبير، والذي قبض عليه أثناء ممارسة عمله الصحفي في محيط ميدان رابعة العدوية، بحسب ما أقرّت المؤسسة الصحفية التي كان يعمل لديها في ذاك الوقت في شهادة رسمية للمحكمة.

كانت النيابة العامة للانقلاب قد زعمت قيام المعتقلين بالتجمهر، والانضمام لجماعة محظورة، واستعراض القوة والقتل والتخريب، وحيازة أسلحة وذخائر.

الجدير بالذكر أن أحد المتهمين (أسامة محمد مرسي نجل الرئيس الشرعي للبلاد)، تم القبض عليه بعد 3 سنوات من المذبحة، وآخر كان رهن الحبس وقت فض الاعتصام (عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط)، ومع ذلك صدرت الأحكام بالإدانة بحقهما بالاتهامات نفسها، والمتعلقة جميعها بأحداث يوم الفض.

وبحسب المحامين، شهدت المحاكمة خروقات قانونية عديدة، ولم تراعِ المحكمة الحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة. إذ لم يكن لدى بعض المتهمين تمثيل قانوني من الدفاع في معظم جلسات المحاكمة، فضلاً عن شهادات فريق الدفاع حول مصادرة المحكمة لمعظم حقوق الدفاع في المرافعة وإبداء الدفوع القانونية وسؤال الشهود، وإتاحة الوقت الكافي لتقديم المرافعة الشفهية.

وقالت المنظمات “فعلى سبيل المثال وخلال جلسات استجواب الشهود طلب فريق الدفاع من المحكمة مثول 240 شاهدا، لكن وافقت المحكمة على استجواب نحو 60 شاهدا منهم فقط، ولم يأخذ المحامون الوقت الكافي لاستجوابهم. هذا بالإضافة إلى حبْس جميع المتهمين في قفص زجاجي حاجب للصوت، مما حرمهم من التواصل مع الشهود أو المحامين، وفي بعض الأحيان ومع كثرة أعداد المتهمين تعذر رؤية المتهم لما يحدث في قاعة المحكمة”.

وفي هذ السياق، جددت المنظمات الموقعة بالغ استنكارها ورفضها لهذا الحكم بشكل خاص، والتوسع في أحكام الإعدام بشكل عام. كما تستنكر الرد الخاص بالخارجية المصرية الصادر مؤخرًا على توصيات المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بشأن ضرورة بحث إلغاء هذه العقوبة وإعادة النظر في الأحكام الصادرة بالإعدام مؤخرًا.