أثارت مذكرة التفاهم بين مصر والإمارات بشأن التعاون المالي والفني، التساؤلات عن مدى نفوذ الإمارات في مصر، وحصولها على امتنيازات اقتصادية غير مسبوقة.

ونُشرت الاتفاقية في الجريدة الرسمية المصرية، الخميس، علما أنه قد تم توقيعها في أبو ظبي في 23 يناير 2017، ووافق عليها مجلس نواب الانقلاب في يوليو على عجالة؛ في جلسة لم تستغرق سوى عدة دقائق.
 
وتنص المادة 13 من الاتفاقية؛ على إنشاء مجلس تنسيقي معني بالتعاون المالي والفني. ومن البنود المثيرة للجدل، المادة 14 التي تنص على منع مصر من سن قوانين تؤثر على اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار المشترك، والمادة 15 التي تنص على تسوية أي خلاف وديا بين الطرفين عن طريق التفاوض والمشاورات، وليس المحاكم.
 
"شراء" القرار المصري
 
وفي هذا الصدد، قال المستشار الاقتصادي للمجموعة الدولية وإدارة المراكز التجارية، أحمد خزيم، إنه "يجب أن لا يتم تمييز دولة خارجية تستثمر في مصر، ولا يجوز تقييد القانون الوطني لصالح أي اتفاقية".
 
وأوضح أنه "بإلزام القوانين المصرية بأن يكون هناك نوع من الحماية للدولة المستثمرة؛ تكون الاتفاقية أقوى من إرادة الدستور"، مشيرا إلى أن "عقد مثل تلك الاتفاقيات تعد بمثابة شراء للإرادة والقرار الاقتصادي المصري"، على حد وصفه.
 
وأكد أن جعل الاتفاقية "على الإطلاق؛ يعني شراء للإرادة المصرية على الإطلاق في صيغة اتفاقية"، موضحا أنه "من السهل جدا الطعن بعدم دستوريتها لأنها تصنع تمييزا مخالفا للدستور".

ووصف مثل تلك الاتفاقيات بـ"العار، وقال: "هذه الاتفاقية عار على كل عضو في مجلس النواب (الانقلابي) شارك في الموافقة عليها؛ لأنها للأسف الشديد تعتبر اتفاقية لشراء إرادة مصر"، كما قال.
 
"غطاء للهيمنة"
 
من جانبه، قال حسام الشاذلي، السكرتير العام للمجلس المصري للتغيير، والمستشار السياسي والاقتصادي الدولي، إن هذه الاتفاقية "قد تبدو تطورا طبيعيا للعلاقات المصرية الإماراتية التاريخية، وخاصة أن المذكرة تناولت بعض البنود الاعتيادية والمباشرة، كاتفاقية تجنب الإزدواج الضريبي، وتشجيع وحماية الاستثمار وتحسين الشفافية وتبادل المعلومات وإزالة المعوقات الضريبية وغيرها"، مستدركا بقوله: "لكن إذا ما أمعنا النظر في البنود العامة للاتفاقية، وخاصة بعد الموافقة الصاروخية لبرلمان السيسي عليها في يناير 2017؛ ووضعها في إطار الدعم المالي والسياسي الذي قدمته وتقدمه حكومة الإمارات للنظام المصري الحاكم، فقد نستشف ونستنتج أن هذه الاتفاقية ومثيلاتها توفر الغطاء اللازم لمزيد من التدخل الإقتصادي المتغول لدولة الإمارات في مصر".
 
وحذر، من أن الاتفاقيات "تعد لإمكانية تملك المستثمرين الإماراتيين للمشروعات العملاقه داخل مصر، وقد تشمل مشاريع البنية التحتية التي لها بعد استراتيجي خطير ومؤثر".

ورأى أنه "من الواضح؛ أن النظام المصري يسعي لتثبيت أركانه بدعوة الشركاء الداعمين لانقلابه للتحكم في القدرات الإقتصادية للبلاد، وذلك بوضع القدرات الاقتصادية المصرية في أيدي مستثمرين أجانب يتحكمون في تشغيل ملايين المصريين على أرض مصر"، لافتا إلى أن "العبارات الفضفاضة التي تخدم الشفافية وازدياد الضرائب وتشجيع الاستثمار؛ ما هي إلا بوابات لهذا النوع الجديد من التحكم السياسي بمقود الاقتصاد والمال"، على حد قوله.

السيسي يدفع فاتورة دعمه
 
أما رئيس المعهد الأوروبي للقانون الدولي والعلاقات الدولية، محمود رفعت، فاعتبر أن الاتفاقية هي نتيجة طبيعية لدور الإمارات في بمصر.

وقال: "هذا نتيجة تصعيد من هو غير مؤهل لسدة الحكم، والذي يعطي بدوره ولاء أعمى لمن صعّده؛ على حساب شعبه"، مشيرا إلى أن "الإمارات هي التي صعدت السيسي، قولا واحدا، وهي التي مولت حركة تمرد، وجميع الاضطرابات قبل أحداث 30 يونيو".
 
وأصاف: "استثمارات الإمارات في مصر، وما حصلت عليه من امتيازات، هي صفة احتلالية وليست صفة استثمارية"، لافتا إلى أن "من أولى خصائص القاعدة القانونية؛ العموم والتجريد ولا تخص أحدا بعينه، وإفراد وضع قانوني معين خاص للإمارات في مسألة الازدواج الضريبي؛ يجعل من الإمارات الملاذ الآمن لأباطرة المال في مصر، والذين قامت عليهم ثورة يناير"، وفق تقديره.
 
ورأى ما حدث هو بمثابة "انتقال مراكز الفاسدين للإمارات وبشكل شرعي، ومعها تنتقل خيوط اللعبة إلى الإمارات لتحريك تلك الدمى؛ لأنك عندما تحد من تشريعات تتناقض مع النظام العام هو ضرب من ضروب الشطح اللاعقلاني"، بحسب تعبيره.