نشر موقع "إنترستنغ إنجنيرينغ" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن حاجتنا إلى التفكير بجدية في إعادة تأهيل الكواكب والأجرام المجاورة نظرا لاتجاه البشرية نحو استنزاف موارد كوكب الأرض خلال عدة أجيال فقط.

وقال الموقع في تقريره، إن العلماء باتوا يفكرون على نحو جدي في إعادة تأهيل الكواكب المجاورة بفضل الاهتمام المتجدد باستكشاف الفضاء.

وبصرف النظر عن ادعاءات العبقري إيلون مسك المستمرة بشأن حاجتنا لإيجاد كوكب احتياطي، تناقش وكالات الفضاء العالمية إمكانية استعمار المريخ أو القمر والعيش عليهما على المدى الطويل.

وأفاد الموقع أن إعادة تأهيل الأجرام السماوية والكواكب تتمثل في تغيير بيئة عدائية وجعلها ملائمة لاحتضان حضارة بشرية، مثل تغيير كوكب ذا حرارة مرتفعة أو منخفضة للغاية.

وتشمل هذه التغييرات تعديل درجة الحرارة أو الغلاف الجوي أو التضاريس السطحية بهدف جعل هذا الكوكب أو القمر أكثر تشابها مع كوكب الأرض.

وعلى الرغم من رواج مفهوم إعادة التأهيل في العديد من أفلام وروايات الخيال العلمي، إلا أن هناك العديد من الفرضيات التي تفيد بوجود مواطن خلل فيه.

فعلى سبيل المثال، ترتكز مشاريع إعادة تأهيل كواكب صخرية مثل الزهرة والمريخ على بنية تحتية لا وجود لها من الأساس، كما أن إنشائها سيكون مكلفا للغاية.

ويرى الكثيرون أن اللجوء إلى كواكب أخرى لاستعمارها سيضطرنا إلى ارتكاب مجازر جماعية من خلال إبادة الحياة الميكروبية التي تحتوي عليها.

وتطرق الموقع إلى الفوائد المنجرة عن إعادة التأهيل، حيث أن عالمنا المشوب بالصراعات يعاني خطر نشوب حرب نووية طاحنة، فضلا عن احتمال تحول بعض المناطق إلى أراضي غير ملائمة للعيش بسبب تفاقم التلوث خلال القرن المقبل.

ويمكن القول إن إعادة التأهيل تمثل حلا ملائما لعالم تجاوزت فيه مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي 400 جزء في المليون.

ويمكن لارتفاع هذه النسبة أن يقود بدوره إلى ارتفاع حرارة الكوكب بمقدار ثمانية درجات مع نهاية القرن الحالي.

إن جل ما نواجهه الآن هو نتاج الممارسات البشرية وتغيير الإنسان لمناخ كوكبه منذ عقود كثيرة، لكننا لم نكن ندرك هذا الأمر في السابق.

وفي حين تمثل إعادة التأهيل استراتيجية تمكننا من الهروب بأنفسنا إلى كوكب آخر والنجاة داخله، فإنه يمكن لها أن تمثل فرصة ذهبية تدفع علماءنا إلى تطوير التكنولوجيات والتقنية التي قد تمكننا من إعادة تأهيل كوكبنا وجعله أكثر ملائمة للعيش.

وأشار الموقع إلى إمكانية إعادة تأهيل كوكب المريخ، نظرا لكونه يعتبر من الكواكب القليلة التي تقع في منطقة "غولديلوكس" المقابلة للشمس.

في المقابل، تشكل هشاشة الغلاف المغناطيسي للكوكب الأحمر حاجزا أمام تشكيل غلاف جوي مناسب لعيش البشر، مما يجعل الكوكب باردا للغاية وغير مناسب للعيش.

وللحفاظ على الحياة كما نعرفها، يتعين علينا توظيف الهندسة البيئية لتغيير طبيعة الغلاف الجوي للكوكب الأحمر.

علاوة على ذلك، يمكننا التفكير في إعادة تأهيل كوكب الزهرة ذا الغلاف الجوي الكثيف والمناخ شديد السخونة، أو يمكننا التوجه نحو الأقمار التي تطفو في مدارات الكواكب الغازية، والتي ثبت أن بعضها يحتوي على الجليد الذي يمكننا استخدامه للعيش.

وفي حين يبرز القمر كأحد المرشحين البارزين لتلقي مجهوداتنا الرامية لإعادة تأهيله، يبدو أن المريخ يتصدر قائمة الكواكب المناسبة لعمليات إعادة التأهيل.

وأوضح الموقع أن كوكب المريخ قريب من الأرض، ناهيك عن كونه يتشابه معه في عدد دوراته السنوية والموسمية، كما أن بعض التقارير تفيد باحتوائه على الكثير من المياه في جوفه.

وعلى الرغم من هذه المؤشرات الواعدة، لن تكون عملية إعادة تأهيل الكوكب الأحمر بالمهمة السهلة، حيث يتعين علينا العمل على غلافه الجوي الضعيف وجعله أكثر سمكا، كما أنه يتعين علينا تعديل غلافه المغناطيسي الضعيف الذي يجعله عرضة للإشعاعات بشكل كبير.

وأورد الموقع أن معظم هذه المعضلات قابلة للحل، وذلك من خلال بناء مرايا عملاقة في مداره لعكس أشعة الشمس واستخدام بكتيريا الإكستريموفيل المحبة للظروف القاسية لتغيير طبيعة الغلاف الجوي وإضفاء هواء يمكننا تنفسه.

وباختصار، هناك الكثير من الخيارات المتاحة لإعادة تأهيل المريخ، إلا أن ذلك سيستغرق العديد من العقود أو القرون.

لا يمكن للعلماء الاقتصار على الخيارات القريبة من كوكبنا فحسب، بل إن بعضهم ذهب للبحث عن خيارات بديلة خارج نظامنا الشمسي.

وأسفر هذا البحث عن إيجاد كواكب ذات غلاف جوي شبيه بالأرض، مما يجعلها قادرة على احتواء ماء سائل. وعلى بعد حوالي 20.22 سنة ضوئية عن الأرض، تمكن الباحثون من إيجاد كوكبين في مناطق صالحة للحياة.

وذكر الموقع أن إعادة تأهيل هذه الكواكب البعيدة سيتطلب على الأرجح نفس الأساليب التي قد نعتمدها لإعادة تأهيل غلافنا الجوي ونظامنا البيئي.

وبالنسبة للأجرام الواقعة في مسافة بعيدة عن النجوم، يمكننا إنشاء مصانع مسؤولة عن إطلاق الغازات الدفيئة، في حين يمكننا اتباع تقنيات عزل الكربون والظلال الشمسية لتقليل درجة حرارة الكواكب القريبة من النجوم.

وفي الختام، أوضح الموقع أن إعادة تأهيل الكواكب تنطوي على صعوبات لا حصر لها، ناهيك عن كون سعينا لاستعمار الأجرام السماوية نابع عن رغبتنا وسعينا المستمرين لاستكشاف الفضاء لا غير.

وعلى غرار العديد من المخاطر التي نقوم بها، مثل تسلق الجبال الشاهقة أو السفر عبر الفضاء، نحن نقوم بمثل هذه الأمور لأننا قادرون على ذلك بكل بساطة.