بعد كل فضيحة وفشل، يخرج قائد الانقلاب باشتغالة جديدة لإلهاء الشعب، وخلال كلمة له في افتتاح المدينة الصناعية بالروبيكى: قال: عمرى ما قلت كلمة صعبة في أصعب الظروف، وافتكروا 30 يونيو 2013 وعام 2014 و 2015 و 2016.. وشوفوا مصر عاملة إزاى.. بفضل الله ووعيكم تجاوزنا ذلك ومستمرون للأمام ونزداد قدرة وقوة، وكثير من التحديات أعاننا الله عليها بفضل الله وشرف نبلنا وربنا بيكتب لنا النجاح.. افتكروا 2013 والدنيا فى مصر كانت إزاى، طيب وبعدين؟.. لو كنا ظالمين ومعتدين مكنش ربنا وفقنا، لكن بفضل الله لازم يكون النجاح هو الجائزة التي يمنحنا الله إياها، لكن بالعمل والجد والمثابرة".

فهذا المأفون يعتبر أن سفك الدماء وانتهاك الأعراض والحرمات، وحرق المساجد، والقهر والظلم والطغيان، والإساءة للدين، والفشل في كل مناحى الحياة توفيق، ويدلل على ذلك بأنه، لوكان ظالماً ما وفقه الله.

والطريف أنه عندما دعا الشيخ "محمد جبريل" على الظالمين في رمضان في القنوت، في مسجد عمرو بن العاص، قامت الدنيا ولم تقعد، ويومها قال مخبر أمن الدولة، وزير أوقاف الانقلاب، في مداخلة تليفونية، مع أحد مخبري الفضائيات: إن ما حدث لا يجوز، لأن الدعاء على الظالمين مخالف لهدي النبي، كما أنه مخالف لتعليمات الوزير المخبر!

وعلى الفور تم إيقاف الشيخ "محمد جبريل" عن إمامة الناس، وبرر الوزير المخبر قراره، بأن الشيخ "محمد جبريل" تجاوز الدعاء إلى التوظيف السياسي للدين، وبناء أمجاد شخصية، والتحريض على الإرهاب، وتجاوز الموقف الوطني، ودعا كافة الأجهزة السيادية الأمنية وغير الأمنية أن تبادر باتخاذ اللازم.
بدوره وكيل الأزهر عباس شومان، علق على دعاء جبريل قائلاً: "إنه لا يجوز له ما فعل، وأن الدعاء على الحكام الظالمين ليس مكانه مساجد المسلمين".

فأصحاب العمائم، اعتبروا أن دعاء الشيخ "محمد جبريل" موجه لقائد الانقلاب بشكل خاص، ويعد من الأعمال الإرهابية، التي تستوجب الوقف والتحقيق والمنع واستعداء أجهزة الدولة.

فهؤلاء البهاليل يعتقدون أن قائد الانقلاب من الظالمين، بل من أكابر مجرميها، ويعلمون ذلك جيداً، كمن على رأسه بطحة! لأن الدعاء على إنسان معين، لا حرج فيه إن كان ظالما منتهكا لحرمة الدين وأهله، مثل هذا الطاغية القاتل. لقول النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه: اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف.

وكان عمر بن عبد العزيز يدعو بهذا الدعاء: اللهم أصلح من كان في صلاحه صلاح لأمة محمد، اللهم أهلك من كان في هلاكه صلاح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم.
فأين التوفيق فيما أحدثته من سفك للدماء والزج بالأبرياء في السجون والمعتقلات، وقمع للحريات، وتكميم الأفواه، ونشر الفوضى، وترويع الآمنين، و الظلم وقهر العباد؟.

لقد نسى هذا الطاغية، أن اليوم الذى تحدث فيه عن توفيق الله له، يتزامن مع الذكرى السابعة لطلب التفويض ومجزرة المنصة، التي تمت على إثر التفويض، وقتل فيها أكثر من 200 شخص، وأصيب أكثر من 4000آخرين.

وهل من التوفيق -أيها الكذاب المخادع- ضياع الأرض والتفريط في حصة مصر التاريخية في مياه النيل، وضياع حقوقنا وثرواتنا في البحر المتوسط، وارتفاع الدين الخارجى والداخلى لمستويات غير مسبوقة، وارتفاع نسبة الفقروالبطالة، وطوابير المرضى أمام المستشفيات، والناس محشورة في وسائل الموصلات، مثل علب السردين، والشباب الذين يموتون غرقاً في البحار بحثاً عن فرصة عمل شريف؟
وهل من التوفيق خيانة رئيسك الذي أقسمت أمامه ثم حنثت في يمينك وانقلبت عليه؟ هل هذا من التوفيق في شيء، اللهم إلا إذا كان الشيطان زين له سوء عمله. "أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا".

لا يفهم هذا الطاغية أن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته"، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}(هود:102)، وقال تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ}(الحج:48)

قد يغتر الظالم بظلمه سنوات، يظلم عباد الله، والله يمهله بحلمه عليه، ويستره بستره له، ولكنه يتمادى في غيه وجبروته، وينسى أن الله يمهل ولا يهمل. ينسى الطاغية كيف انتهى الجبابرة الطغاة الظالمون؟

ولله در القائل:

أيقبلُ اللهُ العظيمُ أذيّةً

لو صامَ من آذى وقامَ وصلّى

يا ظالماً هلاّ ذكرتَ رحيلكم

ووقوفكم يومَ الحسابِ لتُبلى

خفْ دعوةَ المظلومِ يقضي عمرهُ

يدعو بليلٍ ما أتى وأهلاّ

وعد الإلهُ بأن يُجيبَ دعاءهُ

إن قالَ ربي هل عهدتَ أخلاّ؟

فالظلم عواقبه وخيمة، ودعاء المظلومين ودعاء المظلومين لن يخيب كما قال صلى الله عليه وسلم: "واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب". ولكن من لطف الله بعبده الظالم أن يمهله لعله يتوب؛ ويؤخره لعله يقلع، فإذا ما تمادى في ظلمه فربما أخَّره ليزداد في الإثم؛ ثم يأخذه الله أخذ عزيز مقتدر!

والحذر من تأييد الظالم فمن أيده ظالم مثله، قال تعالى: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ) الصافات: 22.

لذا وجب نصرة المظلوم والوقوف معه وتأييده ودعمه، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا".

فالإنسان السوى يقف مع الحق ويدور معه حيثما دار.