د/ عزالدين الكومي

لفت نظرى تصريحاً للمستشار “هشام جنينة” خلال حواره مع صحيفة “القدس العربي” أن النظام الحالي -نظام الانقلاب- تمكن من شيطنة جماعة الإخوان في المجتمع وجعلها فزاعة، وأى شخص الآن تنسب له تهمة أنه إخوان، يصبح مجرمًا يجب التخلص منه والقضاء عليه، ونجحت وسائل الإعلام في ذلك الأمر، وكلنا نعرف من يسيطر على الإعلام في مصر، من أجهزة استخبارات وأجهزة أمنية”.

وتصديقًا لما قاله المستشار هشام جنينة لم يعد خافيًا على أحد الحملة الشرسة التى تعرض لها الإخوان، والتى موّلتها دولة الإمارات لمهاجمة الإخوان المسلمين في الدول العربية، عقب وصول الرئيس المصري محمد مرسي لسدة الحكم، كأول رئيس مدني منتخب في البلاد، إلى جانب تمويل حركة تمرد التي قادت التحريض شعبيًا ضد الرئيس مرسى!!

والطريف أن عداء الأنظمة العربية لجماعة الإخوان المسلمين، نابع أساسًا من العداء الأمريكى لجماعة الإخوان المسلمين، فقد ذكر الأستاذ عمر بهاء الأمير فى حديث له لمجلة المجتمع الكويتية قال فيه: كنت سفيرًا لسوريا في السعودية عام 1954م، يومها قامت دول عربية كثيرة بالتوسط لدى جمال عبدالناصر للعفو أو تخفيف حكم الإعدام عن الإخوان المسلمين المعتقلين، الأستاذ حسن الهضيبي وعبد القادر عودة ومحمد فرغلي ويوسف طلعت ورفاقهم، وكل هذه المساعي لم تنته إلى نتيجة إيجابية، وقال لي الملك سعود إنه بذل من أجل ذلك كل جهده لكن كل وساطاتي لم يستجب لها.

وفي الصباح زارني عميد السلك الدبلوماسي السفير الأمريكي “وودس وورس” وهو رجل متقدم في السن، ومتعاطف مع القضايا العربية وخلال الحديث قال لي: أرأيت ما فعله هذا الأحمق؟

قلت: من؟ قال: عبدالناصر. قلت: ماذا فعل؟ قال: أعدم الإخوان المسلمين، ونحن لا يهمنا أمر الإخوان المسلمين كثيرًا، ولكن بيننا وبينه معاهدة سرية بها بندان هامان: الأول تجميد القضية الفلسطينية لمدة عشر سنوات، والثاني تعطيل وإيقاف نشاط الإخوان المسلمين وفعالياتهم.

لم نقل اعمل مجزرة واذبح الناس، والآن كل من تأذى وتضرر من هذا الذي حصل سيكون عدوًا لدودًا لأمريكا، وأمريكا لا يهمها هذا.. ولكن ما العمل؟

قلت: ما قيمة الإخوان المسلمين في نظر أمريكا حتى تجعل من بنود الاتفاق السري بينها وبين عبد الناصر أن تقضي على نشاط الإخوان المسلمين؟
قال: ماذا تعرف أنت عن الإخوان المسلمين؟

قلت: أعرف أنهم جمعية خيرية طبية تفتح مستوصفات لمعالجة الفقراء، تعين محامين أحياناً للمظلومين، تفتح مراكز لمحو الأمية.
قال: فقط هذا؟

قلت: نعم هذا فقط.
قال: لا.. أنت لا تعرف.

قلت: ما إذن حركة الإخوان المسلمين في نظرك؟
قال: هي أخطر مؤسسة موجودة في العالم اليوم على الحضارة الغربية القائمة.

قلت: لماذا؟ من أين تصدر هذا الحكم؟
قال: هؤلاء يربون الأجيال وشباب البلد على الإسلام، ويقوون مكانتهم في المجتمع ويكونون لهم قوة ضاغطة ومتحركة، وكل الأشياء التي ذكرتها ما هي إلا وسائل لكي يجتذبوا بها قلوب الناس ويصلوا بعد ذلك إلى الحكم وعندما يحكمون فإنهم سيحكمون بعقلية عمر بن الخطاب، وهي الطامة الكبرى على حضارتنا القائمة، ولذلك كان هذا موقف أمريكا.

لذلك جرى شيطنة الإخوان عبر إعلام مسيلمة الكذاب، وشائعات الشؤون المعنوية لعسكر كامب ديفيد، فمن الاتهام بالإرهاب إلى جعل الإخوان شماعة لكل الكوارث، التى تسبب فيها النظام الانقلابى!!

وعندما نقترب أكثر من فكر جماعة الإخوان المسلمين وأدبياتها نجده دعوة للخير لجميع الناس!! يقول الإمام البنا رحمه الله: نحب أن يعلم قومنا أنهم أحب إلينا من أنفسنا، وأنه حبيب إلى هذه القلوب أن تذهب فداءً لعزتهم إن كان فيها الفداء، وإنه لعزيز علينا جد عزيز أن نرى ما يحيط بقومنا ثم نستسلم للذل أو نرضى بالهوان فنحن نعمل للناس في سبيل الله”. فنادوا في قومنا.. نحن لكم لا لغيركم، ولن نكون عليكم يومًا من الأيام.

وعن أسلوب الدعوة والداعية مع الناس يقول رحمه الله: ونحمل الناس على ذلك بألطف وسائل اللين والحب ومراعاة الصبر والأناة والحكمة والموعظة في ذلك.

إن الناس يعيشون في أكواخ من العقائد البالية، فلا تهدموا عليهم أكواخهم ولكن ابنوا لهم قصورًا من العقيدة السمحة وعليه سوف يهجرون هذه الأكواخ إلى هذه القصور.

وإننا بحمد الله برآء من المطامع الشخصية بعيدون عن المنافع الذاتية ولا نقصد إلا وجه الله وخير الناس ولا نعمل إلا ابتغاء مرضاته.

أصلحوا نفوسكم، وركزوا دعوتكم وقودوا الأمة إلى الخير. وسنربى شعبنا ليكون منه الشعب المسلم، وسنكون من بين هذا الشعب المسلم.

ويسعى لأن تكون دعوته عامة، لكل فئات المجتمع قائلاً: نريد النهوض بالرجل والمرأة جميعًا وإعلان التكامل والمساواة بينهما وتحديد مهمة كل منهما تحديدًا دقيقًا

ويقول عن الموقف من الهيئات الأخرى: “وأما موقفنا من الهيئات الإسلامية جميعًا على اختلاف نزعاتها فموقف حب وإخاء وتعاون وولاء، نحبها ونعاونها ونحاول جاهدين أن نقرب بين وجهات النظر ونوفق بين مختلف الفكر
توفيقًا ينتصر به الحق في ظل التعاون والحب، ولا يباعد بيننا وبينها رأي فقهي أو خلاف مذهبي، فدين الله يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه”، “نحن لا نهاجمهم لأننا في حاجة إلى الجهد الذى يبذل في الخصومة”، فالإخوان عاشوا عشرات السنين، خدما لدينهم ودعوتهم فنقلوا مصر من حفلات الزار والموالد والحضرات والذبح والنذر لغير الله، والتمسح وتقبيل الأضرحة والأعتاب، إلى الاسلام الصحيح، فأماتوا البدع وأحيو السنن، وعرفوا الناس أبواب المساجد وصلاة الجماعة فيها والاعتكاف فيها، وصلاة العيدين فى الخلاء!!

هذه هى جماعة الإخوان، التى يحاول النظام الانقلابى شيطنتها، ووصمها بتهمة الإرهاب!! 

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر