د/ عزالدين الكومي

ما زال العبث هو سيد الموقف فى النظام الانقلابى، فقد قرر محافظ القاهرة “عاطف عبد الحميد” تغيير اسم شارع “سليم الأول” بمنطقة الزيتون بناء على تقرير تقدم به الدكتور “محمد صبري الدالي” أستاذ التاريخ المعاصر، بأنه لا يصح إطلاق اسم مستعمر لمصر، والذي أفقدها استقلالها، وحولها لمجرد ولاية من ولايات الدولة العثمانية، إلى جانب قيامه بقتل آلاف المصريين!!

ولكن الحقيقة ليست هكذا، فعندما قام عبد الله بن زايد بكتابة تغريدة على حسابه فى “تويتر” اتهم فيها العثمانيين بارتكاب انتهاكات في المدينة المنورة قبل قرن من الزمن. قائلاً: هل تعلمون؟ في عام 1916 قام التركي “فخري باشا” بجريمة بحق أهل المدينة النبوية فسرق أموالهم وقام بخطفهم وإركابهم في قطارات إلى الشام وإسطنبول برحلة سُميت (سفر برلك)”، كما سرق الأتراك أغلب مخطوطات المكتبة المحمودية بالمدينة وأرسلوها إلى تركيا، هؤلاء أجداد أردوغان وتاريخهم مع المسلمين العرب.

وجاء رد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على ابن زايد قائلاً: حين كان جدنا فخر الدين باشا يدافع عن المدينة المنورة، أين كان جدك أنت أيها البائس الذي يقذفنا بالبهتان؟. عليك أن تعرف حدودك، فأنت لم تعرف بعد هذا الشعب (التركي)، ولم تعرف أردوغان أيضًا، أما أجداد أردوغان فلم تعرفهم أبدًا”.

كما قرر مجلس بلدية أنقرة تغيير اسم الشارعين اللذين تطل عليهما السفارة الإماراتية، إلى اسم فخر الدين باشا واسم “المدافع عن المدينة”!!

فما قام به النظام الانقلابى من تغيير اسم السلطان سليم الأول من أحد شوارع القاهرة ما هو إلا نوع من كيد النسا، ردًّا على إطلاق أنقرة اسم فخر الدين باشا على الشارع الذى توجد فيه سفارة الإمارات، ليس إلا!!

والسلطان “سليم ياوز”، شب وترعرع في مدينة أماسيا، وبعد تحصيله العلوم الدينية والدنوية، تم تعيينه والياً على مدينة طرابزون، وهو في سن الشباب، وكان يتابع دروس الإمام عبد الحليم أفندي، شيخ طرابوزن، بكل اهتمام وعناية.

قام بتحريك التركمان في حملة عسكرية إلى جورجيا وشرق تركيا، استطاع خلالها، فتح قارس وأرض روم وأرتوين. وعندما لاحظ انتشار الفساد داخل مؤسسات الدولة وتوقفت الفتوحات، الإمساك بزمام الأمورلإعادة إصلاح الشؤون الإدارية للدولة العثمانية.

وبعد تولى أخيه أحمد العرش لم تعترف قوات الانكشارية بتولى أحمد السلطنة، وطالبوا بأن يكون سليم الأول هو السلطان، وبالفعل استجاب السلطان العثمانى بايزيد الثانى، وقام بتسليم الحكم لابنه سليم الأول في إبريل 1512، ليصبح السلطان العثماني التاسع.

وبعد توليه سدة الحكم، لاحظ أن الدولة تعاني العديد من المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية، وكان السبب الرئيس لجُل هذه المشاكل التي تواجهها الدولة العثمانية هو الخطر الشيعي الصفوي، الذي كانت تمثله الدولة الصفوية في إيران.

وكان يعتقد السلطان سليم الأول بأن إنهاء هذا الخطر سيكفل للدولة العثمانية متانة سيطرتها وسيادتها في منطقة شرق الأناضول، وكما كان يهدف توحيد الدولة الإسلامية تحت لواء واحد.

لذلك أمر السلطان سليم الأول بتجهيز جيش قوى لقتال الصفويين، وانطلق صوب إيران عام 1514، ووضع ابنه “سليمان القانوني” نائبا له في غيابه.

وصل الجيش العثماني إلى منطقة “تشالديران” الحدودية ما بين الأناضول وإيران، والتقى الطرفان فى معركة “تشالديران” التى انتهت بانتصار الجيش العثماني، وأًصيب إسماعيل شاه، في هذه المعركة إصابة بالغة، لكنه تمكن من الهرب، ووصل سليم الأول إلى تبريز، وأرسل علماءها إلى إسطنبول، وبذلك تم تأمين الجهة الشرقية للدولة العثمانية!!

عاد السلطان سليم الأول إلى أمسيا لإعادة ترتيب البيت الداخلي لأجهزة الدولة، لذا قرر القضاء على المماليك في مصر والشام، لأن جميع المنقلبين عليه كانوا قد فروا إلى بلاد المماليك، فخشي من تخطيطهم للانقضاض على إسطنبول في غيابه فبدأ بالتجهيز لغزو الشام ومصر.

وبعد ورود معلومات استخباراتية للسلطان سليم الأول تفيد بتحريك الممالك لجيوشهم بالقرب من الحدود العثمانية، استعدادا للهجوم على الدولة العثمانية بعد انطلاق سليم الأول صوب إيران.

قرر السلطان سليم الأول تصفية الدولة المملوكية قبل الانطلاق نحو إيران، وبعد رفض المماليك مرور الجيش العثماني بقيادة خادم سنان باشا من سوريا عام 1916، اشتاط السلطان سليم الاول غضبًا وأمر بتجهيز الجيش، وبتاريخ 5 يونيو 1516 انطلق بجيشه نحو مصر وقبل الانطلاق نحو مصر، قرر فتح الشام، التي كانت تُعتبر أحد ولايات مصر، ومن ثم الانطلاق نحو القاهرة معقل المماليك.

خاض السلطان سليم الأول، في 24 أغسطس 1516، معركة مرج دابق، ومن خلالها استطاع فتح بلاد الشام، ثم أكمل سيره نحو مصر، وفى طريقه إلى مصر استولى على القدس، وأعلن الحماية العثمانية عليها، وفي 2 يناير 1517، وصل غزة ودخلها دون حرب. حتى وصل مشارف القاهرة، ثم واجه الجيش المملوكي بقيادة طومان باي، في 22 يناير 1517، فانهزم طومان باي، وفي 24 يناير 1517 دخل السلطان سليم القاهرة.

وبعد وصوله للقاهرة تسلم الخلافة من الخليفة العباسي المتوكل على الله الثالث، وبذلك يُعد السلطان سليم الأول أول الخلفاء العثمانيين، وحمل سليم الأول بعد ذلك لقب خادم الحرمين الشريفين كأول زعيم إسلامي يحمله.

وفي 13 إبريل 1517 تمكن الجيش العثماني من القبض على طومان باى، فأُعدم وعلق على باب زويلة بالقاهرة!!

والطريف أن بهاليل النظام الانقلابى وإعلام مسيلمة الكذاب، عملاء دولة الإمارات، يسوقون لتغيير اسم شارع سليم الأول بزعم أنه مستعمر، فلماذا لا يطالب هؤلاء بتغيير اسم شارع شمبليون، أحد اتباع حملة نابليون بونابرت على مصر والشام؟

وقد قال الكاتب السعودى، “صالح السعدون”: إنه أعظم قرار اتخذته مصر.. أن منعت اسم هذا العاق بأبيه وبأمته سليم الأول، سارق حضارة العرب ومدمر آمالهم.. إن الفرق بين إسماعيل الصفوي.. وهولاكو.. من جهة وسليم الأول من جهة أخرى لقليل جداً.. فأولئك قتلوا الإسلام والعرب بحسم السيف.. أما سليم الأول فقتل العرب بالسم والموت البطيء.

هكذا يفكر هؤلاء الحمقى، من حريم السلطان، الذين أعماهم الحقد وكراهية الإسلام، حتى أنهم يعتبرون ذلك أهم قراراتخذته سلطة الانقلاب فى مصر!!

المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر