د. عز الدين الكومي:
 

قبل شهور انتفضت كاتبة سعودية، تُدعَى "منال القصيم" لترد على واقعة «منى بحيري» – المرأة التي حملت علم السعودية في المظاهرات التي خرجت لتأييد بيع جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية، وقالت إنها تريد منح الأهرامات وأبو الهول للملك سلمان!!  فقالت الكاتبة السعودية: إن علم بلادي ليس موضوعا للمتاجرة.  علم بلادي ليس موضوعا للمتاجرة أو لـ ( كيد النسا )؟! كنت قد عزمت على عدم الكتابة لظروف الامتحانات ولكن منظر إحدى ( حمقاوات ) السيسي وهي تحمل علم بلادي السعودية وتتفاخر بموضوع الجزر مستفز ! وعلى طريقة ( كايده العذال انا من يومي ) تقول وبـ ( كيد ) للمعارضين: الجزر مصرية واحنا اديناها للسعودية ولو طلب "الملك سلمان" أبو الهول أو الأهرامات حنديله ؟ سبحان من زينك بالحكمة وفصل الخطاب ! شكرا على الكرم الحاتمي يا بنتي لان بلادي بغنى عنه ". هذا الكرم الذي كان يفترض أن يمنحه رئيسكم لأهل غزة الأقرب لكم، والمحاصر على حدودكم ، أو على الأقل، ومن باب أولى أن تحل بركاته على أبناء شعبه المنكوب به، ألم تجدي غير العلم السعودي وهذا الأسلوب الغريب كموضوع للمكايدة والمتاجرة والشحاته ؟ وكأنك بالعلم السعودي (مأجرة ولد صغير وتشحتين فيه بالسيدة زينب)، ماله لزوم ولا معنى في مناسبة يفترض أنها مناسبة وطنية لا يرفع فيها غير علم الوطن، منظرك بصراحة مهين ومضحك ومستفز لنفسك ولبلدك، لكن إذا كان (أراجوزهم) هو مثال ( الهطل ) فلا تسل عن حال عبيده" .

 ولكن قبل أيام من موافقة برلمان العسكر، على اتفاقية بيع جزيرتى تيران وصنافير، خرجت الكاتبة السعودية زينب علي البحراني، لتتطاول على المصرييين في مقال لها بعنوان  “ما يعرف وما لا يقال” وصفت فيه الشعب المصري بأنه بلا نخوة ولا كرامة !! حيث قالت: إن المصريين قبضوا ثمن جزيرتي تيران وصنافير وأن المملكة تعبت من كثرة تقديم المساعدات لمصر دون مقابل، وأن العمالة المصرية بالسعودية يمكن الاستغناء عنها في الوقت الذي لا تستطيع فيه مصر توفير فرص عمل للمصريين بالسعودية.  وأن السعودية لو عرضت مليار جنيه على كل مصري مقابل أن تحصل على مصر كاملة فإن أكثر المصريين سيقبلون ما عدا قلة ثورية وصفتهم بالذين يملكون كرامة أصيلة، وأن جزءًا من الشعب المصري يرتدي ثوب (الثائر لكرامة أرضه) ثم سرعان ما ينسى الأمر عندما يلمح (عقد عمل) في السعودية”.  وتساءلت: هل تستطيع مصر إرجاع كافة المساعدات المادية التي تلقتها من السعودية سابقا؟ الجواب هو: (لا)، هل تستطيع إرجاع المليارات التي تم دفعها مقابل (تيران وصنافير)؟ الجواب: (لا)، سؤال أخير: لو تم دفع مليار لكل مصري مقابل أن يترك مصر، ويتخلى عن الجنسية المصرية، ويقيم بالسعودية مقابل أن تأخذ السعودية مصر كلها وتسجلها باسمها هل سيرفض كل المصريين ذلك أم سيقبله أكثرهم ويرفضه أقلّهم؟”. وأن كثيراً من المهن التي يعتاش عن طريقها المصريون في السعودية كالطب والتمريض والهندسة والتدريس والتصميم الجرافيكي والاستقبال والفنادق والسواقة صارت مكتظة بالسعوديين وصولاً إلى مرحلة البطالة لا سيما في المدن الكبرى، وما فتح أبواب استقدام العاملين من مصر إلا في إطار اتفاقات سياسية تساعد بها الحكومة السعودية حكومة مصر على تجاوز الأزمة وليس لاحتياج حقيقي في سوق العمل).

 وللرد على هذه الكاتبة المتطاولة، نقول: إن الكاتبة أقرت وهى في كامل قواها العقلية أن السعودية أغدقت المليارات على عصابة النظام الانقلابي للحصول على الجزيرتين، وأن تنازل النظام الانقلابي عن الجزيرتين لم يكن بسبب تبعيتهما للسعودية، كما حاول عسكر كامب ديفيد وبرلمان العسكر والإعلام الفاسد إثبات ذلك، وهو ما أبطله قضاؤهم الشامخ، قبل أن يضرب عبد العال بأحكام القضاء عرض الحائط !!

كما أن الكاتبة أكدت على أن السعودية اشترت الجزيرتين بأموالها، وأن عصابة الانقلاب هي مَن باعت، عندما قالت: مصر كانت بحاجة إلى دعم مالي، والسعودية سئمت من دفع الأموال دون مقابل، وكان لا بد من اتفاقية تحل المشكلة، وهكذا كان ما كان، وأنه بالتأكيد هناك شريحة نادرة من الأصدقاء المصريين المثقفين الذين يملكون كرامة أصيلة، وهم على استعداد للموت دون التفريط بشبر واحد من أرض مصر، لكن ما أثر هؤلاء مقارنة بالأكثرية الساحقة التي تريد أن تعيش والسلام؟ تريد أن تعيش في ظل الخنوع والذل، والتسول بلاكرامة ولانخوة!!

ولابد أن تعلم الكاتبة أن مَن تلقى الأموال ليس الشعب المصري، وكما وضح من التسريبات التي أذاعتها قنوات عديدة، وظهر من خلالها مصطلحات الرز والفكة والحبة وربع والصايع الضايع وغيرها، تؤكد أن مليارات ملوك السعودية، ذهبت إلى حسابات وجيوب العسكر، ولم يذهب للشعب المصري سوى العار الذي لحقه جراء التسول، والذي جعل كاتبة مثلك تتطاول وتكيل الاتهامات للشعب المصري!!

وأنا أتفق مع الكاتبة في أن النظام الانقلابي، لا ولن يستطيع إرجاع المساعدات المادية للكفيل السعودي، وإرجاع المليارات التي تم دفعها مقابل (تيران وصنافير)؛ لأنه أهدرها، وأنفقها على جنرالات كامب ديفيد، وجلاوزة الشرطة، وقضاة جهنم، وإعلام مسيلمة الكذاب، وبناء السجون والمعتقلات، فلم يكن أمامه إلا التنازل عن الأرض والعرض!!

إن الكاتبة المتبجحة تحاول أن تضع رأسها فى رمال الربع الخالي الملتهبة، متجاهلة الحقائق التي هي أوضح من الشمس في رابعة النهار، وهي أن مساعدات السعودية وجّهتها للنظام الانقلابي لقتل المصريين، ومحاربة الإسلام، والتمهيد للانبطاح والتطبيع الكامل مع الصهاينة، كما هو واضح للعيان من تصرفات محمد بن سلمان ومعلمه محمد بن زايد !!

وأخيراً أنا لا ألوم على هذه الكاتبة، ولكن ألوم على نظام قَزَّم دولة بحجم مصر، بعد أن حولها إلى شبه دولة تعيش على القروض والمعونات والبطاطين والملابس المستعملة والتسول !!

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر