خميس النقيب :

 

رقص قلبها إذا ضحك الوليد، لا تسعها الدنيا في خطوته ولاتكفيها الحياة في مشيته ، تسمع نغم الدنيا في كلمته، وترى الحياة نورًا وجمالاً وهي تراه مع الصبية يلعب أو إلى المدرسة يذهب او في حياته ينجح ويكسب ..!! هذه هي الام ..!!

طعامك درها، وبيتك حجرها، ومنامك صدرها ومركبك ظهرها، تجوع لتشبع ، وتسهر لتنام ، فهي بك رحيمة وعليك صبورة وحليمة ، إنها الام ...!!

الأم هي الروح في كل مكان ، هي الشعاع الذي يمنحنا الأمن والأمان ، والحضن الذي يعطينا العطف والحنان ، والنبع الذي يغمرنا بالامل علي مر الزمان .

الام روح مقدسة تبعث الالهام، وشمعة مشمسة تبدد الظلام، ومهندسة متمرسة تحث علي النظافة والنظام، و معلمة متحمسة تزرع الوئام وتنشر السلام، وطبيبة مخلصة تداوي الالام وتحقق الاحلام ، وداعية حارسة تطلق الدعاء وتجمع الارحام .. الامان في حضنها، والغذاء في صدرها، والوفاء في قلبها، والفرح في لقائها، والنور في وجهها، والجنة تحت اقدامها، هي الكلمة الطيبة و الشجرة المثمرة واللؤلؤة المضيئة، الجوهرة المكنونة ،والدرة المصونة .

الام تسهر بالليل وتتعب بالنهار، تهتم بالكبار وتخاف علي الصغار، تذبل لذبول وليدها، تغيب بسمتها إن غابت ضحكته، وتذرف دمعتها إن اشتد توعكه، وتحرم نفسها لتطعمه، وتلقي بنفسها لتنقذه، وتتحمل من الشقاء أمثال الجبال لترشده وتسعده .

 الحديث النبوي الشريف الذي يقول : " الجنّة تحت أقدام الأمهات "، اي أن الله قد جعل الجنة لها لأنها هي التي تبذل الجهد كله في صناعة الحياة للإنسان، وقد ورد في بعض الأحاديث، أن المرأة الحامل إذا ماتت أثناء نفاسها كان لها أجر الشهداء، فلها الثواب كما هو ثواب الشهيد، لأن الشهيد يحفظ بدمه للأمة عزتها وكرامتها، ويحمي أرضها وإنسانها.

أما الأم، فهي التي تلد الشهداء والمجاهدين والعلماء والقادة والمصلحين، تحملهم أجنّة وتضعهم أطفالاً وترعاهم شباباً، وتحضنهم حتى لو بلغوا الخمسين والستين ...!!

كرمها الاسلام، وكافآها القران واعلي اجرها الرحمن، إنها الأم التي تعيش لاولادها و تنتظر الأيام الحاسمة في حياتهم و حياتها، تنتظر بشغف وحب ولدها حين ينجح ويلعب، حين يزرع ويكسب ، حين يتزوج وينجب هل يكون لها - بعد كل ذلك - في ولدها نصيب أم كل جهودها وتضحياتها وآمالها تذهب أدراج الرياح؟! انها مدرسة ..!! الأم مدرسة اذا اعددتها اعددت شعبا طيب الاعراق .

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا آتي عليه إمداد أهل اليمن سألهم: أفيكم أويس بن عامر؟ حتي أتي علي أويس رضي الله عنه فقال له: أنت أويس بن عامر قال: نعم، قال: مِنْ مجراد ثم من قّرن (وهي بطن من قبيلة مراد) ؟ قال: نعم، قال: فكان بك برص، فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم، قال: لك والدة؟ قال: نعم، قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: 'يأتي عليكم أجويس بن عامر مع إمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص، فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها برٌ لو أقسم علي الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل' فاستغفر لي ، فاستغفر له، فقال له عمر: أين تريد؟ قال الكوفة، قال: ألا أكتب لك إلي عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي، أي في وسط الناس. وهكذا نري أن هذا الحديث وضح لنا أن أويسا نال هذه المكانة بسبب مبالغته في البر بأمه والإحسان إليها، حتي جاء عن أصبغ بن زيد قال: إنما منع أويسا أن يقدم علي النبي صلي الله عليه وسلم بٌره بأمه، وكما أن البر بالأم والمبالغة في الإحسان إليها طريق الوصول والقرب لمرضاة الله تعالي.

فهل يكفي لبرها يوم واحد في العام؟ ام برها واسعادها يظل مع المخلصين علي الدوام؟ !!اهتم الاسلام بالوالدين-  وخاصة الام -  فاوجب برهما  كبارا وصغارا، سفرا ومقاما، احياء وامواتا !

في بعض المجتمعات - للاسف - وخاصة الاسلامية   ، بين ساعة واخري، بين يوم واخر، تجد من هو غير مسؤول وغير ادمي يفرغ اسرة من هذه الامومة فيقتل الام بلا سبب جوهري ، ويغيب بلا ذنب خفي او ظاهري، فضلا عن الضرب والقذف والسب ...!! فتحية لامهات الشهداء، وتحية اعظم للامهات الشهيدات في روضات الجنات...!!

الام المجاهدة تملك الريادة وتسعي الي الشهادة ، انها مدرسة اذا اعددتها اعدتت شعبا طيب الاعراق ، في محاريب العلم تجدها ، وفي ميادين الثقافة تجدها ، وفي ساحات الجهاد تجدها و في مواقف البذل والعطاء تجدها ...!!

لذلك امرالدين ببرها و إكرامها حية وميتة كيف ؟!!

عَنْ أَبي أُسَيْدٍ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ السَّاعِدِيِّ قَالَ:بينما نَحْنُ جلوس عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, هَلْ بَقِيَ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا؟ فقَالَ: نَعَمْ، الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا, وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا تُوصَلُ إِلَّا بِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا [أخرجه أبو داود في سننه]

أربعة أشياء أنت مكلف بأن تقوم بها بعد موت الأب والأم: الدعاء والاستغفار, مع كل صلاة، " رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب " انهما سبب الوجود، ومصدر الرعاية ومنبع السعادة ومورد الدفئ والحنان، ولا تننسي صلة الرحم التي لا توصل الا بهما واكرام صديقهما ...

اللهم ارحم امي رحمة واسعة وارحم امهات المؤمنين اموات واحياء ..

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه، ولايعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر