في مفاجأة من العيار الثقيل، كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني في تقرير له عن فضيحة جديدة لسياسات "عيال زايد" بالمنطقة، وهذه المرة كانت أفعال "ابن زايد" الخبيثة تستهدف تونس.

ويشير التقرير إلى أن شبكة تجسس إماراتية يشرف عليها "بن زايد" تم زرعها في تونس منذ 2016، حيث كانت تهدف لشراء ولاءات وذمم عدد من أعضاء البرلمان التونسي وتشغيل بعضهم كعملاء لأبوظبي من أجل تمرير أجندتها المعادية للثورة وللتيار الإسلامي هناك.

وأشار التقرير إلى أن وثيقة سرية إماراتية كشفت أن عملاء الإمارات بذلوا جهودا مضنية لتجنيد عملاء داخل البرلمان التونسي ، إلا أن المعلومات تتضمن أسماء عدد من الشخصيات التونسية المهمة المتواطئة مع الشبكة الاماراتية التابعة لجهاز أمن الدولة في أبوظبي.

واستمد التقرير البريطاني معظم معلوماته عن موقع "أسرار عربية" الذي يقول إنه حصل على وثيقة سرية سارية في دولة الإمارات كشفت وجود شبكة تجسس الإماراتية العاملة على الأراضي التونسية.

وأضاف أن مسئولا إماراتيا من الشبكة اجتمع مع نائب في البرلمان التونسي لترتيب شراء ولاء نحو 130 نائبا.

ويهدف اللوبي البرلماني إلى "الضغط على الحكومة لاستبعاد البرلمانيين لحزب حركة النهضة الإسلامية وتعزيز دور الامارات في وسائل الاعلام".

وكشفت الوثيقة أيضا هوية الضابط الإماراتي المسئول عن أنشطة التجسس في تونس وهو "سعيد الحافري" الذي تولى مسئولية أنشطة الاستخبارات الاماراتية خلفاً للضابط السابق الذي كان يعمل في تونس منذ ما بعد نجاح الثورة وهو (عبد الله حسن عبد الله الحسوني)، والذي سبق أن انكشف أمره وفرَّ من تونس هارباً على الفور إلى دولة الامارات.

والوثيقة التي حصل عليها موقع "أسرار عربية" عبارة عن رسالة موجهة من الضابط الحافري في تونس إلى مقر إدارة جهاز أمن الدولة الاماراتي في أبوظبي، وتحمل الرقم (881/ 2016)، ويعود تاريخها إلى 19 أكتوبر 2016 وتتضمن خطة الامارات لتجنيد عملاء وشراء ولاءات وذمم داخل مجلس النواب، بما يضمن في النهاية تمرير أجندات دولة الامارات عبر هؤلاء الأعضاء في المجلس.

وأطلقت الوثيقة على المشروع اسم "حزام برلماني يعمل لصالح الامارات في تونس" ، حيث تكشف الوثيقة عن لقاء بين ضابط أمن الدولة الإماراتي وبين عضو مجلس نواب الشعب (البرلمان) الدكتور شكيب باني، وهو عضو عن حركة “نداء تونس” ومقرر لجنة التخطيط والمالية في البرلمان التونسي، حيث أن المقترح جاء من طرف النائب شكيب باني لضابط الأمن الإماراتي الذي أوصى بالموافقة عليه والعمل على تنفيذه.

ونقل الضابط الإماراتي في الرسالة عن النائب في البرلمان التونسي شكيب باني قوله: "أعتبر نفسي من رجال الإمارات لما لها من توجه ونظرة اقتصادية مفتوحة ما يجعلها مثالاً يُحتذى في البلدان العربية والعالمية”.


وتقول الوثيقة إن "الحزام البرلماني التابع للامارات في تونس" يهدف إلى تقليص انتشار الإسلاميين التابعين لحركة النهضة في مفاصل الدولة وكذلك على المستوى الشعبي ، وتشير الوثيقة إلى أن "الحزام البرلماني" التابع للإمارات يجب أن يتكون من 130 نائباً.

يشار إلى أن مجلس نواب الشعب في تونس (البرلمان) يتكون من 217 مقعداً بالمجمل، ما يعني أن الأغلبية المطلقة في المجلس تحتاج إلى 109 نواب فقط.

وتقول الوثيقة إن "هذا الحزام البرلماني يمكنه تمرير القوانين ويمكنه الضغط على الحكومة والضغط على رئاسة الجمهورية"، ويؤكد النائب شكيب باني للضابط الإماراتي أن تكوين هذا الحزام البرلماني سهل لكنه يتطلب مساعدة الإمارات بإعطاء مقابل شهري لكل نائب يلتحق بهذا الحزام كـ3000 دولار على سبيل المثال، بحسب ما ورد في الوثيقة.

وتتابع الوثيقة إن هذا "الحزام البرلماني" يقوي الحظوظ في تمرير قوانين تساعد الإمارات على الدخول إلى الاقتصاد التونسي بالاستثمار عبر شركاتها أو شركات جديدة، بما يطور الاقتصاد التونسي ويعزز ثقة المواطنين التونسيين، الشيء الذي يُسهل تحييد النهضة عن الحكم شيئاً فشيئاً، وأيضاً يُمكن من تقليص قاعدتها الشعبية.. بهذه الطريقة ايضاً يمكن لنا أن نخترق كتلتها (أي النهضة) البرلمانية خاصة ونحن أمام استحقاق انتخابي وهو الانتخابات البلدية”.

ويرى النائب البرلماني العميل لأمن الدولة الإماراتي أن تشكيل "الحزام البرلماني" من شأنه أيضاً الضغط على الحكومة لاستبعاد العناصر النهضوية وذلك عن طريق الأسئلة الشفاهية والكتابية الموجهة لأعضاء الحكومة من النهضة وإبراز النقائض ونقاط الضعف في البرلمان، الشيء الذي يساعد على كسب ضغط شعبي لإقالة وإبعاد هؤلاء الأعضاء”.

ويقول النائب في المقترح الذي يطلب تمويله من الإمارات إنه من الممكن استخدام هذا الحزام البرلماني في التنسيق للخروج على المنابر الإعلامية بالعديد من النواب من أجل تحقيق هدفين، الأول هو طلب تطوير العلاقات مع الإمارات كحل لحلحلة المشاكل الاقتصادية في البلاد، والهدف الثاني هو ربح قاعدة شعبية عن طريق إقناعهم بأن الاقتصاد التونسي لا يمكن له أن يتطور إلا إذا استثمرت الامارات في تونس.

ويصف الضابط في أمن الدولة الإماراتي سعيد الحافري الذي نقل هذا الاقتراح إلى إدارته في أبوظبي، النائب التونسي شكيب باني بأنه من أقوى مصادرنا بحكم منصبه، وله تواصل مع كافة القوى السياسية والبرلمانية في تونس، إضافة الى تواصل مباشر مع رئيس الوزراء يوسف الشاهد لكونه من أقرب أصدقائه.

ويوصي الضابط الإماراتي بقبول الاقتراح وتمويله والعمل على تنفيذه فوراً، حيث ينهي رسالته إلى أبوظبي بالقول: "إنَّ دعم هذا المقترح سيختصر كل الخطوات والمقترحات في تدعيم وترسيخ قوة الإمارات على الساحة التونسية".

ولاحقاً لهذه الخطة فقد تم تحديد تفاصيل إضافية عبر رسالة ثانية بعث بها المسئول عن شبكة جهاز أمن الدولة الاماراتي في تونس، إذ يتبين بأن الإمارات خططت (وربما نفذت بعد ذلك) لشراء ذمم 109 نواب في البرلمان التونسي، وهم: 35 نائباً من حركة نداء تونس، و19 نائباً من حركة النهضة التي تحاربها أصلاً الإمارات، و15 نائباً من حزب "مشروع تونس"، و10 نواب من الجبهة الشعبية، والبقية من الأعضاء الآخرين في البرلمان.

وتأتي هذه الوثيقة ضمن جملة وثائق مسربة حصل عليها موقع “أسرار عربية” وتكشف حجم النشاط الأمني والتجسسي والاختراق الذي تقوم به دولة الامارات داخل تونس منذ سنوات، وتهدف به الى توجيه الحياة العامة والنشاط السياسي في البلاد بما يخدم مصالحها وأجنداتها، فضلاً عن أنَّ الوثائق تتضمن عدداً كبيراً من الأسماء الصريحة التي يتحفظ “أسرار عربية” على نشرها.