نشرت شبكة المشكاة الإسلامية بيانًا مشتركًا لـ12 رابطة علمية في العالم بشأن أحكام الإعدام في مصر.

ويأتي هذا البيان بعد الحكم الصادر مؤخرًا عن محكمة جنايات القاهرة الانقلابية؛ بإحالة أوراق الرئيس محمد مرسي، والدكتور يوسف القرضاوي، وقيادات جماعة الإخوان المسلمين، إلى مفتي الجمهورية؛ لإبداء الرأي؛ تمهيدًا لحكم الإعدام بحقهم، وذلك في قضيتي "التخابر مع حماس"، و"الهروب من سجن وادي النطرون".

وبحسب شبكة المشكاة، فقد نص البيان على ما يلي:

(بيان العلماء بشأن أحكام الإعدام الجائرة بمصر)

الحمد لله وحده وصلى الله على من لا نبي بعده وبعد:

فهكذا تتابع مشاهد إرهاب الدول لشعوبها متجسدة فيما أقدم عليه القضاء العسكري بمصر من إعدام ستة من الشباب المسلم في محاكمة مهزلية، وإصدار أحكام بالإعدام على أكثر من مئة شخصية على رأسهم رئيس البلاد الشرعي!! والكثير من العلماء الأجلاء والدعاة الصالحين!!

وفي ظل مؤامرات داخلية وخارجية. وبالنظر إلى شدة الخطوب الملمة بالأمة في هذه المرحلة العصيبة من تاريخها المعاصر، فإن الجهات العلمية الموقعة على هذا البيان للأمة يتقدمون بهذه النصيحة قيامًا بالواجب ووفاء بالعهد والميثاق الذي أخذه الله على العلماء في النقاط التالية:

أولًا: إن دين الإسلام وكل دين وشريعة وقضاء وقانون إلهي أو وضعي لا يبيح قتل الشرفاء الأبرياء على هذا النحو الذي لا يقره إنسان؛ إذ هو من الظلم المحرم الذي يعرض صاحبه للعنة الله قال تعالى: {أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِين} [هود 18].

ثانيًا: لقد أثبت الشرع والتاريخ والواقع أن التمادي في الظلم عاقبته وخيمة على الظالمين في الدنيا قبل الآخرة. وفي العالم الإسلامي أدلة شاهدة وأمثلة ناطقة في الحديث قبل القديم والعاقل من وُعظ بغيره قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:120]. قال تعالى: {أَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} [القصص 40]. وقال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} [القصص:59]

ثالثًا: إن الإعانة على الظلم والقتل خاصة من أكبر الكبائر وأعظم الجرائم وكل مشارك من قاضٍ وعسكري وسياسي وإعلامي متوعد بأشد العذاب الأخروي بعد الخزي والنكال الدنيوي، وفي الحديث الشريف: "لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمنٍ لأكبهم الله في النار" أخرجه الترمذي.

رابعًا: المطلوب شرعًا وعرفًا وتاريخًا من العلماء بمشيخة الأزهر وهيئة كبار علمائه ودار الإفتاء وسائر علماء مصر الكرام أن يعلنوا كلمة حقٍ هي من أعظم الجهاد. أو يعلنوا براءتهم من دماء المسلمين المحرمة، قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ } [البقرة :140] وليذكروا ذل مواقفهم بين يدي ربهم الذي له يسجدون: {يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [الدخان:41].

خامسًا: يناشد العلماء كل قادرٍ على منع الظلم من حاكم وسياسي وقانوني وحقوقي وهيئة إقليمية أو دولية أن يقوموا بواجبهم الذي يحفظ مصداقيتهم أمام شعوبهم وهيئاتهم والعالم بأسره، وليذكر الجميع أن اليأس قاتل وأن الإحباط قد يتحول إلى قوة مدمرة.

سادسًا: يناشد العلماء جميع الأطراف بتعظيم شأن الدماء ويحذرون من خطورة الولوغ فيها بغير برهان وحجة بينة بين يدي الله تعالى، وليحذر الجميع من وعيد قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93].

وأخيرًا: فهذه نصيحة إلى من يجادل عن الظلم والظلمة أن الحق أبلج والباطل لجلج، والله تعالى يقول: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ} [هود:113] ويقول سبحانه: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا } [النساء:109].

إن قوائم الضحايا أكبر وأعظم من قدرتكم على تلمس المعاذير أو تزيين القمع، وبدلًا من التمادي في الظلم والبغي فلنتدارك الأمر قبل أن يتفاقم وتسقط البلاد في دوامة من العنف الذي يدمر الشرق والغرب معًا.

اللهم أبرم لأمتنا أمر رشد يحقق العدل ويرفع الظلم ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويحمي الحق ويبسط الخير برحمتك يا أرحم الراحمين.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

صورة البيان: