أصبحت العمالة المصرية في الخارج كابوسا جديدا يطارد الانقلاب، حيث لم تلبث الحكومة الفاشلة أن تفيق من أزمة العمالة المصرية العائدة من ليبيا والتي توافدت بشكل مكثف خلال الأيام الماضية، حتى طفت على السطح أزمة جديدة مع حزم المصريين في اليمن حقائبهم للعودة إلى الوطن للفرار من جحيم الحرب بين التحالف العربي ومليشيات الحوثي ومن خلفه إيران. 

 وتوافدت على معبر السلوم والموانئ المصرية آلاف الأسر القادمة من الجوار الليبي فرارا من ردة الفعل الغاضبة من الشعب الليبي، بعد قرار سلطة الانقلاب التدخل العسكرى تحت دعوى محاربة داعش، ما أسفر عن سقوط قتلى مدنين بليبيا من بينهم أطفال ونساء، لتطفو الآن أزمة جديدة وهى العمالة المصرية في اليمن، والتي تتلقى هى الأخرى دعوات للعودة بعد تفاقم الأوضاع في اليمن خاصة بعد بدء عملية " عاصفة الحزم" التي قادتها دول الخليج بقيادة السعودية وتطوعت فيها مصر بقرار من سلطة الانقلاب.

وتقدر العمالة المصرية في اليمن بنحو 18 ألف عامل -بحسب مصادر مطلعة في وزارة القوى العاملة بحكومة الانقلاب- يعمل أغلبهم كمدرسين وأطباء وممرضين، كما يعمل ألف عامل منهم في مجال الزراعة، كما يعمل عدد قليل منهم في مجال البناء.

وتعانى العمالة المصرية في اليمن منذ اندلاع الاحتجاجات المطالبة بإسقاط الرئيس عبد الله صالح، من عدة مشكلات تمثلت -وفقا لتقارير مكتب التمثيل العمالي في صنعاء- في ضعف المرتبات والأجور والتأخر في صرفها وحدوث ازدواج تأميني لخضوع العامل لنظام التأمين والمعاشات في مصر واليمن، وزيادة رسوم تراخيص العمل بالنسبة العمالة الوافدة.

حكومة الانقلاب على الرغم من تفاقم أوضاع العاملين المصريين في اليمن، لم تجر وزارة القوة العاملة فيها أي اتصالات لمتابعة ما يتعلق بأوضاع العمالة المصرية، كما لم يتم الإعلان عما إذا كانت هناك اتصالات مع المسئولين اليمنيين في هذا الخصوص، بل إن التصريح الوحيد الذي خرج عن الوزارة بالأمس أكدت خلاله ناهد عشري، وزيرة القوى العاملة والهجرة، إن الوزارة ليس لديها مكتب عمالي باليمن، وإنها تتابع حاليا مع وزارتي الخارجية والتعليم، أوضاع العمالة المصرية المتواجدة هناك العمالة الليبية.

ولم تكن اليمن الدولة الأولى التي تشهد صراعات خارجية في ظل وجود العمالة المصرية بها، بل سبقتها دولة ليبيا، حيث تفاقمت أزمة العاملين في ليبيا على مدار العامين الماضيين وإزدادت سوءاً بعد قرار سلطة الإنقلاب بتوجية ضربات عسكرية على الحدود الليبية في فبراير الماضى، ما ساهم في عودة الآلاف.

من جانبهم، أكد الخبراء أن استمرار عودة العمالة من الدول العربية الى مصر، يمثل ضغطاً جديداً على الاقتصاد المصري، كما أنه سيؤدي إبى تفاقم من أزمة البطالة، يقول الدكتور أحمد غنيم -الخبير الاقتصادي-:" العمالة المصرية العائدة تمثل عبأ كبيرا للغاية على الاقتصاد المصري، مشيراً إلى أنه سيكون "مزدوجاً" لأنها ستزيد عدد العاطلين بمصر كما تفقد الاقتصاد جزءاً مهماً من التحويلات المالية التي تعتبر من أهم مصادر النقد الأجنبي لمصر بخلاف عائدات قناة السويس وحصيلة السياحة والصادرات.

ويشير غنيم في ورقة بحثية عن أضرار عودة العمالة المصرية إلى أن أزمة عودة العمالة المصرية في بعض البلدان المضطربة، لن تشعر بها مصر في الوقت الراهن، فهي "مشكلة مؤجلة" ستظهر حتماً عندما تستقر الأوضاع الحالية في البلاد.

وحول إمكانية توجه هذه العمالة إلى بعض دول الخليج للبحث عن فرص عمل أخري، استبعد غنيم ذلك تماماً، موضحاً أن هناك صعوبة في توفير فرص عمل بمنطقة الخليج مثلما كان سابقاً؛ لأن حالة التوتر في المنطقة والتي تشمل أغلب دولها لا تشجع علي ذلك.

بدوره، أكد الخبير الاقتصادي محمد النجار، إن عودة العمالة المصرية بعد الضربات العسكرية التي قامت بها مصر، ستزيد الضغوط على الاقتصاد المصري، مشيراً في تصريحات صحفية إلى أن نسبة البطالة في مصر 13.3% من إجمالي قوة العمل، كما تبلغ نسبة الفقر 26% متوقعا زيادة هذه النسب بعد عودة العمالة المصرية من عدد من الدول المتوترة.